في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث تتقاطع خطوط الدم مع الحطام، تتجسد واحدة من أبشع فصول المأساة الفلسطينية.
هناك، تحت ركام منزل دُمّر بالكامل بفعل الغارات الإسرائيلية مساء الخميس الماضي، تُكابد عائلة جندية لحظاتها الأخيرة بين الحياة والموت، في انتظار معجزة قد لا تأتي.
عائلة جندية، التي كانت تعيش حياة فلسطينية بسيطة كسائر العائلات، تحولت في لحظة إلى عنوانٍ جديد للفاجعة.
خمسة عشر فردًا من أفراد العائلة، بينهم أطفال ونساء، لا يزالون عالقين تحت الأنقاض، بحسب ما أكده بعض الأقارب الذين نجوا من القصف وتحدثوا لـ"الرسالة نت". بعضهم ما زال على قيد الحياة، يصارعون الألم والعطش والظلمة، بينما تمر الدقائق عليهم كأنها دهور.
لكن الكارثة لم تتوقف عند القصف فقط. ففي الوقت الذي يحاول فيه جهاز الدفاع المدني الفلسطيني إنقاذ العالقين، تقف قوات الاحتلال عائقًا رئيسيًا أمام عمليات الإنقاذ، إذ تفرض حصارًا خانقًا على المنطقة، وتهدد باستهداف أي طواقم تحاول الاقتراب من الموقع.
هذا الحصار الجائر جعل من عمليات الإنقاذ مهمة شبه مستحيلة، تاركًا المحاصرين يواجهون مصيرهم بأنفسهم، دون ماء أو هواء أو أمل حقيقي بالخلاص.
وفي خضم هذه الظروف القاسية، فقدت العائلة آخر خيط أمل لها. كان الاتصال الأخير اول أمس الخميس بأحد الشباب ( زياد صباح جندية 38 عاما ) تحت الركام يحمل بصيص رجاء، حينما همس بصوت مرتجف بأنه لا يزال حيًا. لكن منذ ساعات طويلة، انقطعت الأصوات، وساد صمتٌ ثقيل، لا يُعرف إن كان صمت النجاة أم صمت النهاية.
هذا الانقطاع المفاجئ زاد من معاناة ذويهم، الذين باتوا لا يعرفون إن كانوا ينتظرون معجزة أم يستعدون لتوديع من يحبون بصمت.
من بين الركام، كانت تصل أحيانًا أصوات خافتة: أنين، همسات، أو صرخات استغاثة. أصوات كانت تقول إن الحياة لا تزال ممكنة، وإن تحت هذا الركام قلوبًا لا تزال تنبض.
الأطفال، الذين كان يُفترض أن تملأ ضحكاتهم أرجاء المنزل، أصبحوا الآن في سباق مرعب مع الزمن، وسط أنقاض بيتٍ كان يومًا ما ملاذهم الآمن.
لكن الواقع أشد قسوة من أي أمل. فمع كل لحظة تمر، تتضاءل فرص النجاة، وتزداد احتمالات أن يتحول الصمت الذي يخيم على المكان إلى إعلان موت جماعي جديد، لا لشيء إلا لأن العالم اختار أن يصمت، ولأن الاحتلال قرر أن يمنع حتى أنفاس الحياة من الوصول إلى المحاصرين.
اليوم، عائلة جندية ليست مجرد رقم جديد يُضاف إلى قائمة الضحايا، بل هي مرآة تعكس حجم المأساة الإنسانية التي تتفاقم في غزة، تحت سمع وبصر عالمٍ يشاهد ولا يتحرك، يتألم وربما يتضامن، لكنه لا يمنع الجريمة.
*اسماء المتواجدين تحت ركام منزل عائلة جندية*
1. زياد صلاح جندية 38 عام
2. بسينه محمد جندية 30 عام
3. رفيف زياد جندية 8 سنوات
4. سميرة زياد جندية 8 شهور
5. فريال سائد جندية 10 عام
6. العنود سائد جندية 16 عام
7. فراس شريف جندية 15 عام
8. وردة شريف جندية 12 عام
9. محمد شريف جندية 8 سنوات
10. عبدالرحمن شريف جندية 5 سنوات
11. عبير محمد جندية 40 عام
12. حلا عماد جندية 12 عام
13. مرام عماد جندية 10 سنوات
14. نور عماد جندية 5 سنوات
15. صلاح عماد جندية 3 سنوات