قائد الطوفان قائد الطوفان

صراع "العباسيين والدحلانيين" ينتقل إلى الميدان

فايز أيوب الشيخ

انعكس قرار اللجنة المركزية لحركة فتح بفصل العضو فيها محمد دحلان على مجمل المستويات التنظيمية للحركة وفي مختلف مناطق وجودها سواء في الضفة المحتلة أو قطاع غزة أو الخارج، رغم أن الأخير لم يجد من يجاهر بمناصرته ضد من يملك مفاتيح المال ويدفع الرواتب ويتحكم بالمواقع الوظيفية والتنظيمية المختلفة.

وبدا عبر حادثة الاشتباك الفتحاوي -الأحد الماضي في غزة- وتعمد الاعتداء على أمين السر للهيئة القيادية العليا لفتح في قطاع غزة عبد الله أبو سمهدانة في منزله أن "فريق دحلان" يريد تعكير الأجواء وخلط الأوراق في الساحة التنظيمية للحركة في غزة وضمها لمصلحته.

وفي المقابل تشن الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة بالضفة حملة اعتقالات في صفوف الموالين لدحلان، وتهدد بقطع راتب كل من يعارض قرار اللجنة المركزية للحركة.

مشكلة مفتعلة

"الرسالة نت" كانت أول من كشف عما جرى في منزل أبو سمهدانة خلال الاجتماع الذي جرى بحضور عدد من قيادات حركة فتح، فقد بدأت بمشادات كلامية ثم تطورت إلى عراك بالأيدي وإطلاق نار؛ مما دفع الشرطة الفلسطينية للتدخل من أجل فض الاشتباك.

وعلمت "الرسالة نت" من مصدر فتحاوي شارك في الاجتماع أنهم تفاجئوا بعناصر من الشبيبة الفتحاوية يقتحمون عليهم اجتماعهم بحجة المطالبة بالتمثيل الرسمي للشبيبة في غزة، مشيرا إلى أنه سرعان ما انكشفت نيتهم الهادفة إلى تخريب الاجتماع بالتطاول على قيادات فتح وتوجيه الشتائم لهم، وخاصة لأبو سمهدانة.

أبو سمهدانة أعلن أن حركة فتح في غزة ملتزمة بقرار القيادة ما دامت شرعية وقانونية؛ الأمر الذي فجّر أزمة بينه وبين أنصار دحلان خاصة بعد أن هدد عباس بقطع راتب كل من يؤيد دحلان، وهو ما تؤكده رسالة القيادي الفتحاوي والناطق باسم الحركة ماهر مقداد التي نشرها على صفحته على "الفيس بوك" ويشكو فيها من قطع راتبه لأنه رفض قرار فصل دحلان رغم أنه على قطيعة معه منذ ستة أشهر.

وأوضح المصدر الفتحاوي أن عناصر الشبيبة أفصحوا صراحة عن غضبهم من القيادة الفتحاوية في غزة لما يعتبرونه انصياعًا واضحًا منها لقرار فصل دحلان، وطالبوا بالتمرد على قرار عباس صراحةً. ولم يخف المصدر الفتحاوي أن يكون تدخل الشرطة الفلسطينية لفض الاشتباك جاء بطلب من بعض قيادات فتح بعد أن فقدت السيطرة على الموقف، لافتا إلى أنه جرى بعدها اتصالات ووساطة أخرى لإنهاء الأمر والإفراج عمن احتجزتهم الشرطة لساعات قليلة.

وحذر المصدر من أن ما جرى في منزل أبو سمهدانة ينذر بحرب أهلية داخلية في فتح ستُدخلها حلبة صراع لا يحمد عقباها وقد تؤدي إلى نهاية حتمية للحركة، محذرًا كذلك مما يشاع من ترصد بعض الكوادر الفتحاوية لأبناء الحركة في غزة، وحصرهم وتهديدهم بالاستهداف في حال البدء بسياسة قطع الرواتب.

فصل دحلان "نهائي"

محمد المدني -عضو اللجنة المركزية لحركة فتح- اعتبر أن ما حدث في منزل أبو سمهدانة من "البعض الفتحاوي" كان نتيجة لرد فعل وانفعالات تحدث في كل الأماكن والمواقع بين التنظيمات والأحزاب جميعا، مؤكدًا أن قرار فصل دحلان من الحركة أصبح نافذًا ولا رجعة عنه.

وشدد المدني -في حديثه لـ"الرسالة نت"- على أن قرار اللجنة المركزية لحركة فتح بفصل دحلان قرار رسمي وشرعي يجب الالتزام به واحترامه، لافتا إلى أن أطرا فتحاوية تتابع مع دحلان من أجل تجنب الانزلاق في مضاعفات قرار الفصل.

وكان عباس الذي يتزعم فتح أمرَ العام الماضي بتشكيل لجنة تحقيق في قضية دحلان على خلفية تصريحات للأخير طالت أبناء عباس، وجرى تجميد عضوية دحلان في اللجنة المركزية، وخضع للتحقيق بشأن تجاوزات أمنية وتنظيمية وفساد مالي والتورط في اغتيالات.

ووصلت الأمور إلى ذروتها قبل نحو أسبوعين عندما نشر دحلان -وهو مفوض الإعلام السابق لحركة فتح- رسالة موجهة إلى أمين السر للجنة المركزية أبو ماهر غنيم نهاية أبريل/نيسان الماضي هاجم فيها عباس بصورة شخصية وقيادات فتحاوية أخرى، وحمّلهم فيها المسؤولية عن إخفاقات كثيرة وقعت فيها الحركة، إضافة لتجاوزات إدارية ومالية تخص أموال فتح واستثماراتها.

غير أن المدني زعم أنه لا يوجد انقسام داخل اللجنة المركزية لفتح إطلاقا حول القرار قائلا: "هناك شكل وجوهر للعمل الديمقراطي وهناك من يصوت ومن يمتنع"، وفق وصفه، واستدرك: "لكن وبالمنطق فإن الأقلية تخضع لرأي الأكثرية، وبهذا لا يوجد أي احتقان أو اختلاف داخل اللجنة المركزية".

وأضاف المدني: "دحلان يجري اتصالات قانونية ضمن الأطر الحركية للتظلم على القرار"، مشيرا إلى أن دور اللجنة الرقابية لحركة فتح إصدار توصياتها التي تناقش وتعالج في المجلس الثوري، "حيث قدمت اللجنة الرقابية تقريرها لأمانة سر اللجنة المركزية التي يتولاها هو -أي المدني- وعموما ستناقش في المجلس الثوري"، على حد تعبيره.

الدحلانيون والعباسيون

وحاول النائب الفتحاوي محمد حجازي من ناحيته القفز عما جرى في بيت أبو سمهدانة من خلافات وصلت إلى حد العراك بالأيدي وإطلاق النار عبر زعمه بأن قيادة فتح كانت مجتمعة بخصوص إجراءات متعلقة بالشبيبة التابعة للحركة، قائلا إن أفرادا من الشبيبة يعتبرون أنفسهم غير ممثلين، "وطالبوا بأن يكون لهم تمثيل في اتحاد الشبيبة الفتحاوية.. ليس أكثر..!".

وعبر حجازي لـ"الرسالة نت" عن أسفه لأن الأمور تطورت وتحولت –في وسائل الإعلام- للتصنيف بين فريقين.. "أناس أسموهم الدحلانيين وأناس آخرين يسمونهم العباسيين"، رافضا كل التقسيمات والتصنيفات داخل حركته.

ورغم استبعاد حجازي أن تكون مجموعة الشبيبة التي تهجمت على أبو سمهدانة "مدعومة ومجندة" للاعتداء عليه وافتعال الفتنة والمشكلات فإنه توقع أن يكون من بينهم أفراد لديهم نيات من هذا القبيل، منوها إلى أن أفراد الشبيبة قدموا اعتذرا لأبو سمهدانة على ما بدر منهم من إساءة له، وفق زعمه.

كما نفى النائب الفتحاوي هو الآخر أن يكون قرار فصل دحلان قد أحدث انقساما داخل مركزيتها، مفسرا أن ستة من أعضاء المركزي امتنعوا لـ"أسباب معينة" وأن 12 آخرين وافقوا على قرار فصله من فتح ومركزيتها دون المساس بعضويته في المجلس التشريعي. 

واعتبر أن ما يحدث من خلافات داخل فتح شأنه شأن ما يجري داخل الحركات الكبيرة من خلافات، زاعما أن الهيكل الأساسي لحركته لن يهتز لفصل عضو هنا أو هناك، مضيفا: "فتح بيدها معالجة قضية فصل دحلان بما تجده مناسبا دون أن تهتز وتتأثر".

لا شك أن الصراع بين العباسيين والدحلانيين ما زال على أشده.. فهل سينهي الصراع مستقبل حركة فتح في قطاع غزة ويعكّر أجواء المصالحة الفلسطينية؟ ولمن ستكون الغلبة في النهاية؟.

البث المباشر