منذ أكثر من 400 يوم على بداية حرب الإبادة على غزة لم تتغير مواقف سلطنة عُمان الرسمية والدبلوماسية والدينية والشعبية الداعمة للقضية الفلسطينية والمتفاعلة بشكل واسع مع أحداث الحرب في غزة وتأثيراتها دون أن تتأثر بمرور الأيام والأشهر.
وحملت سلطنة عُمان راية الدفاع عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني في المحافل الدولية والرسمية والدبلوماسية بمواقف متعددة ومتنوعة تحت غطاء واحد للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني ووقف الحرب على غزة.
وعلى منصة الأمم المتحدة وعلى لسان وزير خارجية سلطنة عُمان السيد بدر البوسيعدي لم تتراجع عُمان عن خطابها المنادي بصحوة العالم والمنظمات الدولية لوقف الإبادة في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية ومنح الشعب حقه في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
دعا وزير الخارجية العُماني، بدر البوسعيدي، الدول الغربية إلى إجبار الكيان الصهيوني على إنهاء عدوانه في الشرق الأوسط، مؤكداً أن ما تتمّ تسميته في السياسة والإعلام الغربيين بـ"وكلاء إيران"، هو ليس صحيحاً، إنما هي حركات مقاومة وطنية قامت نتيجة احتلال "الكيان الصهـيوني" للأراضي الفلسطينية.
وفي تصريحات لوسائل إعلام مختلفة قال وزير الخارجية العماني إن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني لفلسطين هو السبيل الوحيد الذي يمكننا أن نأمل في استعادة السلام إلى المنطقة، وأي شخص يعتقد أننا قادرون على تحقيق السلام بوسائل أخرى، فإما أنه مخدوع أو ساذج أو يحاول عمداً تجنب الحقيقة.
حماس حركة مقاومة وطنية
وتواصلت مواقف البوسعيدي المكتسبة من المواقف الرسمية للسلطنة بدعوة القوى الغربية لإجبار (إسرائيل) على إنهاء هجماتها في منطقة الشرق الأوسط، مشدداً على أن حزب الله وحركة حماس ليسا السبب في عدم الاستقرار بالمنطقة، والتعامل مع إيران كقوة معادية هو أجندة رئيس وزراء الاحتلال (الإسرائيلي) ولا ينبغي لأي دولة أخرى اتباعها.
وأعاد وزير الخارجية البوسعيدي تصنيف حماس على أنها حركة مقاومة وطنية، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون هناك نوع من القيود المفروضة على (إسرائيل) لوقف عدوانها، مشيراً لضرورة استخدام فرنسا وبريطانيا تقييد مبيعات الأسلحة للضغط على إسرائيل بوقف الإبادة.
وقال أيضاً: "لم يكن لدينا حماس في الأساس لو كنا قد عالجنا جذور الأزمة، وهي احتلال (إسرائيل) للأراضي الفلسطينية، الذي أدى إلى ظهور حركات المقاومة الوطنية في كل مكان.
ضد التطبيع
ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن وكيل وزارة خارجية سلطنة عمان للشؤون السياسية، الشيخ خليفة بن علي بن عيسى الحارثي، أن لا نية لبلاده في التطبيع مع (إسرائيل)، مؤكدا أن التطبيع مع دول بالمنطقة لم يمنع (إسرائيل) من التنكيل بالفلسطينيين.
وأوردت الوكالة -عن حوار لها مع المسؤول العماني- بشأن التقارير عن مساع أميركية في وقت سابق لتطبيع العلاقات بين مسقط وتل أبيب أن سلطنة عمان تهتم بالتوصل لحل القضية الفلسطينية وهي الأولوية الآن وليس التطبيع من عدمه.
وأكد الحارثي أن إعطاء الفلسطينيين حقوقهم، هو الهدف الذي يجب أن يسعى إليه المجتمع الدولي والأمم المتحدة، وبتحقيقه يُجلب الأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط".
وأضاف المسؤول العماني "كما يلاحظ أن التطبيع الذي تم مؤخرا بين (إسرائيل) وعدد من دول المنطقة لم يحقق هذا الهدف، بل استغلته (إسرائيل) للتنكيل بالفلسطينيين والمماطلة والتسويف، دون إعطائهم حقوقهم لقيام دولتهم المستقلة، وفق ما نصت عليه القرارات الدولية".
المواقف الدينية والمفتي العام
لم يكد يمر أي حدث أو موقف خلال الحرب على غزة إلا ويعلّق سماحة الشيخ أحمد الخليلي مفتي سلطنة عمان بموقف داعم للمقاومة والشعب الفلسطيني ورافضاً للإبادة التي يرتكبها الاحتلال في غزة.
وتعددت مواقف الشيخ الخليلي خلال الحرب على غزة، فمنذ بدايتها يحذر من خطورتها تارةً، ويشيد بصمود المقاومة، ويدعو الشعب العماني والشعوب العربية لدعم غزة في كل مكان.
هذه المواقف الدينية المستمرة للشيخ الخليلي جعلته محط أنظار الكثير من المعادين الذين استهدفوه بالإساءات والتهجم على وسائل التواصل الاجتماعي لأجل مواقفه الداعمة لغزة والتي لم تتغير مع مرور الأيام وخاصة الدعوة المستمرة للمقاطعة الشعبية للمنتجات والشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.
وشدد الشيخ الخليلي في أكثر من مرة على أهمية المقاطعة للشركات الداعمة للاحتلال، فيما أدان تعمد الاحتلال الإسرائيلي قتل الصحفيين في غزة، والحرب البشعة وسياسة التجويع والجرائم التي تحدث في شمال غزة، داعياً الضمير الإنساني العالمي والأمة الإسلامية لوقفها.
ولم تتوقف المواقف الدينية على سماحة الشيخ الخليلي فقط، بل شملت كل المشايخ والدكاترة وأصحاب التأثير الديني في السلطنة الذين تنافسوا في دعم القضية الفلسطينية وتوعية الشعب العماني باستمرار بالعمل على الوقوف إلى جانب الفلسطينيين دعماً معنوياً ومالياً.
مواقف شعبية ومقاطعة واسعة
لا تكاد تخلُ ساعة واحدة من تضامن الشعب العماني على منصات التواصل الاجتماعي والمشاركة في فضح الجرائم الإسرائيلية في غزة والتفاعل معها على نطاقات واسعة، ومحاولة التأثير في الحفاظ على نهج الشعب العماني الداعم بفطرته للقضية الفلسطينية.
منصة "X" على وجه التحديد تشهد منافسة كبيرة بين المغردين العمانيين بشكل يومي على نصرة القضية الفلسطينية والمطالبة بوقف الحرب على غزة، والداعمة لمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال وهو ما ظهر في أكثر من فعالية طالب فيها العمانيون بإلغائها نتيجة ارتباط رعايتها بشركات تدعم الاحتلال مالياً أو ما اعتبروه تطبيعاً بطريقة أخرى وهو ما تسبب في إلغائها رسمياً.
وسائل الإعلام العُمانية خلال الحرب
للوهلة الأولى تظن أن الكثير من وسائل الإعلام العُمانية هي وسائل إعلام فلسطينية لكثرة تناول الموضوعات والأخبار المتنوعة ومتابعة أحداث الحرب على غزة منذ اليوم الأول وتغطية شاملة وواسعة ومتنوعة بكل أصناف العمل الإعلامي التلفزيوني والإذاعي والإلكتروني والمطبوع إلى جانب منصات التواصل الاجتماعي.
ودأبت صحيفة الرؤية العمانية على وضع الخبر الرئيسي على الصفحة الأولى عن حرب غزة ومستجداتها منذ 400 يوم كاملة، إضافة لمتابعة شاملة للموضوعات التحليلية والمواقف الداعمة للمقاومة الفلسطينية والمطالبة بوقف الحرب على غزة.
صحيفة "أثير" الإلكترونية لم تتوقف بشكل يومي على نشر الأخبار المتعلقة بالمجازر وآخر التطورات والمواقف السياسية إضافة لتخصيص جانب كبير في نشر الفيديوهات والقصص المصورة والإحصائيات اليومية التي تضع الشارع العماني في آخر مستجدات الحرب.
وفي المجمل، وسائل الإعلام العمانية بكل أنواعها ومنها "صحيفة عمان الرسمية"، لم تتوقف على نشر الأخبار المتعلقة بالحرب والتركيز على الجانب الإنساني وفضح الجرائم الإسرائيلية المستمرة في غزة.
وعلى الجانب الشخصي يتفاعل الصحفيون العمانيون وأصحاب التأثير القوي على منصات التواصل الاجتماعي بنشر التغريدات والمواقف التي لم تتأثر ولم تتغير مع مرور أيام الحرب وتجاوزه حاجز الـ400 يوم.