قائد الطوفان قائد الطوفان

إسرائيل تحشد جنودها تحسبا لأي طارئ

انتفاضة حزيران.. الغزيون يزحفون نحو الكيان

غزة – الرسالة نت

بعد ذكرى "النكبة" الثالثة والستين التي صادفت الخامس عشر من أيار الماضي، وما شهدته من مسيرات حاشدة أعادت إلى الواجهة "حق العودة الفلسطيني"، تطل علينا من جديد ذكرى "نكسة عام 67" لتكشف عن قلق متصاعد لدى قادة الدولة الصهيونية من مثل هذه التحركات الجماهيرية التي يخشون أن تتحول إلى زحف ملاييني مرعب في السنوات القادمة، وهو السيناريو الذي كان رئيس وزرائهم سابقا "ليفي اشكول" حذر منه مبكرا جدا منذ عام/1965.

الشعب الفلسطيني في كل مكان - من المثلث والنقب والجليل، في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى مخيمات اللجوء والشتات – يحيون اليوم الأحد الذكرى الـ 44 لهزيمة (حزيران) عام 1967 من خلال التحرك على كل الجبهات عند خطوط التماس، وفي كل الميادين، لقض مضاجع الاحتلال، وتأكيدا على التمسك بالثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس .

الفصائل والقوى الإسلامية في قطاع غزة دعت الجماهير الفلسطينية كافة لحشد الطاقات وتوحيد وتكريس الجهود للمشاركة والعمل على كل الجبهات عند خطوط التماس لرسم طريق العودة من جديد.

الجيش الصهيوني حشد الآلاف من جنوده ودباباته على الحدود مع سوريا ولبنان وقطاع غزة والضفة الغربية، في محاولة لمنع تكرار مسيرات الزحف نحو حدود فلسطين المحتلة.

وفي الوقت نفسه، بدأت قواته تستعد لمواجهة قرار «إدارة موقع الانتفاضة الفلسطينية الثالثة»، تنفيذ مسيرات الزحف في يوم الخامس من يونيو (حزيران)، الذي يصادف ذكرى احتلال الأراضي العربية سنة 1967.

وقد أعلن قائد الجبهة الشمالية للجيش الإسرائيلي، اللواء جادي آيزنكوت، عن أن قرية مجدل شمس وكافة القرى والمستوطنات في شمالي شرق هضبة الجولان المحتلة، منطقة عسكرية مغلقة، تحسبا من تكرار محاولة تخطي متظاهرين للحدود من سوريا مثلما حدث في ذكرى النكبة، وبموجب هذا الإعلان، حظر على الصهاينة دخول المنطقة.

تاريخ الرعب الصهيوني

ويعود الرعب الصهيوني من الزحف الملاييني حسب وثيقة صهيونية هامة جدا كشف المؤرخ "توم سيغف" النقاب عنها في –هآرتس- الى عام/1965، فكتب سيغف تحت عنوان:"ماذا لو تحرك مئات آلاف اللاجئين بدون سلاح باتجاه الحدود؟".

ويجيب: "قبل حرب 1967، بسنتين بالضبط، أبدى رئيس الحكومة ووزير الأمن في حينه، ليفي أشكول، تخوفاً من إمكانية حصول أمر كهذا-زحف ملاييني-، وقد جرى النقاش في جلسة الحكومة الأسبوعية مع قادة الأجهزة الأمنية، في الرابع من حزيران/ يونيو 1965".

وأضاف سيغف: "افتتح أشكول الجلسة في حينه بالسؤال: "كم هو عدد اللاجئين؟ ماذا يأكلون؟ وما هو وضع الهجرة؟"، فأجاب رئيس المخابرات العسكرية آنذاك أهارون ياريف أنهم "يأكلون ما تقدمه لهم وكالة غوث اللاجئين، الأونروا، وأن أوضاعهم ليست جيدة، وهناك حالة تذمر في وسط اللاجئين، لذلك يتم تجنيدهم للجيش المصري...وقال أشكول إنه يعتقد طوال الوقت بأن قضية اللاجئين هي "عقب أخيل" بالنسبة لإسرائيل".

وتساءل: "ماذا نفعل لو قاموا ذات يوم بدفع النساء والأطفال إلى الأمام؟"، وعندها رد عليه رئيس هيئة أركان الجيش في حينه، اسحق رابين: "إذا لم يقوموا بذلك حتى الآن، فهم لن يفعلوا ذلك.. وبعد قتل 100 منهم، فإنهم سيتراجعون".

ويضيف سيغف:"أن أشكول لم يقتنع، وقال: "إنهم يتكاثرون بسرعة"، إلا أن رابين رد عليه بالقول: "لم يرتفع عدد اللاجئين. في السنوات 1949 و 1950 و 1951 و 1952، وعندما كان النقب خالياً، وكان هناك قرى مهجورة، كان هناك مجال للتخوف من ذلك.. وفي حينه تحدثوا عن مسيرات للاجئين، أما اليوم فلم أسمع أن أحداً يتحدث عن ذلك".

 وقال أشكول: "في اللحظة التي يصبح عددهم فيها 500-600 ألف، فهم يتكاثرون في كل مرة، ومن الممكن أن ينفجر ذلك في لحظة ما.. أما أن تظل الأونروا تعيلهم، فنحن أيضاً لا نعتقد أن ذلك جيدا".

 وما بين عهد اشكول في ذلك العام قبل ستة وأربعين عاما، وعهد نتنياهو اليوم، نتابع كيف يتحول هذا الكابوس –الزحف الملاييني- إلى حقيقة على الأرض، الذي كان تخوف اشكول منه آنذاك يعود ليحتل المشهد السياسي الاستراتيجي الإسرائيلي اليوم.

 والذي حذر منه اشكول آنذاك في اجتماع مغلق لحكومته، اخذوا يحذرون منه اليوم صراحة أمام وسائل الإعلام.

مراهنة فاشلة

واخذ الاحتلال الصهيوني يخشى أن تتحول مسيرات العودة واجتياز الحدود إلى عمل مبرمج ومنهجي ومستمر، ويستعد جيش الاحتلال ويتحسب من أن يتحول ذلك إلى تظاهرات دائمة على غرار التظاهرات ضد جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية.

والذي راهنوا عليه آنذاك- موت الكبار ونسيان الصغار- لم يتحقق لهم، فاخذ عشرات الآلاف –وربما مئات الآلاف والملايين مستقبلا- من الشباب يزحفون وقرروا أن يواصلوا الزحف مستقبلا، ليفتحوا بذلك ملفات الصراع كلها على مصراعيها وليعيدوا القضية إلى بداياتها.

فقد فتحت مسيرات العودة الفلسطينية التي جرت في الذكرى الثالثة والستين للنكبة واغتصاب فلسطين، كما تفتح مسيرات الأحد الحزيراني اليوم، كل ملفات النكبة والصراع لتعيدنا ليس فقط إلى الذاكرة الوطنية الفلسطينية والعربية، وكذلك إلى الذاكرة الصهيونية، بل إلى الوراء..إلى ما قبل ثلاثة وستين عاما...والى ما قبل أربعة وأربعين عاما...!

إذن، في المشهد الفلسطيني المتبلور اليوم ونحن في فضاءات ذكرى النكبة والهزيمة الحزيرانية، وفي ظل الثورات العربية والمصرية منها على وجه التخصيص، مؤشرات متزايدة متراكمة على أن ما كان قبل هذه الثورات لن يكون ما بعدها، وعلى أن ثقافة الغطرسة الصهيونية أخذت تهتز تحت وقع التطورات الدرامية.

فهم يجمعون اليوم على أن هذه المسيرات تشكل نقطة تحول استراتيجي مرعبة في الصراع، وعلى "إسرائيل" بالتالي أن تستعد لزحف الملايين من الفلسطينيين والعرب في السنوات القادمة.!

البث المباشر