ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية - في عددها الصادر اليوم الإثنين، أن الجوع والمرض لا يزالان يعصفان بقطاع غزة ، وسط استمرار الحرب التي تشنها إسرائيل على فصائل المقاومة الفلسطينية على مدى 11 شهرا.
واستشهدت الصحيفة على طرحها في هذا الشأن - في سياق مقال تحليلي ، للكاتب إيشان فارور - بقول أحد المديرين الإقليميين لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عن الوضع غير الآمن المتزايد في غزة : "لم أر قط أزمة مثل هذه طيلة 25 عاما من العمل الإنساني"، وأكدت الصحيفة أن الوضع الإنساني في غزة لا يزال كارثيًا وأن الجوع والمرض يطاردان المنطقة المحاصرة، التي دمرتها الحرب على مدى 11 شهرًا مع مواصلة إسرائيل تنفيذ ضربات على أهداف مزعومة لحماس في مناطق آمنة مفترضة، مما يؤدي إلى مقتل المدنيين الذين وقعوا في مرمى النيران المتبادلة.
وأضافت أن منظمات الإغاثة التي تحاول المساعدة في تخفيف الوضع اليائس لا تزال تندب العوائق التي تحول دون توزيع المساعدات والمخاطر الأمنية التي يتعرض لها عمالها بسبب القوات الإسرائيلية ومستنقع العصابات التي نشأت من تخريب غزة.
وفي الأسبوع الماضي، أكد تقرير صادر عن منظمة اللاجئين الدولية - وهي منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان - وجود أدلة على "أزمة جوع حادة" في المنطقة وربطها التقرير بتصرفات السلطات الإسرائيلية وتوصل إلى أن "المد والجزر في ظروف الجوع يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالقيود والتنازلات التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية على وصول المساعدات وبسلوك الجيش الإسرائيلي"، كما أشار ملخص التقرير، مضيفا أن الضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية هذا الربيع - في أعقاب التحذيرات من المجاعة الوشيكة - دفعت إلى "سلسلة من التنازلات الإسرائيلية بشأن المساعدات والوصول التجاري.
ولكن مع تحول الحرب نحو الأشهر الأكثر برودة، أبرزت الصحيفة الأمريكية مخاوف مسئولين في مجال العمل الإنساني من تدهور أكثر فتكًا حث قالت كورين فلايشر، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية في برنامج الغذاء العالمي - في تصريح خاص لمراسل الصحيفة، بشأن تعقيد جهود الإغاثة في هذا الصراع - "عندما تكون هناك، ترى كيف يتم تكديس الناس في هذه المنطقة التي تشكل 11% من القطاع، والتي كانت بالفعل واحدة من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم .. إنهم يعيشون في خيام مؤقتة على الشاطئ وتجرف الأمواج بعضها بعيدًا .. وعليهم إعادة نصبها مجددا .. الشوارع مليئة بالناس ، وبالكاد يمكنك المرور سيرًا على الأقدام بين الملاجئ التي تديرها الأونروا ".
وأضافت فلايشر "هكذا يعيشون ويحاولون التكيف، لكن هذا الوضع غير طبيعي .. لا وظائف أو سيولة .. الأطفال بالشوارع بدلا من المدارس، يحملون المياه .. برنامج الأغذية العالمي يدعم حوالي 1.1 مليون شخص كل شهر ، لكننا الآن متأثرون بأوامر الإخلاء الإسرائيلية .. وفقدنا 20 موقعا للتوزيع وخمسة مطابخ متنقلة، ولا يمكننا الوصول إلى آخر مستودعاتنا ، واضطررنا لنقل مركز عملياتنا مؤقتًا.. لسنا حيث ينبغي أن نكون من حيث توصيل المساعدات لعدة أسباب.. منها أن الوضع أصبح غير آمن بشكل متزايد للعاملين في المجال الإنساني".
وأشارت المسئولة الأممية حول أسباب الشعور بعدم الأمان ، إلى وقوع حادث بالقرب من نقطة تفتيش للجيش الإسرائيلي أدى إلى " إصابة سيارتنا بعشر رصاصات وكان بداخلها أفراد تابعين لنا .. نعمل في العديد من الأماكن الخطرة حول العالم، وهذه وظيفتنا .. الناس يتطوعون لأن لدينا إجراءات معمول بها لفض الصراع وإدارة الوضع الأمني مع أطراف الصراع لكن هذه الإجراءات لا تُفعَّل هنا.. فمن ناحية، نتعرض لإطلاق النار ومن ناحية أخرى، نتعرض للنهب، لأنه لم يعد هناك شرطة محلية. لم يعد هناك قانون ونظام في غزة، وهذا يسمح للعصابات بالنهب ".. حسب قولها.
وتابعت فلايشر أن نحو 500 ألف شخص يعانون من مستويات شديدة من الجوع، وهو ما نسميه المجاعة الحقيقية رغم أن الوضع لا يزال أهون مما كان عليه في مارس الماضي عندما كنا قلقين للغاية، لأننا لم نكن نستطيع الوصول إلى شمال غزة ومدينة غزة .. وبمجرد أن أصبح لدينا القدرة على الوصول تحسن الوضع، ولكن لابد من الحفاظ غلى الوضع عند مستوى معين.. الآن نصل إلى عدد أقل من الناس ، ربما نحو ثلثي العدد ، لكن لا نستطيع توزيع الكثير من الغذاء داخل القطاع.