قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المستقلة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، إن ما يحدث حاليا في الشرق الأوسط هو "كارثة سياسية وإنسانية ذات أبعاد أسطورية".
وأضافت أن الاحتلال الذي تمارسه إسرائيل هو "أداة للاستعمار والوحشية والاعتقال والاحتجاز التعسفي وتنفيذ إعدامات بإجراءات موجزة ضد الشعب الفلسطيني".
واشارت إلى أن استجابة المجتمع الدولي كانت "غير مسؤولة" لأنها أضاعت الفرصة "للتصرف بحكمة وإنصاف" على النحو الذي يمكن أن يؤدي إلى السلام.
وأعربت عن خوفها على مستقبل الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وكذلك المنطقة بأكملها إذا استمرت الحرب، التي قالت إنها لن تقتصر على إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة إذا "استمرت الدول الغربية في التصرف بشكل منحاز".
إسرائيل قوة احتلال
وقالت: إنه من "المستحيل أيضا وصف ما يعانيه سكان غزة الآن الذين ما زالوا يواجهون القصف المتهور، بمتوسط ستة آلاف قنبلة أسبوعيا، مشيرة إلى أن الوضع في غزة كارثي، فهناك بالفعل أكثر من 5700 شخص قتلوا، و 40 في المائة منهم من الأطفال، وأكثر من نصف السكان في غزة مشردون".
كما تم استهداف المدارس والمستشفيات، وبالإضافة إلى كل ذلك، تم "تشديد الحصار لأن القادة الإسرائيليين، بطريقة أو بأخرى، يُحمـّلون جميع الفلسطينيين في غزة المسؤولية ويعاقبونهم جميعا".
وأضافت لموقع أخبار الأمم المتحدة، أن "الوضع الإنساني يتجاوز الكارثة، وقد كان صعبا بالفعل قبل هذه الأزمة، أعتقد أنه على الأمم المتحدة أن ترفع من مستوى قدرتها على التدخل الآن".
وتابعت: يجب أن نعرف أننا هنا لا نتحدث عن "دولة تقاتل دولة أخرى، نحن نتحدث عن قوة احتلال، إسرائيل هي قوة احتلال في مواجهة الفلسطينيين. ولا توجد دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، و ما أريد قوله هو إن الاحتلال كان أداة للاستعمار والوحشية والاعتقال والاحتجاز التعسفي وتنفيذ عمليات إعدامات بإجراءات موجزة دون اتباع الإجراءات الواجبة ضد الشعب الفلسطيني".
وقالت: كيف "يمكن لأحد أن يتصور مثل هذا الوضع، الذي هو في حد ذاته عنيف بشكل هيكلي ويتم فرضه من خلال ما أسميه العنف المتفجر، أي الهجمات والتوغلات العسكرية على البلدات والقرى الفلسطينية من قبل الجنود والمستوطنين، وأيضا من خلال الهجمات العسكرية المنهجية على غزة".
ولفتت إلى أنه كانت هناك "ضربات وقائية ضد غزة. تم قصف غزة عندما لم يكن هناك أي هجوم من جانب قطاع غزة. هل أوقف المجتمع الدولي هذه اللاشرعية التي طال أمدها؟ لا، ولهذا السبب أواصل القول إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ضخمة في الكارثة التي تتكشف الآن".
"حماس" واقع سياسي شئنا أم أبينا
واستهجنت مقررة الأمم المتحدة اعتبار بعض الدول، ان ما "تفعله إسرائيل يعتبر دفاعا مشروعا عن النفس، مؤكدة أنه ليس كذلك. كيف يمكن أن يكون هذا دفاعا عن النفس، وهناك قصف شامل لشعب بأكمله تحت هدف غامض ومبهم للغاية، وهو القضاء على حماس، ولكن ماذا يعني القضاء على حماس؟ حماس هي واقع سياسي، شئنا أم أبينا. لا تحتاج إلى أن تكون متعاطفا مع حركة سياسية مثل حماس حتى تدرك أن الهدف غامض للغاية وقد يبرر قتل المدنيين، كما يحدث الآن".
وأوضحت أنه حتى لو كان هناك "حق في الدفاع عن النفس، فلابد من احترام مبدأ التمييز، حتى لا يتم استهداف المدنيين. عندما يكون هناك استهداف عشوائي، فإنك تستهدف المدنيين. فهذه كلها الحدود التي يجب أن يلتزم بها استخدام القوة، ولا يراعى شيء من ذلك، ولا يتم الالتزام بشيء منه".
وانتقدت المقررة الحقوقية الأممية "موقف المجتمع الدولين مشيرة إلى أنه أضاع فرصة التصرف بحكمة وبإنصاف تجاه كلا الشعبين بطريقة يمكن أن ينظر إليها على أنها تؤدي إلى السلام".
واضافت لقد "احتشدت الدول الغربية، مع استثناءات قليلة، حول إسرائيل، ودعمت بشكل أساسي ما تفعله إسرائيل كدفاع عن النفس. يقولون إن ما تفعله إسرائيل يجب أن يتماشى مع القانون الدولي، لكنه ليس كذلك. ليس كذلك. ليس كذلك. وفي اللحظة التي لا يكون الأمر كذلك، عليك التدخل بطرق ملموسة: من خلال الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وإنقاذ السكان المتضررين، وضمان دخول جميع المساعدات الإنسانية الضرورية، وضمان وجود وقائي، وإنشاء منطقة عازلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
إسرائيل تقتل الفلسطينيين في الضفة
ونوهت إلى أنه بينما "تستمر الأعمال العدائية في غزة، قُتل في الضفة الغربية ما يقرب من مائة فلسطيني، وتم اعتقال 5000 آخرين في الأسابيع القليلة الماضية فقط. لذا، فحتى بعيدا عن الأعمال العدائية، يُقتل الفلسطينيون. ولا أسمع ذعرا ولا أسمع إدانة ولا أسمع حقا قيادة قوية في هذه اللحظة".
واشارت إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة كان "شجاعا للغاية، في استخدام الكلمات التي استخدمها، علاوة على ما فعله في الأسابيع الماضية. لم أكن سعيدة بشكل خاص بالتأخير في طلب وقف إطلاق النار، لكنني رأيت أنه فعل ذلك، وحاول حقا أن يكون برفقة كل من يعاني في الوقت الحالي. وحتى الطريقة التي استجابت بها الدول الغربية لهذا الأمر تظهر الغضب الأخلاقي الانتقائي لديهم والأخلاق المزدوجة التي يتبعونها".
وحذرت من أن الكثير من الناس "سيموتون في فلسطين، في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهذا لن يتوقف، ولا بد من معالجة نوايا الإبادة الجماعية. إنني أخشى حقا مما سيواجهه الفلسطينيون، وأخشى أيضا على حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني، كما أخشى على شعوب المنطقة، لأنني أخشى أن هذه الأزمة لن تتوقف عند إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة إذا تواصلت، وإذا استمرت الدول الغربية في التصرف بشكل متحيز".
ولليوم الـ20 يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي استهداف غزة بغارات جوية مكثفة دمّرت أحياء بكاملها، وخلفت 6546 شهيدا فلسطينيا، بينهم 2704 أطفال و1584 سيدة و295 مسنا، وأصابت 17439 شخصا، إضافة إلى أكثر من 1600 مفقود تحت الأنقاض.