طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بفتح تحقيق دولي في الجرائم الخطيرة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المسنين الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة،.
وأشار الأورومتوسطي في بيان وصل "الرسالة نت"، يوم الأحد، إلى أنه كان آخرها إعدام زوجين مسنيّن في خانيونس جنوبي قطاع غزة خلال اقتحامه البري للمدينة في الأيام الماضية، وإعدام مسن آخر في جنين في الضفة الغربية يوم الجمعة الماضي، خلال العمليات العسكرية التي يشنها ضد الفلسطينيين في المحافظة.
ووثق في حصيلة غير نهائية استشهاد 2122 مسنًا من الذكور والإناث، خلال 330 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بما يقارب 2% من إجمالي عدد المسنين في القطاع البالغ عددهم 107 آلاف مسن، وبما يقارب 4% من إجمالي الشهداء الفلسطينيين في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي.
ولفت إلى أن هذه الجرائم التي تكررت مئات المرات لا توجد لها أية مبررات، خاصة في وقت تواجه فيه هذه الفئة الهشة من المدنيين معاناة مضاعفة، بعد أن حولتها "إسرائيل" إلى أهداف مشروعة منذ بدء هجومها الواسع على القطاع.
وقال إن الغالبية من هؤلاء المسنين قتلوا سحقًا تحت أنقاض منازلهم أو مراكز الإيواء التي لجؤوا إليها بعدما قصفتها الطائرات الإسرائيلية على رؤوسهم، أو خلال تحركهم الاضطراري لقضاء حاجاتهم الأساسية في الشوارع والأسواق، فيما الخطير أن العشرات منهم تم استهدافهم على نحو مباشر من خلال عمليات تصفية وإعدامات ميدانية.
وأوضح أن فريقه الميداني وثق العثور على جثماني المسنين وجيه مصباح شعث (71 عامًا) وزوجته صباح شعث (65 عامًا) بعدما أعدمهما جيش الاحتلال بالرصاص في منزلهما في خانيونس جنوبي قطاع غزة.
وكان الفريق وثق العثور على جثتيهما بعد انسحاب قوات الاحتلال صباح يوم الجمعة 30 أغسطس/آ ب الماضي.
وأفادت زوجة شقيق "شعث" لطاقم الأورومتوسطي حول تفاصيل إعدام شقيق زوجها وزوجته في بيتهما برصاص مباشر بالرأس: "بسبب أوامر الإخلاء في خانيونس، غادرنا أنا وزوجي وبناتي وبقي شقيق زوجي وجيه مصباح شعث، أبو مصباح، وزوجته صباح شعث، حيث آثرا البقاء في المنزل رفضًا لتعب رحلة النزوح والبحث عن المكان الآمن التي عايشاها كثيرًا مع كبر سنهما وصعوبة الحركة مع الأمتعة وتعب المشي طويلًا في كل مرة يُصدر الاحتلال فيها أوامر الإخلاء، فبقيا في البيت غير المغلق، بسبب تخلخل الأبواب نتيجة الاستهدافات الكثيرة السابقة حوله.
وأضافت "منذ 26 أغسطس ونحن نحاول التواصل معه كثيرًا، ولكن لم يكن هناك أي رد أو استجابة فشعرنا بالقلق وحاولنا الاتصال بمعارفنا وأقاربنا والأصحاب الذين حوله لنصل لخبر نطمئن عليهما منه."
وتابعت "يوم 30 أغسطس، ومنذ ساعات الصباح الأولى مع أخبار الانسحاب، عاد زوجي للبيت لتفقد أخيه وزوجته، ليجدهما قتلا بإصابة مباشرة في الرأس برصاص الجيش الإسرائيلي".
وأكملت "تبين بعد معاينة المكان أن الجيش داهم المنزل بعد تفجير قنبلة يدوية عند مدخله، ثم أطلق النار على الزوجين المسنين وعثر على جثتيهما وحولهما آثار دمهما الذي نزف على أرضية الغرفة التي كانا يحتميان بها، وفوارغ الرصاص بجوار دمائهما وآثار الرصاص في كل مكان في المنزل".
وأبرز الأورومتوسطي إلى أنه وثق سابقًا عشرات الشهادات الصادمة عن تصفيات جسدية وإعدامات ميدانية تعرض لها عشرات المسنين ممن تزيد أعمارهم عن 60 عامًا في قطاع غزة.
وأشار في هذا الصدد إلى إعدام المسنة نايفة رزق السودة (92 عامًا) وحرقها في إبريل/نيسان الماضي خلال اقتحام قوات الاحتلال مجمع "الشفاء" الطبي ومحيطه للمرة الثانية خلال حرب الإبادة في غزة.
أما في الضفة الغربية، فقد وثق الأورومتوسطي إعدام جيش الاحتلال المسن توفيق أحمد يونس قنديل (82 عامًا) في منطقة الحي الشرقي بمدينة جنين يوم الجمعة الماضية، خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر منذ خمسة أيام محافظة جنين ومناطق أخرى بالضفة الغربية المحتلة.
وأكد أن هذه الحالات إضافة إلى ما وثقه في بيان سابق، ما هي إلاّ نموذج لعمليات إعدام وتصفية جسدية المنهجية والمتعمدة التي يتعرض لها عشرات المسنين الفلسطينيين، في المناطق التي تشهد الهجمات العسكرية التي تنفذها قوات الاحتلال في الأرض الفلسطينية المحتلة.
ونبه إلى أن المسنين باتوا أهدافًا مباشرة ومتعمدة للجيش، عدا عن كونهم يدفعون ثمنًا باهظًا للهجمات العشوائية وغير المتناسبة التي تنفذها القوات الإسرائيلية، وخاصة في قطاع غزة.
وإلى جانب استشهاد المئات منهم هناك، أصيب عدة آلاف بجروح يعصب تعافيهم منها، نظرًا لأوضاعهم الصحية الهشة أساسًا، بالإضافة إلى عدم توفر الرعاية الصحية الملائمة.
وأشار الأورومتوسطي إلى توثيق اعتقال القوات الإسرائيلية العشرات من المسنين، بما فيهم رجال ونساء، تزيد أعمارهم عن 70 عامًا، وتعرضوا خلالها إلى عمليات تعذيب وتنكيل وحرمان من الحقوق الأساسية ودون أي مراعاة لحالتهم الصحية أو سنهم المتقدم، وحرموا من الحصول على العلاج، ما تسبب في مقتل العديد منهم في مراكز الاعتقال والسجون الإسرائيلية
وجدد المرصد دعوته إلى تشكيل ضغط دولي فوري على "إسرائيل" من أجل وقف جميع جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والانسحاب الكامل من الأرض الفلسطينية المحتلة لعام 1967، ومساءلتها ومحاسبتها على جميع جرائمها وانتهاكاتها الجسيمة وضمان تعويض الضحايا الفلسطينيين.
كما دعا إلى تشكيل تدخل دولي أكثر فاعلية وحسمًا من أجل رفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة، وضمان وصول الإمدادات الإنسانية بشكل آمن وكامل ومن دون أي عوائق.
وطالب بوصول المساعدات إلى جميع الأشخاص المتضررين وتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل، وإلا فإن الاستجابة بالمستوى المطلوب للحيلولة دون تفاقم الكوارث الإنسانية في قطاع غزة ستكون مستحيلة قريبًا.