قائد الطوفان قائد الطوفان

من ملفات القضاء .. وحوش المقابر

الرسالة نت –  مها شهوان

في ليلة حالكة السواد اختطف فتيان طفلا لا يتجاوز العشرة سنوات  من أمام بيته ، واقتادوه إلى مقبرة قريبة من المنطقة لا أليف فيها سوى الأموات .

واعتاد الفتيان اللذان يبلغان من العمر 14 عاما السهر داخل المقبرة لوحدهما بخلاف الطفل الذي ما أن رأى مشهد القبور الموحشة ليلا حتى بدأ بالصراخ وغرس قدماه بالرمال في محاولة منه لعدم التقدم نحو الداخل ،إلا أن احد الفتية وضع كفيه على فم الطفل  وأدخله بمساعدة زميله عنوة في المقبرة.

وبعد أن اختفى الفتية والطفل عن أنظار المارة انهالوا على الطفل بالضرب وسرقوا  ما بحوزته ، وأسمعوه ألفاظا نابية, وهموا باغتصابه بعد أن اسقطوا سرواله .

وحسب التحقيقات التي اطلعت عليها "الرسالة نت" لم يتمكن الفتيان من ممارسة فعلتهما الدنيئة لسماعهم صوت أقدام رجل شرطة تقترب منهم, على اثرها لاذوا بالفرار ، بعد أن تعرف على ملامحهما وتوجه إلى الطفل الصغير وأخذه إلى مركز الشرطة ليروي ما حدث معه.

جناية خطيرة

وبعد ساعات من وقوع الحادثة ألقت الشرطة القبض على الفتيين , الذين بدورهما حاولا إنكار فعلتهما رغم مواجهتهما بالطفل ، مدعين أن الطفل والشرطي يكنان لهما الحقد كونهم يعيشان في ذات المنطقة.

وأثناء إحالتهم للنيابة اعترفا بفعلتهما بوجود ذويهما اللذين كان واضحا عليهم المسكنة وضيق الحال ، حتى حولتهم لمؤسسة "الربيع " للأحداث ريثما تعرض قضيتهم على القضاء.

وخلال عرض القضية على محكمة الأحداث ظهر الفتيان في قمة وقاحتهما وكأنهما لم يرتكبا أي فعل مناف للحياء، حيث كانت نظراتهم تمقت الطفل الصغير الذي كان طيلة الوقت ملتصقا بوالده.

حينما جاء دور القضية للبت في الحكم تقدم وكيل النيابة ممتعضا لما اقترفه الفتيان وطالب بتوقيع أقصى العقوبة على المتهمين باعتبار أن ما فعلوه جناية خطيرة, اقر لها المشرع عقوبة تزيد عن 10 سنوات خاصة في ظل عدم وجود تنازل أو مصالحة بين الأطراف.

وبعد مطالبة وكيل النيابة بالحكم القاسي حدثت بلبلة في قاعة المحكمة ما بين مؤيد ومعارض إلا أن مرافعة وكيل المتهمين أوقفت الضجة وتقدم مدافعا بقوله:" ان موكلي نادمين على فعلتهما وتوقفا في مؤسسة الربيع لمدة زادت عن تسع شهور مما يعني انه تم تأهيلهما نفسيا وأخلاقيا لذلك ألتمس من المحكمة شمول إيقافهم ضمن العقوبة مع وقف التنفيذ".

فقر مدقع

بعد سماع وكيل النيابة ووكيل المتهمين خرج القضاة من الجلسة للنظر في الحكم حتى عادوا مجددا ونطق القاضي اشرف فارس رئيس محكمة بداية غزة قائلا:" باسم الشعب الفلسطيني حكمت المحكمة بحبس المدانين مدة سنة مع وقف عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات ودفع غرامة مالية قدرت بـ 700 شيكل ".

لم يرق الحكم الصادر لبعض أهالي الضحية , لكن القاضي برره "للرسالة نت" قائلا:" التعامل مع الفتية يختلف عن البالغين لذلك تعمل المحكمة على إيداعهم في مؤسسة الربيع لفترة زمنية يقدرها القضاء ، بالإضافة إلى انه يربط المتهم بكفالة حسن سير وسلوك على مبلغ معين من ولي أمره".

وأضاف القاضي فارس:" كفالة ولي الأمر تعني عدم رجوع الطفل لارتكاب جريمته مجددا ، لكنه في حال عاود يعاقب ولي أمره حسب الجرم الذي يرتكبه ولده".

وأشار إلى أن هناك نوعية مثل تلك القضايا ليست بالهينة منظورة أمام المحاكم ، لكنها قليلة مقارنة إلى فترة ما قبل الانتفاضة الثانية.

وأثناء تقليب "الرسالة نت" لملفات تشابه القضية المعروضة وجدت أن غالبية الفتية الذين يرتكبون تلك الأفعال اللاأخلاقية ينتمون لعائلات بسيطة وفيما يتعلق بذلك أكد فارس على أن غالبيتهم يعانون فقرا مدقعا وإهمالا في التربية الأسرية، لذلك تضعهم المحكمة في مؤسسة الربيع لإصلاحهم.

ضغط جنسي

وعلى الصعيد النفسي والاجتماعي تحدث الأخصائي د.درداح الشاعر أن ما اقترفه الفتيان مخل بالآداب العامة ويتنافى مع التعاليم الإسلامية ، مشيرا إلى أن ما يدفع الأولاد بالتفكير في هذا السلوك شعورهم بالضغط الجنسي لسوء التنشئة التي تدفعهم للاعتداء على الآخرين.

غالبية الأطفال الموقفين ينكرون فعلتهم وحول ذلك بين أنهم يفعلون ذلك لإدراكهم بالعقوبة الاجتماعية والقانونية لكنهم نفسيا يعتقدون ما فعلوه مجرد تنفيس جنسي لسوء تربيتهم .

وأيد الشاعر الحكم المتخذ ضد الأطفال وإيداعهم في مؤسسة الربيع لما فيه من تأهيل وإصلاح.

وللشريعة الإسلامية حكم في قضيتنا جاءت على لسان د. ماهر الحولي أستاذ الشريعة في الجامعة الإسلامية حيث قال :" ما ارتكبه الأولاد سلوك مشين ومحرم في الشريعة ، لكنهم يقعون في إطار القاصرين الذين لا توقع عليهم العقوبة الدينية ".

وأكد على أن العقوبة التعذرية تقع على ولي الأمر لإصلاح ما أفسده الأبناء  وتهذيب سلوكهم.

وشدد الحولي على أن تلك القضية خطيرة لذا لابد من وجود مؤشر لمراجعة الأبناء ومراقبتهم ضمنا لسلامتهم من الوقوع في الجرائم الخطيرة.

وفي ختام ملفنا القضائي لهذا العدد هي نصيحة تسديها "الرسالة نت" للأهالي: عليكم بأبنائكم خشية الوقوع في فخ الرذيلة ، واتخذوا من قول رسولنا الكريم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" قاعدة في تربية أولادكم.

البث المباشر