يواجه المقدسيون في الأقصى حروبا عديدة، ويحارب باب الرحمة بشكل خاص في محاولة للبقاء والصمود في وجه الاقتحامات اليومية والمحاولات (الإسرائيلية) لتهويدة والبدء في المشاريع الاستيطانية المطلة عليه.
وقد أطلق المقدسيون مبادرة جديدة، وهي مشروع يهدف لإعمار مصلَّى باب الرحمة في المسجد الأقصى المبارك حتى يظل عامرا مفتوحا أمام المصلين، ولمنع الجنود من إغلاقه والسيطرة عليه، خاصة أنه منع تجديد السجاد والأثاث في داخله، ووضع مكتبة للكتب والمصاحف.
ويحمل المشروع المقاوم الجديد اسم (قناديل الرحمة)، ويقوم على التناوب بين أبناء الأقصى على التواجد في المصلى لقراءة جزء من القرآن ساعة بعد أخرى داخله ليظل مفتوحا عامرا بالقراء والمصلين.
وقبل أيام اقتحم عشرات المستوطنين، المسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية في باحاته، وأدَّوا طقوساً تلمودية في الجهة الشرقية منه بحراسة من شرطة الاحتلال ثم اقتحمت مخابرات الاحتلال بالأمس، مصلى باب الرحمة، بعد أن أخرجت أحد حراس دائرة الأوقاف الإسلامية منه، ومنعته من الدخول.
ويتعرض المصلى لاقتحامات متكررة وتضييق على المصلين الذين يتواجدون فيه، منذ إعادة فتحه في 2019، حيث تعمدت مرتين تخريب شبكة الكهرباء، والإنارة فيه، واستولت على عدد من المقتنيات.
وقد أغلق عناصر المخابرات الصهيونية الباب على أنفسهم واستفردوا بالمصلى لأكثر من ساعة من الزمن ما بين الثامنة والتاسعة والنصف صباحاً قبل أن يفتحوا الأبواب ويغادروا دون أن يعلم أحد ما فعلوه خلال مكوثهم في مصلى باب الرحمة.
ويعلق المختص بقضايا بيت المقدس زياد ابحيص قائلا:" ويأتي هذا الاقتحام ليعزز المخاوف بشأن أشكال العبث التي تمارسها قوات الاحتلال في المصلى، وكان عدد من المصلين والمرابطين قد عبروا سابقاً عن مخاوفهم من زرع قوات الاحتلال لأدوات تنصت وكاميرات سرية في المصلى الذي فتح رغم أنف الاحتلال في هبة باب الرحمة في 2019.
ويقول المختص بقضايا الأقصى عبد الله معروف معلقا على الاقتحامات التي حدثت أخيرا: "ما حدث أخيرًا أكد أن (إسرائيل) لم تنس قضية الباب بعد، وأنها تريد إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل أحداث فبراير/شباط 2019، حين أنهى المقدسيون إغلاقًا (إسرائيليا) كاملًا لباب الرحمة امتد 16 عامًا.
ويضيف معروف: "منذ ذلك الوقت بدأت الحرب الفعلية على ملكية المصلى، (فإسرائيل) كانت ترى في هذا المكان أملًا لبدء تنفيذ رؤيتها في تقسيم المسجد الأقصى المبارك بين المسلمين واليهود، وذلك باعتبار المكان "منسيا" مدة 16 عامًا".
ويؤكد أن هجران المصلى، حوّل المنطقة المحاذية لباب الرحمة إلى مركز ثابت لمستوطني جماعات المعبد المتطرفة، الذين يقيمون طقوسهم ودروسهم الدينية في المكان دون السماح للمسلمين من الاقتراب منهم".
ويضيف معروف: "ولذلك فقد كان من الطبيعي أن يكون تحويل باب الرحمة إلى كنيسٍ فكرةً مطروحةً على طاولة الحكومة (الإسرائيلية) بانتظار اللحظة المناسبة لتطبيقها كما حدث عند تقسيم المسجد الإبراهيمي في الخليل عام 1994. "
بدوره، يرى الدكتور خليل التفكجي أن الاحتلال يريد أن يبني كنيسا داخل باب الرحمة فيبدأ كالعادة بالرواية الدينية قبل أن يطوق المكان بالمستعمرات.
ويذكر أن الاحتلال يقول في روايته أن المسيح سيدخل من باب الرحمة ليعيد بناء مدينة داود الدينية ومن هنا يبدأ والجمعيات هي التي تمول هذه المشاريع الاستيطانية، حتى ترفع الحكومة يديها من المشهد العام، مبينا أن الحكومة لا تدعم، لكن الجمعيات تدعم، وهذه طريقة الاحتلال، خلق جمعيات تخدم مشروع الحكومة الاستيطاني