أسطورة المقاومة أسطورة المقاومة

فائض الشيكل في البنوك الفلسطينية: الأسباب والتداعيات والحلول

الرسالة نت - غزة

مقدمة

يمثل فائض الشيكل في البنوك الفلسطينية تحديًا اقتصاديًا معقدًا يعكس تداعيات الاحتلال الإسرائيلي وسياساته التي تعيق الاقتصاد الفلسطيني، تراكم الشيكل المتداول في السوق الفلسطينية بات مشكلة مستمرة، تتفاقم بفعل القيود الإسرائيلية المفروضة على تحويل هذه الأموال إلى (بنك إسرائيل)، ما يثقل كاهل القطاع المصرفي الفلسطيني ويعيق التنمية الاقتصادية.

 تهدف هذه الورقة إلى استعراض أسباب فائض الشيكل وتداعياته، إضافة إلى تقديم توصيات لمعالجة هذه الأزمة.

أولاً: الخلفية القانونية – بروتوكول باريس[1]

تم توقيع بروتوكول باريس الاقتصادي عام 1994 كإطار ناظم للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وفقًا للمادة (27)، "يحق لسلطة النقد الفلسطينية تحويل الشواكل الفائضة في البنوك العاملة بالمناطق الفلسطينية إلى (بنك إسرائيل) لاستبدالها بعملات أجنبية". غير أن هذه المادة قيدتها المادة (16) التي تشترط تحديد المبلغ المحول من خلال اتفاق اللجنة الاقتصادية المشتركة، التي تعطلت أعمالها منذ انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠٠.

ثغرات البروتوكول

  1. استخدام الفائض كأداة ضغط سياسي: تلجأ حكومة الاحتلال إلى تعطيل عمليات التحويل كوسيلة ابتزاز سياسي.
  2. تقييد التدفقات النقدية: يتدخل (بنك إسرائيل) في تحديد التدفقات النقدية، مما يعطل التعاملات الاقتصادية خارج السوق الرسمي.
  3. عدم تحديث الاتفاقية: الاتفاقية لم تراعِ النمو الاقتصادي الفلسطيني ولم تعدل منذ توقيعها.
  4. تكدس الفائض رغم تراجع العمالة: رغم انخفاض العمالة الفلسطينية في داخل الأرض المحتلة عام 1948، التي كانت تضخ حوالي 18 مليار شيكل سنويًا، ما زالت مشكلة التكدس قائمة.

 

ثانيًا: أسباب مشكلة الفائض النقدي[2]

وفقًا لسلطة النقد الفلسطينية، يُعرّف فائض الشيكل بأنه الكميات التي تتجاوز 6% من إجمالي الودائع، وفي عام 2024، بلغ حجم الشيكل المتداول في السوق الفلسطينية 57 مليار شيكل، وهو رقم كبير ناجم عن العوامل التالية:

  1. العمالة الفلسطينية في الداخل المحتل: حيث يتقاضى العمال أجورهم نقدًا.
  2. التجارة بين السوقين الفلسطيني والإسرائيلي: وخصوصًا المشتريات في القدس والداخل المحتل.
  3. التجارة غير الرسمية: التي تتم بعيدًا عن الأنظمة البنكية الرسمية.

ثالثًا: تداعيات الفائض النقدي

1. الضغط على القطاع المصرفي

  • زيادة تكاليف التخزين: تتحمل البنوك الفلسطينية تكاليف إضافية لتأمين ونقل الأموال المتكدسة.
  • تقييد السيولة: صعوبة تحويل الأموال إلى (بنك إسرائيل) تحد من قدرة البنوك على الإقراض والاستثمار.

2. مخاطر الجرائم المالية

  • تزايد خطر غسل الأموال والتهرب الضريبي بسبب حجم النقد غير القابل للتتبع، ما يضعف نزاهة النظام المالي.

3. ضعف الكفاءة الاقتصادية

  • عدم قدرة سلطة النقد الفلسطينية على تنفيذ سياسات نقدية فعالة للتحكم في التضخم أو أسعار الفائدة، مما يضعف ثقة المستثمرين ويعرقل النمو.

خلاصة

يمثل فائض الشيكل في البنوك الفلسطينية مشكلة مركبة ذات أبعاد سياسية واقتصادية عميقة، تتطلب حلولًا شاملة تعتمد على الضغط السياسي، التوجه نحو الرقمنة، وتنويع أدوات السياسة النقدية.

 إن تحقيق هذه الحلول يتطلب تعاونًا بين السلطة الفلسطينية، القطاع الخاص، والمجتمع الدولي لضمان استقرار النظام المالي الفلسطيني وتنميته، بل تحرك إعلامية للكشف عن دور الاحتلال في خلق الأزمة النقدية والاقتصادية.

 

رابعًا: أبرز التوصيات لمعالجة الأزمة

1. التوصيات السياسية والاقتصادية

  • الضغط الدولي: تفعيل أدوات القانون الدولي لإلزام حكومة الاحتلال بقبول تحويل فائض الشيكل.
  • تعزيز التعاون مع المؤسسات المالية الدولية لرفع القيود الإسرائيلية المفروضة على التحويلات النقدية.

2. التوصيات المصرفية والتقنية

  • تشجيع التحول إلى الاقتصاد الرقمي: تعزيز المدفوعات الإلكترونية والمحافظ الرقمية للحد من الاعتماد على النقد الورقي.
  • إطلاق عملة رقمية فلسطينية: يمكن أن تكون هذه خطوة لتعزيز السيطرة النقدية وتقليل التكدس.

٣. التوصيات الإعلامية

  • إطلاق حملة إعلامية: للكشف من خلالها عن دور الاحتلال الإسرائيلي في التسبب في الإشكاليات النقدية والاقتصادية من خلال رفض قبول تحويل فائض الشيكل لدى البنوك الفلسطينية، وما يفرضه من قيود على التحويلات النقدية.
  • توعية الجمهور الفلسطيني: وتعريفهم بالبدائل المتاحة للدفع النقدي، ومن بينها الدفع الالكتروني، والمحافظ الرقمية.

٤. التوصيات الاستراتيجية

  • تنويع العملات المتداولة: التفكير في اعتماد الدينار الأردني أو الدولار الأمريكي كبديل للشيكل لتقليل الاعتماد عليه.
  • دمج الاقتصاد غير الرسمي: تشجيع الشركات الصغيرة والعاملين غير الرسميين على الانضمام إلى الاقتصاد الرسمي من خلال حوافز ضريبية وقروض ميسرة.

 

مركز الدراسات السياسية والتنموية

 

[1] الأسباب الحقيقية وراء أزمة فائض الشيكل في فلسطين (تقرير)

[2] أخبار المال والأعمال (2024) مشكلة الفائض النقدي (الشيكل) في فلسطين: تأثير السياسات الإسرائيلية

`
البث المباشر