تحرر المبعد إلى غزة سعيد بشارات بعدما أمضى 9 سنوات و7 أشهر في سجون الاحتلال لانتمائه لكتائب القسام وتنفيذه عمليات مقاومة، أبرزها مشاركته في عملية بمستوطنة "الحمرا " شرقي مدينة نابلس عام 2002، أدت لمقتل أربعة جنود ومستوطنين وإصابة أربعة آخرين.
مر ما يقارب الـ 11 عاما على خروج بشارات من سجون الاحتلال وابعاده إلى قطاع غزة ، تزوج خلالها وكون عائلة تشارك تفاصيلها اليومية مع الجد والجدة القاطنين في قرية طمون بمحافظة طوباس.
كثيرا ما حلمُ بشارات بلقاء عائلته، وتمنى والديه احتضانه وابناءه، فالصور والفيديوهات التي يرسلها لهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم تروي ظمأنهم، فالعمات والأعمام أيضا يريدون التعرف على أبناء أخيهم الذين ولدوا وكبروا بعيدا عنهم.
وأخيرا وبعد 10 أعوام تحقق الحلم فصغار بشارات "محمد وأسيل" سيقابلون العائلة في بلدة والدهم.
دون تخطيط عائلي، كان نشاط رياضي مشترك ما بين الضفة وغزة يشارك فيه صغار بشارات عبر نادي "تشامبيونز" سببا لاجتماع العائلة في الضفة الغربية .
ودع بشارات صغاره وهو يحملهم سلامات لأفراد العائلة، ويوصيهم بجدهم وجدتهم ويذكر لهم أسماء أعمامهم وعماتهم الذين سيقابلونهم لأول مرة ويصنعون ذكريات قليلة تبقى معهم حتى يحين اللقاء مرة أخرى.
لأول مرة يتوجه الصغار إلى الضفة المحتلة، حالة من الانبهار اصابتهم حين كانوا يمرون بالباص عن القرى المهجر أصحابها، يرددون "اطلع ما أحلى الأراضي، لا يوجد مثل هذه الأماكن" في إشارة لجمالها.
وثقت العائلة تفاصيل اللقاء عبر فيديو سجله بشارات من غزة وشقيقه في الضفة، كانت تظهر فيه ملامح اللهفة والشوق على الجد والجدة، فهم يحتضون أحفادهم لأول مرة يشمون فيهم رائحة ابنهم المبعد منذ 11 عاما، فهم يحملون ملامحه وصفاته بطريقة حديثهم وحتى ضحكتهم.
ولأول مرة أيضا يعرف "محمد وأسيل" معنى الجد والجدة الذين قضوا معهم ساعات قليلة، لكن فيها الكثير من الذكريات التي ستبقى محفورة في عقولهم وسيقصون تفاصيلها لوالدهم " ماذا همس لهم الجد، وماذا أهدتهم الجدة، وكيف احتضنتهم العمة، وماذا أسر لهم العم عن مواقف مضحكة لوالدهم وهو صغير"، ولن تنسى أسيل مزاح عمها الذي يشبه والدها بالملامح وحتى عند تدليلها.
صور عائلية تذكارية التقطت في بيت الجد، وفي المطعم والأسواق حفظت لتبقى ذكرى دائمة إلى أن يعاد اللقاء مجددا، فهذا بيت جدهم تشاركوا فيه اللعب والضحك برفقة أولاد عمومهم.
أما وقت النشاط الرياضي الذي كان سبب في وصلهم للضفة، لم يشعروا أنهم وحدهم كبقية الفريق، فهم أساسا أبناء المدينة، فيما ملأ ذويهم مقاعد المشجعين فهذا عمهم الذي يشجعهم لوهلة ظن "محمد" أنه والده، وتلك عيون أبناء العمومة الصغار يترقبون احراز الهدف لينتفضوا مهللين.
انتهى النشاط الرياضي دون أن يمضي مرور الكرام، فهدايا العائلة وعلى ذوق الصغار متنوعة، فالجميع يريد أن يعوضهم ولو قليلا عن البعد الذي فرضه الاحتلال (الإسرائيلي) لتمزيق شمل الأسرة.
ولم تكن الهدايا للصغار فقط، بل حمل "محمد وأسيل" هدايا من نوع خاص إلى والدهم ومنها برطمان الزيتون الذي صنعته الجدة خصيصها لابنها "سعيد" فهو لم يتذوق للزيتون طعما منذ سنوات طويلة، نشر عبر صفحته الفيسبوك الهدية وعلق " زيارة تاريخية، ومشاعر أكثر من تاريخية، وهدايا لها في قلبي قبل فمي معنى آخر".