يواجه المحامون في أراضي48 ملاحقات سياسية وتضييقات ومحاولات لفرض العقوبات على خلفية مواقفهم من الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة وذلك منذ 7 من أكتوبر/تشرين أول الماضي.
وبحسب مصادر حقوقية فإن عشرات المحامين قُدمت بحقهم شكاوى من قبل جمعيات إسرائيلية على خلفية مواقفهم السياسية من الحرب على قطاع غزة ونشر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضهم تم إغلاق الملفات بحقهم ومنهم لا تزال ملفاتهم متداولة في المحاكم ولجان الطاعة حتى الآن.
ومن بين المحامين الذين تعرضوا للملاحقة السياسية، المحامي فؤاد سلطاني من مدينة الطيرة في منطقة المثلث حيث قدمت جمعية إسرائيلية يمينية شكوى تدعى "بتسلمو" ضده لدى نقابة المحامين التي شكّلت لجنة طاعة للنظر في الشكوى.
ملاحقة سياسية
ويقول المحامي والناشط الحقوقي والسياسي فؤاد سلطاني ، "جمعية بتسلمو وهي جمعية يمينية متطرفة قدمت ضدي شكوى لنقابة المحامين، وهذه الجمعية تراقب وتلاحق كتابات العرب وقدمت عدة شكاوى ضد شخصيات عربية من محاضرين ومحامين وطلبة بعد 7 من أكتوبر، والشكاوى هذه تُقدم للشرطة وللنقابات التي يتبع لها الأشخاص المشتكى عليهم".
ويتابع، "قدمت الجمعية ضدي شكوى لنقابة المحامين وأعتقد أنها قدمت شكوى أيضًا للشرطة التي لم تر في كتاباتي عبر تطبيق الفيسبوك أي مخالفات جنائية، أما نقابة المحامين وجدت بحسب ما تدعي مخالفات ويتم بحثها الآن من قبل لجنة الطاعة التي تشكلت في النقابة".
ويضيف سلطاني ، "الشكوى التي تقدمت لي، كانت على خلفية منشور نشرته في 8 من أكتوبر بعدما هدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بتضييق الخناق على الأسرى حيث كتبت ’بن غفير دّخل المنطقة بستمئة داهية’ حتى أن اللجنة أخطأت بترجمة مصطلح ’داهية’".
ويردف، "كما أن هناك عدد من المنشورات التي كتبتها ويتم ملاحقتي عليها، حيث كتبت عما يحصل في غزة من جرائم حرب وتهجير وقتل جماعي وبالمحصلة دائمًا كنت أطالب بوقف الحرب على غزة كما يطالب آخرون حول العالم وكما تطالب محكمة العدل الدولية وكتاباتي تقع ضمن حرية التعبير عن الرأي ولدي موقف أخلاقي يجبر على المطالبة بوقف الحرب، وكنتُ أشير في كتاباتي إلى أن ما يجري في غزة جريمة حرب وكوني ناشط وحقوقي ولدي موقف أخلاقي كان من واجبي أن أشير إلى هذه الجرائم التي تحدث".
ويوضح ، "نقابة المحامين أرسلت لي بعد تقديم الشكوى لائحة دعوى وكان لدي جلسة أولى قبل عدة أيام في مقر نقابة المحامين في ريشون لتسيون ومثلتُ أمام لجنة الطاعة ومثلني في الجلسة المحامي حسن جبارين ومركز عدالة".
ويوضح للجرمق أن للجنة الطاعة صلاحيات في عدة أمور، فإذا وافقت اللجنة على الدعوى فقد يتم فرض عقوبات على سلطاني منها سحب رخصة المحاماة لفترة معينة أو للأبد بحسب قوله.
ويقول "فندنا خلال الجلسة جميع الكتابات، وجرى نقاش مستفيض حول ماهية هذه المنشورات التي تقع كلها ضمن حرية التعبير ومن حقي وواجبي أن أعبر عن رأيي السياسي والقانوني والأخلاقي ولكن المدعي كان لديه رأي آخر فبرأيه أن المنشورات’ تمس بأمن إسرائيل ووجودها، وأنها تحريضية ضد الدولة" وهذه هي المخالفة بحسبهم التي يجب أن أُحاكم عليها، وبحسبهم أن المنشورات هذه، ’تحقر مهنة المحاماة ولا تتناسب معها وتمس بمكانتها واحترامها’".
ويردف، "هذه الادعاءات مردودة عليهم، فقد قلت لهم في الجلسة يمكنكم أن تحاكموني على رأيي السياسي ولكن لن أتنازل عن موقفي وسأظل أكتب وسألاحق القضية حتى لو وصلت للمحكمة العليا".
ويضيف ، "نقابة المحامين تحولت لجسم يلاحقنا، نحن نعلم أن النقابات من المفترض أن تحمي أعضاءها وتدافع عنهم ولكن نقابة المحامين لدينا تلاحقنا سياسيا ولدي شعور اليوم أن النقابة تُساق لجهات يمينية متطرقة وتلاحقنا للتضييق علينا وهذا ما لاحظته في الجلسة الأولى".
تنظيم المحامين
ويقول المحامي فؤاد سلطاني، "هناك نحو 10 آلاف محامي عربي ونحن نشكّل ما نسبته 10% من المحامين وكان لدينا عدى محاولات للتأثير على الانتخابات التي تجري في النقابة كل 4 سنوات في رئاسة النقابة والمؤسسات واللجان القطرية والمركزية، حتى حاولنا أن نُدخل ممثلين عن قوائم عربية لمؤسسات النقابة ولكن كان دائما دور المحامين العرب هامشي ويقتصر فقط على إقامة ندوة أو دورة وأصبح هامشيا أكثر بعد 7 من أكتوبر فلا يوجد لهم تأثير على الملاحقة".
ويقول "لست الوحيد المُلاحق فهناك نحو 5 محامين يتم ملاحقتهم الآن من قبل النقابة وملفاتهم قائمة ويتم التداول بها، كما أن هناك الكثير من الشكاوى التي قدمت ضد محامين ومنها أغُلقت ومنها لا يزال قائم".
ويردف، "خلفيات الشكاوى جميعها على مواقف سياسية وملاحقات ومحاولات للقمع وكم أفواه المحامي العربي".
ويردف سلطاني، "شعرت خلال الجلسة أن المدعي يريد مني أن أستقي معلوماتي منه هو، فقد جادلتني اللجنة عندما تحدثت عن سقوط 500 شهيد في إحدى المجازر وقالوا لي ’من أين تحصل على معلوماتك’ وحينها شعرت أن هناك فوقية فهم يريدون أن يُملوا عليّ كيف أفكر ومن أين أحصل على معلوماتي".
ويتابع المحامون العرب اليوم ملاحقون ويجب تنظيمهم، لأخذ مواقف من الحرب ومن القوانين العنصرية، فنحن المحامين يجب أن نكون أول من يدلي برأيه القانوني عند سن قانون عنصري كقانون القومية مثلًا، ولا يكفي أن نكتب رأينا فحسب وإنما علينا أن نقيم جسم أو جمعية أو منتدى يعبر عن مواقفنا ويتكلم باسمنا ويعبر عن شعورنا حول ما يجري".
كيف يحمي المحامي نفسه من الملاحقة؟
ويوضح المحامي فؤاد سلطاني أن، "على المحامي والمواطن أن يكون حذرا فيما يكتبه وأنا كنت دائمًا حذرا ولكن تمت ملاحقتي، فيجب ألا تحتوي المنشورات على تأييد لجهات معينة وألا تحتوي على كلمات فيها شبهات تحريض، علينا الحذر جيدًا، كما أن علينا اتخاذ موقف صلب والتعبير عن آرائنا السياسية وعدم التراجع في حال طلبت اللجنة منا الاعتراف أو المصالحة مع الطرف المدعي وكأن الأمر كأي ملف جنائي ويريدون إغلاقه".
ويقول "كل ما أستطيع الموافقة عليه في حالتي أن يُغلق الملف ولكن لن أعتذر عمّل كتبت عن الجرائم التي تحدث في غزة، يجب أن يكون لدينا موقف صلب وجماعي، في ظل تحوّل النقابات لشرطة تلاحقنا وهذا ما ازدات حدته بعد 7 من أكتوبر، ولكن لن هذه مواقفنا ولن نترك البلاد وأهلنا في غزة يُبادون، فلن نقف موقف المتفرج فقط".
المصدر: الجرمق