قائد الطوفان قائد الطوفان

129 قتيلا منذ بداية العام

أرقام قياسية لقتلى الجرائم بالداخل.. وشرطة الاحتلال تغمض عيونها

الرسالة نت- رشا فرحات

بعد انسدال الليل، بدأ الأصدقاء ينسحبون من منزل عائلة عماش في جسر الزرقا بالداخل المحتل بعد سهرة جميلة، بقيت الأم وأبناؤها محمد ورشا وعماش، وماهي إلا لحظات ليقتحم بعدها مسلح باحات الدار ويطلق النار باتجاههم، ما أدى إلى وفاة محمد أولا، ولاحقًا شقيقته رشا!

هذا الكابوس غير المنتهي الذي تعيشه بلدات ومدن الداخل المحتل حدث في ليلة الأمس، ليرتفع عدد الجرائم منذ بداية العام إلى 129، وهذه هي الجريمة 21 خلال 22 يومًا في تموز فقط.

ويستهجن فلسطينيو الداخل تقاعس شرطة الاحتلال والاستهتار في كشف الجريمة ومحاولة الترويج لفكرة "الأسباب خلاف بين العائلات العربية" أو "واجهوا مصيركم بأنفسكم".

رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل محمد بركة يقول إن الفلسطينيين يواجهون حملة تفكيك للمجتمعات الفلسطينية منذ عام 2000، وآخرها نشر عصابات الإجرام، لصرف النظر عن القضية الأساسية وهي الاحتلال، وتوجيه المجتمعات الفلسطينية وإشغالها بالبحث عن الأمن والأمان وإحصاء عدد القتلى، ولكننا يجب أن لا ننسى أن هناك لاعبا خفيا يسعى لعملية التفكيك المجتمعي. 

وأوضحت المعطيات أن عدد الضحايا الفلسطينيين بالداخل بلغ ما يقرب من 3 أضعاف القتلى اليهود (173 قتيلا) خلال السنوات الأربعة الأخيرة، كما أن 95% من جرائم القتل اقترفت بواسطة أسلحة نارية.

وبيّنت شرطة الاحتلال أن عدد القتلى الفلسطينيين خلال العام 2023 حتى تاريخ اليوم، كان أكبر بكثير من عدد القتلى في العامين الماضيين بالمعدل الشهري.

الصحفي بكر الزغبي من الداخل المحتل يعلق قائلا: "كل خارج عن القانون في أي مكان في العالم يحاسب بالقانون، ليس من الطبيعي أن يتم التعامل مع الجريمة بمبرر كما تفعل الشرطة، هناك تطبيع للجريمة في الداخل المحتل، من الطبيعي أن تصيب الناس حالة رعب حينما يسمعون عن جريمة قتل".

ويوضح الزغبي معنى تطبيع الجريمة بالقول: "اليوم يتعامل الناس مع الجريمة على أنها شيء عادي، مشهد الزوجة تحتضن زوجها المقتول على الشارع الرئيسي، عاجزة، موجع ويدمي القلب.. ولكن ما يدمي القلب أكثر، أن هذا المشهد هو جزء من مشاهد أخرى نقلت من ساحة الجريمة، يعني بعض الذين تواجدوا، أول ما فعلوه هو أن صوروا هذه المشاهد البشعة، كأن الذي أمامهم مجرد حدث عادي وليس جريمة قتل بكل بشاعة وفظاعة معناها، ثم يتم تناقل الصور والفيديو، وتصبح جزءا من المشهد العادي والطبيعي والمألوف لحياتنا". 

يرى الزغبي أن فلسطينيي الداخل لم يعودوا يعتبرون القتل شيئا غريبا، ويجلدون أنفسهم لأن الاحتلال يحاول إقناعهم أن المشكلة في البيئة العربية، مع إنكار السبب، وهو تسريب السلاح إلى داخل هذه المجتمعات، والمجتمعات العربية مبنية على قاعدة العائلة كما في كل مدن الضفة ولكن الرادع في العالم هو سلطة القانون، وهنا لا سلطة للقانون ولا للعائلة، لأن (إسرائيل) ألغت مبدأ العائلة، ولم تعط القانون سلطة، بل سحبته قصدا لتعم الفوضى.

يقع اللوم على الجميع، لكن الحل الوحيد من وجهة نظر الزغبي أن يبدع فلسطينيو الداخل بطرق النضال والمظاهرات، منوها إلى أن هناك مظاهرة ستكون في 30 يوليو، حيث سيحمل المتظاهرون توابيت بعدد قتلى المؤامرة والفلتان الأمني ويسيرون في منتصف تل أبيب، في محاولة إثبات أن سبب انتشار الجرائم في المجتمعات العربية هو استهتار الشرطة وحكومة الاحتلال في التعامل معها.

قدري أبو واصل المحلل السياسي المختص بالشأن (الإسرائيلي) في الناصرة قال في مقابلة مع الرسالة: "إذا وقعت الجريمة بحق يهودي فإن الحكومة تكتشف القاتل وتحاكمه بشكل سريع وفوري، لذلك ترى الجريمة أقل في المجتمع اليهودي، لأن قتل الفلسطيني لا رادع له، وهذا مشروع صهيوني واضح يديره الآن بن غفير، وهو السعي لنشر الجريمة في المجتمعات العربية، ولكنه وصل الآن إلى مرحلة لا يستطيع السيطرة عليها".

ويضيف أبو واصل: "بن غفير اعترف قبل أيام خلال مؤتمر بالناصرة حول قضايا القتل أن الشاباك والمخابرات داخل هذه العملية، قالها بالحرف الواحد: "لقد قلت لكم أنني سأدخل الشاباك والمخابرات"، وهناك ضباط كبار في الشرطة (الإسرائيلية) متورطون في عمليات القتل، وكثير من أعضاء عصابات الإجرام تحميهم المخابرات وتمنع الشرطة من اعتقالهم، حسب تأكيد أبو واصل.

البث المباشر