أسطورة المقاومة أسطورة المقاومة

قراءة في نتائج استطلاع فلسطيني أمريكي مشترك

رغم اغتيال قادتها واستهداف كوادرها وحملات التشويه.. حماس تتصدر تأييد الشارع الفلسطيني

متابعة الرسالة نت

في ظل العدوان المتواصل على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، ومع دخول العام 2025، أظهرت نتائج استطلاع مشترك أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ومركز “آرتس إنترناشيونال” الأمريكي تحولات لافتة في توجهات الرأي العام الغزي تجاه التنظيمات الفلسطينية، حملت في طياتها رسائل سياسية وإعلامية عميقة تستحق التوقف عندها.

أولاً: حماس في الصدارة رغم التراجع

رغم التراجع الواضح في نسبة التأييد لحركة حماس من 38% إلى 21% خلال فترة الاستطلاع، إلا أنها بقيت القوة الأكثر شعبية في القطاع، بمعدل تأييد عام بلغ نحو 34.6%. هذا التراجع لا ينفي ثبات الحضور السياسي والميداني للحركة، بل يؤكد قدرتها على الحفاظ على قاعدة تأييد واسعة رغم الاستهداف العسكري والإعلامي المكثف، وما ترتب على الحرب من كوارث إنسانية.

ثانيًا: فتح في مأزق سياسي

في المقابل، شهدت حركة فتح تراجعًا ملموسًا من 25% إلى 14%، ما يعكس فشلها في الحفاظ على الحد الأدنى من الثقة الشعبية. هذا التراجع مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأداء السلطة الفلسطينية، التي فشلت في تقديم بدائل سياسية واقعية، وبدت في موقف المتفرج على المأساة الغزية، بل ومتواطئة في نظر كثيرين بسبب استمرار التنسيق الأمني في الضفة الغربية.

ثالثًا: صعود التنظيمات المقاومة الأخرى

اللافت في نتائج الاستطلاع كان ارتفاع نسبة التأييد لتنظيمات المقاومة الأخرى مثل الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية من 14% إلى 19%. هذه الزيادة تُقرأ كمؤشر على رغبة الشارع في توسيع دائرة الفعل المقاوم، والالتفاف حول أي جهة تحمل البندقية في مواجهة الاحتلال، بعيدًا عن الاستقطاب الثنائي بين حماس وفتح.

رابعًا: ظاهرة المحايدينقراءة إنسانية لا سياسية

ارتفاع نسبة المحايدين من 23% إلى 32% لا يُعد بالضرورة عزوفًا عن المقاومة، بل هو انعكاس لحجم المأساة اليومية والمعاناة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، في ظل دمار واسع النطاق وغياب أفق سياسي واضح. 

هذه الشريحة تمثل تحديًا وفرصة، فهي بحاجة إلى احتضان إعلامي ومجتمعي يعيد لها الثقة بالعمل الوطني والمقاوم.

خامسًا: الرسائل الإعلامية والسياسية للاستطلاع

تحمل نتائج الاستطلاع عدة رسائل إعلامية مركزية:

أولها أن خيار المقاومة، رغم الثمن الباهظ، لا يزال الخيار الأكثر قبولًا في الشارع الغزي.

ثانيها أن الفشل السياسي والأخلاقي للسلطة الفلسطينية بات واضحًا للجمهور، ما يفسر التراجع الحاد في شعبية فتح.

ثالثها أن حالة الالتفاف الشعبي حول التنظيمات المقاومة الأخرى تعكس ميلًا شعبيًا نحو الوحدة الميدانية وتقديرًا لكل من يواجه الاحتلال.

رابعها أن الحاضنة الشعبية للمقاومة لا تزال قائمة، لكن الحفاظ عليها يتطلب جهدًا إعلاميًا ونفسيًا لتجاوز آثار الحرب وتوسيع قاعدة الوعي المقاوم.

نتائج هذا الاستطلاع ليست مجرد أرقام، بل هي مرآة لحالة وعي جماهيري تتشكل تحت النار، وتعيد ترتيب الأولويات والاصطفافات. الرهان الآن ليس فقط على من يحظى بتأييد أكبر، بل على من يستطيع تحويل هذا التأييد إلى مشروع وطني جامع يُنهي الانقسام، ويقود إلى تحرير فعلي وكرامة مستعادة.

 

 

`
البث المباشر