جدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش التأكيد على أنه لا بديل لوكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، وأنه يجب العمل الآن على جميع الجبهات لتعزيز الدعم لعمل الوكالة الحيوي. يأتي هذا بينما شدد المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني على أن الوكالة "هي القلب النابض" للعملية الإنسانية في قطاع غزة.
جاء هذا في اجتماع وزاري رفيع المستوى استضافته كل من الأردن والسويد اليوم الخميس على هامش فعاليات الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 79 للتأكيد على الدور الذي لا غنى عنه للأونروا في حياة اللاجئين الفلسطينيين، وخصوصا في غزة.
وقال الأمين العام إن مليوني فلسطيني يعيشون في مساحة بحجم مطار شنغهاي الدولي، مضيفا "هم لا يعيشون، ولكنهم موجودون بين بحيرات الصرف الصحي وأكوام القمامة وجبال الأنقاض. اليقين الوحيد لديهم هو أن الغد سيكون أسوأ".
وأضاف: "ومع ذلك، إذا كانت هناك أي بؤرة أمل في هذا المشهد الجهنمي، فهي الأونروا". وأشار إلى تعرض موظفي الأونروا للهجوم مرارا وتكرارا أثناء قيامهم بعملهم، ومقتل 222 زميلا من الوكالة.
ونبه إلى أن الأونروا لم تسلم على المستوى التشغيلي، حيث يتم خنق الاستجابة الإنسانية في غزة، مضيفا أنها لم تسلم أيضا على المستوى السياسي، وهذا يشمل حملات التضليل المنهجية التي تشوه سمعة عمل الوكالة مدى الحياة.
وقال أمين عام الأمم المتحدة إنه "في مواجهة الظروف الكارثية، تواصل الأونروا صمودها".
وأشار إلى أن الأونروا ليست حلا مستداما طويل الأمد لمحنة اللاجئين الفلسطينيين، "ولهذا السبب نواصل الضغط من أجل وقف إطلاق نار إنساني فوري، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن، والتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد ينهي الاحتلال ويؤدي إلى دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، والقدس عاصمة لهما".
وأضاف أنه "حتى تلك اللحظة، تظل الأونروا لا غنى عنها".
هجوم شرس
المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني حذر من أن الأونروا تتعرض لهجوم شرس، مضيفا أنه "من المزعج أن كبار المسؤولين الإسرائيليين وصفوا تدمير الأونروا بأنه هدف حرب". وأشار إلى مشروع قانون في الكنسيت الإسرائيلي ينص على طرد الأونروا من القدس الشرقية وإلغاء امتيازاتها، وتصنيفها كمنظمة إرهابية، فضلا عن التقليص التدريجي لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية.
وقال لازاريني: "تهدف هذه الجهود إلى تجريد الفلسطينيين من وضع اللاجئ وتغيير المعايير الخاصة بالحل السياسي المستقبلي من جانب واحد". وشدد المفوض العام للأونروا على أن المنظمة تعمل على ضمان حياد موظفيها وعملياتها.
ودعا إلى حماية دور الوكالة في غزة، مضيفا أن "وقف إطلاق النار أمر ضروري، والوكالة ضرورية لضمان انتقال قابل للتطبيق". وشدد على أن الوكالة تتطلب نموذجا مستداما للتمويل، وأنه بخلاف ذلك، لن تكون العمليات آمنة إلا حتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر، مع عجز قدره 80 مليون دولار لعام 2024.
وقال لازاريني: "يجب أن نرفض المحاولات الرامية إلى تشويه سمعة الأونروا وعملياتها. هذا الجهد لا يهدد اللاجئين الفلسطينيين فحسب، وإنما يهدد أيضا النظام متعدد الأطراف، كما يهدد الحل السياسي المستقبلي. إن تحرككم في هذه المرحلة الحرجة ستكون له تداعيات على الأجيال القادمة".
دعوة من الجمعية العامة
رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيليمون يانغ أشار إلى أنه في ظل الوضع الإنساني الكارثي في غزة، تلعب الأونروا دورا حاسما في توفير الحماية والمأوى والغذاء والمياه والرعاية الطبية لملايين الأشخاص الذين يعانون.
وقال يانغ إن "الدورة التي لا تنتهي من الموت والدمار والتشريد في غزة والضفة الغربية المحتلة لن تنتهي إلا إذا اتخذ المجتمع الدولي إجراءات ذات مغزى نحو حل عادل وشامل ودائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على أساس القانون الدولي".
ودعا الدول الأعضاء إلى مواصلة دعمها للأونروا حتى تتمكن الوكالة من الوفاء بولايتها وفقا لتفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة، موضحا أن هذا الدعم يشمل توفير الدعم السياسي اللازم في مواجهة الهجمات السياسية المستمرة وتلك التي تستهدف سمعة الوكالة، وتقديم الدعم المالي الكافي والمتوقع وفي الوقت المناسب لمواجهة نقص التمويل المزمن.
وأضاف: "إن ملايين اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا يعتمدون على هذا الدعم. وهم يعتمدون على دعمكم ولا ينبغي لنا أن نخذلهم".
نقص تمويل مثير للقلق
وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي أكد أنه لم تكن هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى للأونروا، "حيث نرى الكارثة في غزة تتكشف يوما بعد يوم". وشدد على أنه لا يمكن التشكيك في ضرورة وجود الأونروا، أو أنه لا يمكن استبدالها، لأن القيام بذلك يشكك في حق الأطفال الفلسطينيين في الغذاء والمأوى والتعليم والأمل.
ونبه إلى أن الأونروا كانت هدفا للاغتيال السياسي من قبل إسرائيل قبل فترة طويلة من السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأضاف الصفدي: "لا تريد إسرائيل أن تستمر الأونروا بسبب ما يحدث في غزة فقط. إسرائيل لا تريد للأونروا أن تستمر لأنها تريد قتل أمل الشعب الفلسطيني في معالجة قضية اللاجئين".
أما وزيرة خارجية السويد، ماريا مالمر ستينرجارد فحذرت من أن نقص التمويل للأونروا لا يزال مثيرا للقلق العميق. وقالت: "يجب اتخاذ المزيد من الخطوات نحو تمويل كاف وقابل للتنبؤ ومستدام للوكالة، بما في ذلك من خلال توسيع قاعدة المانحين. ولابد أن يقترن الدعم السياسي القوي للأونروا بالتزامات مالية ملموسة بالتوازي".
وأوضحت أن هناك حاجة إلى الشروع في محادثة صادقة حول حلول طويلة الأجل لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين المحتاجين، فضلا عن الحفاظ على وكالة أونروا مستدامة.
ملاذ يفصل بين الحياة والموت
رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى أكد في كلمته أمام المجتمعين أن الأونروا "أكثر من مجرد مقدم خدمة. إنها ملاذ يفصل بين الحياة والموت لكثيرين. يجب علينا حقا دعم الأونروا بأفضل طريقة ممكنة، الأونروا التي تجسد التزامنا تجاه اللاجئين وتحمي حقوقهم وتضمن حلا عادلا لمحنتهم".
وقال إن إسرائيل تتعامل مع حقوق اللاجئين بعداء صريح وتتجاوز الخطوط الحمراء. وتساءل مصطفى عن "كيف تقف الدول الأعضاء متفرجة بينما تهاجم إسرائيل منظمة أممية وتنعتها بأنها منظمة إرهابية"، مضيفا أنه "لا يمكننا السماح لإسرائيل بالإفلات من المساءلة على نشر مثل هذه الأكاذيب والتحريض. لا يمكننا السماح بمثل هذه السوابق الخطيرة".
وأعرب عن التقدير لكل من الأردن ولبنان وسوريا على دعمهم المستمر منذ عقود للاجئين الفلسطينيين، ووجه الشكر لجميع الدول والمنظمات المانحة على دعمها السخي. ودعا إلى مضاعفة الجهود لدعم الأونروا، مضيفا أنه "لا يمكننا أن نسمح لإسرائيل بتدمير هذا الاستثمار طويل الأمد من قِبل المجتمع الدولي في الكرامة الإنسانية والسلام".