من الواضح أن إعلان رئيس حكومة الاحتلال، "بنيامين نتنياهو" بناء جدار على طول الحدود الشرقية مع الأردن، يعكس حجم الأزمة التي بات يعاني منها كيان الاحتلال، وتهدف لتحقيق مآرب أخرى غير تلك التي أعلنها.
ووفق نتنياهو فإنه سيتم بناء جدار على طول الحدود الشرقية مع الأردن، لـ"ضمان عدم تسلل" طالبي اللجوء من أفريقيا إلى دولة الاحتلال، وقال "لقد أقمنا جدارا على حدودنا الجنوبية (مع مصر) وأوقفنا التسلل من هناك إلى (إسرائيل)".
وادعى مضيفا: "بذلك منعنا تسلل أكثر من مليون شخص من أفريقيا، الأمر الذي كان سيدمر دولتنا". وتابع: "الآن سنقوم ببناء سياج على حدودنا الشرقية (مع الأردن) ونضمن عدم التسلل من هناك أيضًا".
وفي وقت اعتبر "نتنياهو" أن الهجرة غير القانونية من أفريقيا تشكل "تهديدا حقيقيا لمستقبل (إسرائيل)"، داعيا إلى إعداد خطة لإخراج جميع المتسللين من بلاده.
يأتي ذلك غداة إعلانه تشكيل لجنة وزارية خاصة للنظر في اتخاذ إجراءات ضد من وصفهم بـ"مثيري الشغب"، بعد احتجاجات نظمها طالبو لجوء إريتريون، السبت، في مدينة تل أبيب.
ويرى الكاتب والمختص في الشأن (الإسرائيلي) الدكتور صالح النعامي، أن إعلان نتنياهو اليوم بناء جدار على الحدود مع الأردن ينطوي على دلالات سياسية بعيدة المدى.
ويضيف النعامي في حديثه لـ(الرسالة) أن هذه الخطوة تعني عمليا ضم الضفة الغربية (لإسرائيل)، على اعتبار أنه يمثل، حسب منطق نتنياهو، الحدود مع الأردن، ورفض ضمني لوجود أي كيان فلسطيني غرب الجدار.
ويبين أن هذا القرار جاء عقب ما جرى من أحداث ونزاع بين اليهود الإيريتريين وشرطة الاحتلال في تل أبيب، فيما يهدف من ناحية أخرى لمنع تهريب السلاح ووصوله للمقاومة في الضفة المحتلة.
ويوضح أن الاحتلال يتخوف من الواقع في الأردن، خشية اندلاع أحداث يمكن أن تؤدي لتغيير النظام وتصبح منطقة الحدود تهدد استقرار الاحتلال، أو تكرار ما جرى من اندفاع شعبي على الحدود تضامنا مع الفلسطينيين كما جرى في الحرب الأخيرة على غزة صيف مايو 2021.
فيما يعتقد الكاتب والمختص في الشأن السياسي الدكتور أيمن الرفاتي، أن إعلان نتنياهو جاء في إطار استكمال بناء الجدر الأمنية المحيطة بدولة الاحتلال وهو مشروع بدأه منذ العام 2002 بالسور الواقي في الضفة ثم غزة ثم مع الحدود اللبنانية والمصرية واليوم يتحدث عن الأردن.
ويوضح الرفاتي لـ (الرسالة) أنه يأتي نتيجة استشعار نتنياهو لحجم المخاطر المحدقة بدولة الاحتلال وتغير البيئة المحيطة بها ووجود تغيرات في الدول المحيطة قد تحدث في أي لحظة ووقت وتؤدي لتغير الأنظمة الموجودة ووصول أنظمة لا تتماشى مع السياسة (الإسرائيلية).
ويشير إلى أنه إلى جانب ذلك يخشى الاحتلال من وصول السلاح للمقاومة في الضفة، من أطراف محور المقاومة عبر الأردن لذلك جاء التركيز كنوع من الحلول التي يطرحها نتنياهو على الجمهور (الإسرائيلي) الذي ظهر أمامه نتنياهو عاجزا في ظل تصاعد مقاومة الضفة.
ويلفت إلى أن نتياهو يريد أن يعزز المناطق الحدودية نظرا لطول الحدود الأردنية وأن فرص التهريب ستكون كبيرة وحرس الحدود لا يمكن أن يحميها في ظل تنامي المخاطر على هذه الجبهة ومقاومة الضفة التي لا تجد أمامها سوى حدود الأردن، لا سيما بعد عملية تهريب العبوات التي تم ضبطها وكانت ستصل للضفة.