قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: رسائل "صفع" (اسرائيل) من قبل الشعبي الليبي!

بقلم/ أحمد اللبابيدي

إقالة وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش عقب الاحتجاجات الشعبية الرافضة للقائها بوزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين تحت المظلة الأمريكية، تحمل في طياتها رسائل ضمنية تم ايصالها فعليًا للأطراف التي تسعى إلى تجاوز القضية الفلسطينية والصراع الممتد على الأرض والمقدسات منذ عشرات السنين.

هذه الأطراف التي تريد بحصر "فلسطين" الوطن والقضية بالشعب الفلسطيني وسلخها عن امتداداها العربي والاسلامي من خلال تصوير ما يدور في الأراضي الفلسطينية على أنها صراع محدود بين الفلسطينيين و"الاسرائيليين"، تلقت "صفعة" لن نبالغ حين نقول بأنها ستجبرهم على إعادة حساباتهم وستعرقل مخططاتهم الرامية لعزل القضية الفلسطينية عن عمقها الديني والعربي.

فلم يكن من المتوقع أن شعبًا كالشعب "الليبي" العظيم الذي زُج به في أتون حرب أهلية دامية أنهكته وأشغلته في مشاكله الداخلية، أن يخرج بهذا الزخم رافضًا للقاء تمهيدي لتطبيع العلاقات بين حكومة الاحتلال والحكومة الليبية، ما يُعد رسالةً واضحة بأن بالشعوب العربية بالرغم ما تعيشه من أزمات طاحنة وبالرغم ما أُعد لها بليل لإشغالها عن قضايا الأمة لا يمكن لها أن تتساهل فيما يتعلق بـ"فلسطين".

أما الرسالة الثانية التي وصلت تلك الأطراف من "الصفعة" التي تلقتها من الشعب الليبي تتمثل في استحالة "تطبيع" العلاقات بين الشعوب العربية ودولة الاحتلال وإن قبل بذلك بعض الأنظمة فهذا القبول لا يمثل الرأي العام الشعبي وهو ما هو إلا "فقعات" كشف زيفها "الغضب" الشعبي الليبي.

 يبتع ذلك، رسالة للاحتلال "الاسرائيلي" وحكومته التي طالما تغنت بتحقيق بعض الاختراقات في علاقاتها مع المحيط العربي، بأن هذه الاختراقات التي نجحت في ظل مساومة بعض الأنظمة للحصول على الدعم المادي وشرعنتها خاصة تلك التي أرسيت دعائمها بعد انقلابات "عسكرية"، لن تحقق لـ"اسرائيل" ما تشدو إليه في المنطقة العربية من سلام وتثبيت وجود وشرعنة الاحتلال!.

 والرسالة الأخرى هي للولايات المتحدة التي ترعى ما يُسمى بـ" عملية السلام"، بأنه لا مكان لـ"إسرائيل" في المنطقة وأن استمرار سياستها في انكار حقوق الشعب الفلسطيني وتجاوز آلامه ومعاناته والوقوف إلى جانب الاحتلال لن تُجدي نفعًا ولن تحقق لأمريكا ما تسعى إليه من الحفاظ على مصالحها في المنطقة العربية، وأن بوابتها الحقيقية هي الوقوف إلى جانب الفلسطينيين لا عدوهم الذي احتل أرضهم وهجر شعبهم ودنس مقدساتهم.

أما الرسالة التي تلقتها الأنظمة العربية سواء المطبعة أم تلك التي تسعى للتطبيع مع الاحتلال فهي بأن الشرعية تستمد من الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية لا مع الاحتلال "الاسرائيلي" وأن ما حدث في ليبيا من غضب شعبي عارم ضد لقاء التطبيع ما هو إلا مثالًا عن موقف الشعوب العربية التي وإن صمتت لظروف خاصة بها إلا أنها تتماثل مع الشعب العربي في موقفها من القضية الفلسطينية ومن التطبيع مع "الاحتلال".

ولكن الرسالة الأهم التي خلفتها الصفعة التي مُنيت بها "اسرائيل" هي للشعب الفلسطيني ومقاومته بأن الشعوب العربية لا تزال تحتضن فلسطين بآلامها وأوجاعها وأنها مستعدة لتقديم ما يلزم وفق امكانياتها نصرةً للقضية الفلسطينية، و ما يتطلب منا نحن "الفلسطينيين" جهدًا مضاعفًا في الإبقاء على جذوة الصراع مشتعلة لتهلب الاحتلال من ناحية، وتبقى القضية حية في الوجدان العربي، بعيدًا عن قضايا الخلاف الداخلي.

البث المباشر