جامعة النجاح.. من صانعة الاستشهاديين إلى مقر للمخابرات!

الضفة الغربية - خاص

في مدينة نابلس.. تنتصب جامعة النجاح الوطنية شامخةً بتضحيات أبنائها القادة: الاستشهاديين والأسرى والقادة والشهداء، الذين سطّروا بدمائهم الزكية وبزهرات أعمارهم تضحيات جسام، ليحيا الآخرون في وطن حرّ آمن.

تلك الجامعة التي خرّجت رجالا عظاما قادوا مسيرة العمل الطلابي أثناء دراستهم داخل أسوارها، وقادوا المقاومة والجهاد ضد الغاصب المحتل، فجعلوا جامعة النجاح محط أنظار الاحتلال، حيث أطلق عليها خلال انتفاضة الأقصى.. جامعة الاستشهاديين.

في هذه الجامعة كان تأسيس الكتلة الإسلامية على يد القائد الشهيد جمال منصور وأخوته، ومنها خرج المهندس الرابع في كتائب القسام الشهيد مهند الطاهر، والمهندس الخامس الشهيد محمد الحنبلي.

إلا أن تاريخ التضحيات التي سطرها أبطال الكتلة الإسلامية داخل الجامعة شكّل مصدر إزعاج لأعداء المقاومة، إلى أن أضحى الحرم الأكاديمي الآن منبعا لعناصر المخابرات وجهاز الأمن الوقائي، والذين تكمن مهمتهم بالقضاء على الوجود الإسلامي داخل حرم الجامعة.

فمنذ أكثر من عامين.. أخذت حكومة رام الله على عاتقها اجتثاث التواجد الإسلامي داخل الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، والقضاء على الهيكلية التي تشكل الكتلة الإسلامية في جناحيها - الطلاب والطالبات - على حد سواء، فكانت جامعة النجاح الهدف الأول لهم.

وعانت جامعة النجاح من تطاول الظالمين على أبنائها، وشهدت أحداثا يندى لها جبين الأحرار.. عندما اقتحمت عصابات حركة فتح إلى الجامعة وقتلت الحافظ لكتاب الله الطالب محمد رداد أمام مئات الطلبة والموظفين.. بينما كان يدافع عن أخواته في الكتلة الإسلامية في تلك الأحداث، فارتقى شهيدا وروحه تشكو ظلم الظالمين وتجبرهم في الأرض، إضافة إلى اعتقال المئات من طلبة الكتلة الإسلامية على أيدي أجهزة عباس والاحتلال.

** واقع أليم..

أبواب الكترونية للتفتيش على مداخل الجامعة.. كتلك التي ينشرها الاحتلال على حواجزه، وعناصر المخابرات يملئون حرم الجامعة.. تراهم في الساحات والممرات وقاعات الدراسة والمختبرات وفي المصليات.. في كل مكان.

يراقبون كل من كان له علاقة بالكتلة الإسلامية، وكاميرات مراقبة وضعت في كل الأماكن التي يشكون بتواجد أنصار الكتلة الإسلامية فيها، أنشطة طلابية ممنوعة.. لوحات الحائط التي كانت تملؤها الكتلة الإسلامية بالعبارات الدعوية والإرشادية والأخوية اختفت الآن.. وحلت مكانها بعض عبارات التهجم على حركة حماس من قبل الكتلة الوحيدة المسموح لها بالعمل الطلابي داخل الجامعة وهي حركة الشبيبة الطلابية.

وقبل أيام.. كان من المفترض أن تزخر الجامعة بالأنشطة الطلابية استعدادا لخوض الطلبة حقهم الدستوري في اختيار ممثليهم في مجلس اتحاد الطلبة، إلا أن شيئا من هذا لم يحدث بسبب منع الإدارة المتواطئة مع أجهزة عباس، فما كان من جميع الكتل الطلابية داخل الجامعة إلا أن انسحبوا من هذه الانتخابات.. و"فازت" حركة فتح بالتزكية بمجلس الطلبة!

** ضجر الطلاب

من جانبهم عبّر طلبة الجامعة عن ألمهم من الواقع المفروض عليهم في حياتهم الجامعية، والتي كانوا يتوقعون خلالها نوعا من الحرية في العمل الطلابي اللامنهجي.

الطالب "مؤيد ك." من كلية الهندسة يقول:"كليتنا كانت الرائدة في تخريج المهندسين القساميين، والاستشهاديين والقادة، لكنها اليوم فقدت كل ذكريات البطولة، وكأن تضحيات هؤلاء القادة والشهداء ذهبت أدراج الرياح.. فمنذ عامين وأكثر ودور الكتلة الإسلامية مغيَّب، مما انعكس سلبيا على الطلاب ووضع الجامعة بشكل عام".

وأضاف:"الالتزام الديني للطلاب يقل تدريجيا.. وهذا ما تريده الإدارة والأجهزة الأمنية، حيث كانت الكتلة الإسلامية تستقطب الطلاب وخاصة الجدد منهم وتستوعبهم في دورات إرشادية وتربوية ودعوية، وتحيي المناسبات الدينية والوطنية وتبدع في الأنشطة الطلابية اللامنهجية، مما يساعد في صقل شخصية الطالب الجامعي ويثري من وعيه اتجاه الحياة الجامعية".

ويستدرك قائلا:"الطالب في الجامعة الآن لا يعرف ما له وما عليه، فمجلس اتحاد الطلبة تديره الشبيبة للأسف.. وبدلا من أن تحقق انجازات لصالح الطلبة، فقد سحبت وأسقطت إنجازات حققتها مجالس الطلبة السابقة التي كانت تديرها الكتلة الإسلامية، ومنها سحب حق الانتخاب لطلبة الدراسات العليا، وإلغاء نظام القروض التي كانت تمنح للطلبة وخاصة المحتاجين منهم.

** كان بالماضي

أما الطالبة ميساء من كلية الآداب فقالت:"عندما سجلت بالجامعة كانت الكتلة الإسلامية تدير مجلس اتحاد الطلبة، وكان مقر المجلس وقتها كخلية نحل، الكل يعمل، ويسيرون أمور الطلاب الذي يتقدمون بشكاوى مختلفة، أما الآن فالأمر انعكس 180 درجة، المجلس بيد الشبيبة، والوضع فيه سيء للغاية، فهو ملتقى لعناصر الشبيبة والمخابرات وغيرهم، لا أحد يجيب الطلبة، ولا يوجد لجان واضحة ومعروفة للطلاب لمراجعتها بأية شكوى، ولا توجد انجازات يلمسها الطلاب".

وتضيف:"الله يرحم أيام العز.. وأيام الكتلة الإسلامية.. كانت رؤية الراية الخضراء وحدها وهي ترفرف في الساحات تشرح البال وتهدي الأعصاب.. لكن الآن لا مجال للمقارنة أبدا، ندعو الله أن يعجل في عودة الحق لأصحابه.. وتعود الكتلة الإسلامية لتقود المشروع الطلابي إلى بر الأمان".

 

البث المباشر