بعد ليلة قاسية لم تتوقف فيها أصوات الانفجارات والقصف (الإسرائيلي) المتواصل على منازل المواطنين في مناطق مختلفة شمال غزة، لم تصدق الصحفية إيمان الشنطي (36 عامًا) في اليوم التالي أنها ما زالت على قيد الحياة، وأن شمس النهار أشرقت في يوم جديد، فكتبت على حسابها في (فيسبوك): "معقول لساتنا عايشين؟ رحم الله الشهداء!"
ثم، بعد ثلاث ساعات من كتابة منشورها، كالصاعقة على كل من يعرفها، حلَّ خبر استشهادها مع عائلتها إثر قصف استهدف شقتهم السكنية ظهر الأربعاء في حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة.
ارتقت إيمان برفقة زوجها حلمي عابد وأطفالها الثلاثة (بلال وعمر وألمى)، فيما أُصيبت ابنتها الكبرى بنان بجراح متوسطة، لتكون الناجية الوحيدة من عائلتها والشاهدة على جريمة الاحتلال (الإسرائيلي).
قبل أقل من أسبوع، كانت السيدة عايدة الشنطي، والدة إيمان، قد نشرت صورة لابنتها على (فيسبوك) محفوفة بدعوات الأمهات: "بنتي الغالية الجدعة، اللي كلامها مش مجرد كلام، بل فعل وإيمان وثقة بالله"، مع رجاء لله بأن يحفظها ويحميها إلى أن يحين اللقاء قريبًا، حيث تركت الأم ابنتها صامدة في شمال غزة، بينما نزحت بقية العائلة إلى جنوب القطاع.
ظلت إيمان تبث رسائل الأمل والثبات من بين أروقة منزلها في شمال غزة، رغم كل المحن التي مرت بها، ورغم المخاطر المحدقة بها والتعب الذي يسكنها، لكنها كانت مصدر تفاؤل لكل من يتابعها على مدار 432 يومًا قبل أن ترحل بجسدها ويبقى أثرها بعدها.
قد يبدو من الصعب أن يتفق الجميع على احترام ومحبة شخصية ما في ميدان العمل الصحفي، لكن إيمان استطاعت أن تكسب تقدير كل من عرفها وتعامل معها، وهذا ما أثبتته رسائل الرثاء التي دوّنها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد تلقيهم نبأ استشهادها.
في رسالة وداعها، قالت الصحفية ربا العجرمي: "لم تكن إيمان الشنطي مجرد صحفية، بل كانت تسعى لأن تكون مخرجة أفلام وثائقية، كانت تقرأ الكتب، تتعلم، تناقش، تشاهد، وتدوِّن."
وأكدت العجرمي أن إيمان دفعت ضريبة ثباتها في غزة حين جاعت وعطشت وأكلت الشعير وشربت الماء الملوث، وأنها كانت تخبرها: "أن من يتحدث عن المجاعة ليس كمن يعيشها."
ارتبط اسم إيمان بالقضية الفلسطينية من خلال برنامجها المصور (أصل القصة) الذي كانت تبثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما تركت بصمتها في الجانب الاجتماعي من خلال إطلالتها الإذاعية في برنامج (مساء ملون).
بدوره، قال المكتب الإعلامي الحكومي إن عدد الشهداء الصحفيين ارتفع إلى 193 صحفيًا وصحفية منذ بدء حرب الإبادة، وذلك بعد الإعلان عن استشهاد الزميلة الصحفية إيمان حاتم الشنطي، التي تعمل مذيعة وصحفية في إذاعة الأقصى بغزة.