غزة –الرسالة نت
غزة –الرسالة نت وضع نخبة من قادة المكتب السياسي لحركة حماس عددا كبيرا من قادة الاحزاب العربية المشاركين في المؤتمر الاخير في دمشق بصورة تقديرات الحركة ورؤيتها الاستراتيجية المرحلية.
وخلال اتصالات ثنائية واخرى معمقة ومغلقة حضرت ’القدس العربي’ بعضا منها تم التطرق للكثير من الملفات الاساسية على صعيد ما يحصل من زاوية نظر حركة حماس، حيث عقد قادة المكتب السياسي لقاء خاصا مع نحو ثلاثين حزبيا عربيا على هامش المؤتمر بحضور بعض الاعلاميين العرب وبحضور رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل وعضو المكتب سامي خاطر وعزت الرشق وآخرين.
واجرى قادة حماس ايضا مجالسات وحوارات داخلية لاستثمار التحشد الحزبي العربي وشرح وجهة نظرهم فيما يجري بالساحة الفلسطينية والاقليمية وشكلت الحركة خلية نشاط تلتقي النخب الحزبية وتحاورها وتوضح لها الصورة بهدف رسم ما وصف بأنه تصور الحركة الاستراتيجي للمرحلة.
وفي اطار هذا التصور تم التشديد على ان العامل الحاسم في الخلاف الفلسطيني الداخلي ليس موازين القوى ولا معايير الصح والخطأ انما الواقع الذي يشير الى ان الجنرال الامريكي دايتون صنع ثقافة جديدة في عمق المعادلة الفلسطينية بدليل ان رئيس الوزراء في السلطة سلام فياض يشتري ذمم الناس، فقد اشترى بيتا وسيارة لكل من تصل رتبته الى عميد، وثقافة الناس في هذا الاطار تتغير مما يؤشر على حالة البؤس التي وصل اليها المشهد الفلسطيني، ومما يعني في اطار قراءة حماس الإستراتيجية للموقف بأن العاملين الاقليمي والدولي هو صاحب التأثير الطاغي وبالتالي لا يوجد ما يمنع الآن وفي ظل الواقع الموضوعي انفجار الوضع بسبب تأثير العاملين الاقليمي والدولي.
خطوات عباس التالية
ومن الواضح ان محاورة العصف الذهني بين قادة حماس الذين غاب منهم الدكتور موسى ابو مرزوق وبين المهتمين من النشطاء العرب تضمنت حديثا مباشرا عن خيارات اللحظة الثانية من زاوية حركة حماس على اساس ان نتنياهو مختبر سابقا ولا يحتاج اي طرف لاختباره وهو يريد سلاما اقتصاديا، ومن هنا فمعادلة حماس ضيقة جدا وخيارات اللحظة الراهنة عندها مرتبطة حصريا بسلوك الرئيس محمود عباس وخطواته في الايام المقبلة، ومن هنا ستتصرف حماس بالقطعة وسيكون العامل الاكثر حسما في موقفها هو خطوات الرئيس عباس على اعتبار ان الرئيس الامريكي اوباما بالرغم من كلامه وتصريحاته واهتمامه ومبعوثه للمنطقة والقضية خارج التغطية والتأثير الفعلي لسبب بسيط وهو حاجته الملحة مرحليا للوبي اليهودي والصهيوني في بلاده حتى يتمكن من تمرير ملفاته الداخلية التي تحظى بالاهمية بالنسبة له اكثر من اي ملفات اخرى.
وهنا قيل بوضوح ان الرئيس اوباما اطلع الرئيس محمود عباس على شجرة الحد الادنى عندما اتصل به يوم الجمعة الموازي لليوم الذي صدر فيه مرسوم الانتخابات الاخير ليقول له باللغة الانكليزية (go ahead).
وكذلك عندما فرض عليه معادلة غريبة وهي معادلة المستوطنات كبداية ومنطلقا وهو امر جديد تماما لان المفاوض الفلسطيني سابقا لم يضع المستوطنات كشرط لاي تحرك وهو امر تورط به الرئيس ابو مازن عندما اصعده اوباما على شجرة الحد الادنى ثم خذله وقطع به الحبل، فيما تشير حماس بوضوح الى ان المصريين الذين دعموا ورقة المرسوم الانتخابي كان لهم حساب تكتيكي فهم يريدون هذه الورقة تكتيكا وليس استراتيجيا.
وفي السياق عرضت خلال اللقاءات المتعددة التي اجريت وراء الكواليس مع المهتمين والانصار ما وصفه قادة حماس بمعلومات واردة من مطابخ الامريكيين انفسهم حيث هددت هيلاري كلينتون الرئيس عباس عبر تذكيره بمصير الراحل ياسر عرفات، وعبر القول مباشرة له بوجود بدائل اخرى في الساحة عنه.. ومن اجل ذلك تم ابلاغ عباس بأن الامريكيين يستطيعون التعامل معه اينما كان في المعادلة الفلسطينية وهو تلميح يعني بأنهم قد يدعمون خيارات بديلة عنه فعلا.
وفي السياق ايضا قال رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل انه يقترح على الرئيس عباس اعلانا بالصيغة التالية (.. انا اخلص الناس لعملية السلام واسرائيل قتلتها.. اضع الامانة بين ايدي الشعب واتنحى عن المشهد) ويرى مشعل ان عباس لو فعل ذلك لاحترمه الناس ولشكل ذلك مخرجا حقيقيا له وللمصالحة.
ذاهبون الى خلط الاوراق
سئل قادة حماس عن تصوراتهم للايام المقبلة فاعتمدوا عبارة (ذاهبون الى خلط اوراق) وفي الشروحات قيل بان الرئاسة انتهت صلاحياتها، وان الادارة الامريكية لن تعطي عباس سلما للنزول عن الشجرة فاذا التزم الرجل بعدم ترشيح نفسه سيتغير الواقع الموضوعي وسيتراجع عن ذلك بغطاء عربي او بعملية تذاكي وان حصل فسنشهد مزيدا من اضعاف مؤسسة الرئاسة.
وسئلت حماس ايضا عما تريده الآن؟ .. فكان الجواب: نقبل بالمصالحة حتى بحدها الادنى حتى نعبر حاجز الانكسار والحد المنطقي للمصالحة هو الاستفادة من الانسداد السياسي وصياغة برنامج سياسي يضمن مصالح جميع الاطراف وعليه ينبغي ان يقف الجميع امام لحظة صدق ليقولوا: اوسلو ماتت.. التسوية فشلت وبما ان عملية السلام لم تنجز ولم تنجح فلنكن جميعا داخل حالة المراوحة ما بين اللاسلم واللاحرب خصوصا وان من بركات حرب غزة الاخيرة فتح طاقة مهمة وجديدة بعنوان صورة اسرائيل في المجتمع الدولي.
وتم التشديد في الاطار على ان انتخابات بدون مصالحة يعني انتخابات بدون غزة وذلك يعني بالنتيجة قذف غزة في حضن المصريين وهو خيار ترفضه الاستراتيجية المصرية.
وفي اطار توضيح بعض ملابسات مسألة المصالحة قال مشعل بوضوح وعدة مرات بأن الزواج اساسه العقد وليس العرس والبهرجة وتمت الاشارة الى ان حركة حماس فوجئت بورقة المصالحة المصرية الثانية وان المشكلة حول الورقة الثانية لا زالت عالقة مع مصر حتى الآن، فالاخوة في مصر يريدون التوقيع قبل التدقيق وحركة حماس تتمسك في حقها بالتدقيق قبل التوقيع فمن غير المعقول ان تحصل الانتخابات قبل المصالحة ومن البديهي ان تدقق حركة حماس في الورقة التي تطالب بالتوقيع عليها.
ونقلت في السياق حيثيات مكالمة هاتفية بين خالد مشعل ورئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري قال فيها الاول: نقبل بالأسس اللبنانية في تشكيل حكومة فلسطينية.
قريع والوزير سليمان
وحتى عندما كانت تظهر مشكلات في اثناء التفاوض بهدف المصالحة كان احمد قريع يسأل الوزير المصري عمر سليمان السؤال التالي: هل تعتقد ان هذه النقطة تمشي عند الامريكيين؟.. جواب الوزير المصري كان اتركوا هذا الامر لمصر وعلى ضوء هذه التفاصيل تتصور حماس ان مشكلتها مع مصر عدم وجود ظهر وسند لها وسؤال الحركة في التالي هل سيحل التوقيع على الورقة المصرية الثانية بعد تعديلها المشكلة على الارض؟ .. الجواب بتقدير حركة حماس هو لا وان كان الامر قد ينتهي بتحسن في الظرف العام.
وتشعر حركة حماس بالاسف لانها لا تلقى مساندة عربية بالرغم من انها وخلافا للاطراف الاخرى لم تعمل على خرق الامن العربي في كل البلدان التي تتواجد فيها وترى بالنتيجة بان المصالحة القابلة للنجاح هي تلك التي تحتكم للعبة الديمقراطية التي يقبل فيها كل طرف الطرف الاخر فيما ترى الحركة بان ما عرقل المصالحة فعلا هو حصول مستجدات اهمها تقرير غولدستون والورقة المصرية الثانية.
وحتى عند بحث بعض التفاصيل تواجه حماس صعوبات وعوائق فهناك 200 معتقل منها في الضفة الغربية وافقت على تأجيل النظر في مسألتهم الى ما بعد توقيع المصالحة، لكن وزراء عرب قالوا لقادة حماس ان التزامات السلطة الامنية تمنع الافراج عن هؤلاء وهي التزامات مرتبطة باطار دايتون مما يعني ان بعض المشاكل على الارض لن تحل في الواقع.
وفي كواليس المؤتمر الحزبي العربي وغرفه المغلقة تحدث قادة المكتب السياسي لحماس عن مشاريع ضغوط على قاعدة التوطين وعن افكار بتشكيل صناديق عربية ودولية مع تعويض الفلسطينيين بشيء سياسي في الاردن وتطفيش جزء من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية للمشاركة بالنظام السياسي الاردني عبر استغلال الظروف الاقتصادية لجميع الاطراف وفقا لقاعدة تقول بأن العدو لن يمنح الفلسطينيين دولة في الضفة الغربية.