في وقتٍ تتساقط فيه قذائف الاحتلال على رؤوس الأبرياء في قطاع غزة، وتُستهدف فيه المستشفيات والطواقم الطبية بشكل ممنهج ضمن حرب إبادة شاملة، تخرج قناة "عودة" التابعة لحركة فتح بمزاعم خطيرة، تُشكل تمهيدًا إعلاميًا مكشوفًا لتبرير المزيد من جرائم الاحتلال.
ففي منشور عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، زعمت القناة أن مستشفى الأمل في مدينة خانيونس "أُغلق بسبب سيطرة حماس على غرف الجراحة فيه"، في خبرٍ كاذب سرعان ما تلقفته أبواق الاحتلال، وعلى رأسهم المتحدث العسكري الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الذي لم يفوّت الفرصة ليبني عليه دعاية تضليلية تُجيز استهداف المستشفى وغيره من المرافق الصحية.
الهلال الأحمر يفضح الكذب الفتحاوي
الرد جاء سريعًا من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، التي نفت بشكل قاطع هذه الادعاءات، مؤكدة أن مستشفى الأمل لم يُغلق، وأن أقسام الطوارئ والعمليات والعناية المكثفة ما تزال تقدم خدماتها للمرضى رغم المخاطر المحدقة.
عدد من الصحفيين والنشطاء عبّروا عن صدمتهم من انزلاق قناة "عودة" وخطاب حركة فتح نحو التساوق مع رواية الاحتلال، متسائلين إن كانت الخلافات السياسية تبرّر "الخيانة الإعلامية".
الصحفي يوسف أبو وطفة كتب: "هل بلغ الخلاف السياسي مرحلة التساوق في الخطاب الإعلامي مع الدعاية الإسرائيلية؟ في وقتٍ استُهدفت فيه مستشفيات كالمعمداني والكويتي وأُزهقت أرواح طواقمها."
الصحفي محمد عثمان علّق بمرارة: "قناة عودة اللي تابعة لفتح نشرت منشور عن مستشفى في قطاع غزة إنه تم إغلاقه لأنه حماس سيطرت عليه! فقام أفيخاي شارك المنشور، وهيك أخذ التبرير من فتح!! شكرا يا أولاد الخنازير!!"
الكاتبة هدى بارود أوجزت المشهد بجملة صادمة: "لم يعد هناك إعفاء من الخيانة ولا تبرير. إنها ليست وجهة نظر مطلقاً. الخيانة خيانة يا قناة عودة."
مستشفى الكويتي نموذج للدم المسفوح
وفي اليوم ذاته الذي انتشرت فيه إشاعة قناة عودة، استهدفت قوات الاحتلال ساحة مستشفى الكويت التخصصي الميداني غربي خانيونس بصاروخ مباشر، ما أدى لاستشهاد أحد أفراد الطواقم الطبية وإصابة 9 آخرين، في جريمة موثقة تُضاف إلى سجل طويل من استهداف المستشفيات، حيث وثّق المكتب الإعلامي الحكومي قصف 36 منشأة صحية منذ بدء العدوان.
السؤال الأخطر: من يُجهّز بنك الأهداف؟
في ظل هذا التحريض الفاضح، يبرز تساؤل مرير: هل بات بعض الإعلام الفلسطيني يصيغ التمهيد لتبرير قصف المستشفيات؟ هل صارت "قناة عودة" حلقة جديدة في سلسلة التآمر على غزة وصمودها، فقط لأن فيها مقاومة لا ترضخ لمعادلة التنسيق الأمني؟
يرى مراقبون أن ما جرى من تضليل وتحريض لا يُغتفر. ليس فقط لأنه كذب فج، بل لأنه يُهدد حياة آلاف الجرحى والمرضى، ويمنح الاحتلال ذريعة دموية لمواصلة مجازره تحت غطاء "الادعاءات الفلسطينية".
انحراف بعض المنابر الإعلامية التابعة لحركة فتح نحو تأجيج التحريض ضد غزة، يفضح حجم الانحطاط السياسي والأخلاقي في صفوف من يقدمون الخصومة السياسية على الدم الفلسطيني.