قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: وأد المقاومة عشم إبليس في الجنة!

محمد إسماعيل ياسين

بعد عقدين على عملية السور الواقي التي عاث خلالها جيش الاحتلال الإسرائيلي فساداً وإفساداً وتدميراً وقتلاً في الضفة الغربية في محاولة يائسة حينها لوأد المقاومة الباسلة، يعود جيش الاحتلال من جديد بأرتاله العسكرية وطائراته المسيرة وغيرها وجنود وحداته المقاتلة محاولاً كسر شوكة مدينة جنين ومخيمها الباسل عاكساً بذلك مدى خشيته وقلقه الواضح من تنامي قدرات المقاومة وإدراكه بأن نموها يعني مزيداً من فقد الأمن للمستوطنين وكيانه الهش تمهيداً لزواله عن الأراضي الفلسطينية، متجاهلاً الوقائع والحقائق المؤكدة أن الضربات لم تزد المقاومة إلا إصراراً على مواصلة التحدي ومواجهة الاحتلال بكل عنفوان وبسالة. 

إن حجم العدوان الإسرائيلي الواسع على جنين ومخيمها الباسل يأتي في سياق سعي بنيامين نتنياهو لتأمين صورة نصر عجز عن تحقيقها خلال عدوانه المتكرر على قطاع غزة، فضلاً عن محاولته قطع الطريق على تكرار نموذج القطاع الذي شب على الطوق وبات قادراً على تأديب الاحتلال وإرباك حساباته، غير أن حشد قوات كبيرة وآليات عسكرية بهذه الكثافة للهجوم على جنين وحدها يجسد صورة عجز وفشل أكثر من أي شيء آخر، كما يبرز حجم المخاوف التي أثارها الكمين المحكم الذي أفضى لإصابة عدد من جنود الاحتلال وإعطاب العديد من الآليات العسكرية المحصنة بعبوات مصنعة محلية مؤخراً، فضلاً عن الصور التي ظهرت لمحاولة إطلاق صاروخ محلي من الضفة الغربية لأول مرة. 

ومما لا شك فيه، أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتفتيت وحدة الساحات من خلال الاستفراد بجنين حالياً والانتقال لغيرها لاحقاً، وهذا ما لا ينبغي السماح به بحال من الأحوال، ويجدر بذل أقصى الجهود لقطع الطريق عليه من خلال إسناد جنين وإشغال جيش الاحتلال بمختلف الساحات باعتبار وحدتها عنصر قوة للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة ونقطة ضعف للاحتلال الإسرائيلي ومؤسسته الأمنية والعسكرية، لاسيما أن ترديد شعار وحدة الساحات دون ترجمته على أرض الواقع بالمستوى المطلوب والمأمول أقصر الطرق لإحباط الحاضنة الشعبية للمقاومة، كما يشجع جيش الاحتلال على المضي قدماً في مخططه للاستفراد بالساحات بأريحية.

ومن نافلة القول، إن المقاومة كأمواج البحر تتراوح بين مد وجزر، فقد تخبو حيناً لكنها سرعان ما تسترد عافيتها وتنطلق بقوة من جديد، فلا سبيل لاجتثاثها مهما صب الاحتلال جام غضبه وفشله عليها كونها نابعة من إيمان عميق بحق الشعب الفلسطيني بأرضه ومقدساته، ووقودها إصرار فرسانها البواسل على الانعتاق من نير الاحتلال الإسرائيلي البغيض، لذا يصدق فيها القول: وأد المقاومة عشم إبليس في الجنة، ومجرد سراب تسعى إليه قوات الاحتلال الظامئة لصورة نصر ولشيء من الهدوء والأمن غير أنها تزداد عجزاً وفشلاً ولا تحصد سوى المزيد من صور الهزيمة المرة.

البث المباشر