خاص| إسماعيل هنية.. السياسي العابد وابن المخيم والقضية

الرسالة نت - خاص الرسالة نت

كثيرة هي القصص التي تحدثت عن القائد إسماعيل هنية، ليس آخرها رجاء حفيدتيه لأمهما بأن يخرجوا من قطاع غزة ويذهبوا إلى حيث يقيم جدهم في قطر، فردت الأم:" لا ياماما، احنا من الناس وحنضل مع الناس"، حتى استشهدتا رفقة والدهما ابن القائد  هنية، ليثبت للعالم بأن سياسة النجاة الفردية لا تنطبق على القائد الحقيقي ولا على أبنائه ، ثم قالت زوجة الشهيد وأم الشهيدات الصغيرات تعليقا على استشهاد عمها القائد:" رحبن بجدكن يا حبيباتي، وقبلن يده، وأسقينه شربة ماء من الجنة، فهو قادم إليكن الآن".

واستيقظ العالم العربي على خبر استشهاد أبناء هنية وأحفاده في أبريل الماضي، في قصف ممنهج عليهم في مخيم الشاطئ، لتنكشف الكذبات، ويعلم الكاذبون أن أبناء هنية لم يكونوا خارج غزة، ولا في فنادق مريحة، بل كانوا يعانون ويلات الإبادة والجوع والنزوح مع أبناء شعبهم في داخل غزة، ثم كرمهم الله بالشهادة، مكافأة مجزية كافية.

وها هو الرجل الأول في حماس يترجل بطريقة مشرفة طالما تمناها، وهو الذي لم يكن ينام الليل منذ حرب الإبادة ووفقا لما أفاد به مرافقوه، حزينا ومتألما لما أحل بنا من ويلات على يد احتلال لا يعرف سوى لغة القتل.

رحل الرجل الذي عاش تنقلات كثيرة، بل وأغري بحياة رغيدة واسعة، وظل يردد في كل مرحلة من مراحل حياته مقولاته الشهيرة:" 

"لن نعترف بإسرائيل".  "لن تسقط القلاع، ولن تخترق الحصون".  "سنأكل الزعتر والملح والزيتون ولن نطأطئ الهامات ولن نهون ولن نتراجع". الوفاء للرجال ليس ببكائهم.. إنما بالسير على دربهم وطريقهم".

كثيرة هي الصور التي تظهر إسماعيل هنية وهو يجلس على باب منزله في مخيم الشاطئ، يراقب الأطفال المارين والذاهبين إلى مدارسهم، ومعظم أطفال غزة يعرفون القائد الذي كان يمر أمام بيوتهم وهو يمارس رياضة الركض صباحا، دون مرافقين، ولا حرس، وعلى أرض غزة التي اغتيل لأجلها.

يمكن للقائد المحنك، أن يكون صاحب أسبقية في ظهور متواضع بسيط، في زمن لم يعد يصدق فيه العامة أن هناك سياسيا على هذه البساطة والتواضع، فهو أول رئيس وزراء يخطب في المسجد ويؤم المصلين ويحفظ القرآن عن ظهر قلب ويجلس على رصيف المعبر بانتظار أن يفتح له ولهم، بل وينام على الرصيف مع المسافرين، ليمر عائدا إلى بيته في قطاع غزة.

أسئلة كثيرة كانت تصل إلى صحافيين ومصورين في قطاع غزة عن صورة للقصر الذي يعيش فيه هنية، أو الأراضي والعقارات التي يمتلكها، فلا يصدق الآخر، أنه لا صورة ولا قصور، وإنما هو بيت في مخيم الشاطئ للاجئين ورثه عن والده!!.

لطالما كانت تجمع  هنية في بداية حياته السياسية علاقات حسنة مع كافة الأحزاب السياسية، فهو صاحب كاريزما وقدرة على الحوار جعلته الرجل الباحث عن المصالحة والتسوية السياسية في سبيل المقاومة الفلسطينية.

لكن علاقاته وقدراته التصالحية لم تمكنه من إقناع بقية الفصائل بالمشاركة بحكومته الأولى، ولهذا لم يمنح وقتا طويلا لإدارة الحكومة الفلسطينية، لأنه لم يفرط في الثابت الوطني المتبقي للشعب وهو الاعتراف بـ(إسرائيل)، فظلت حكومته محاصرة من دول عربية ودولية.

حاول الاحتلال بعدها اغتيال هنية مرتين أضيفتا لمحاولة إسرائيلية سابقة تعرض لها برفقة الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة في 6 سبتمبر/أيلول 2003، يتربع هنية " الجوراني" نسبة إلى الجورة وهي قرية ضمن قضاء عسقلان المحتلة عام 1948 منذ سنتين على قمة قائمة الاغتيالات الإسرائيلية، لكن الرجل يصر على أنه لن يعترف بـ(إسرائيل)، وهو يؤمن بأن كل محاولات الإبادة والقتل والتدمير والحصار الذي يعاني منه قطاع غزة، سببه هو عدم اعتراف الحركة بـ(إسرائيل).

عرف هنية ويلات الحرب والاعتقال في السجون الإسرائيلية، وظل في ثلاث حروب شريكا مرابطا يتنقل من منزله إلى مسجده، وخطيبا مفوها، يعرف أنه سيظل لاجئا حتى يعود حرا إلى قريته الجورة منتصرا، وها هو يعود وحده .

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من سياسي

البث المباشر