باسم عبدلله أبوعطايا
في ظل غياب الأفق السياسي لحكومة اليمين المتطرف ، و تأزم المسيرة التفاوضية مع سلطة رام الله أصبحت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية أكثر تأزما وأكثر تعقيدا, فباراك أوباما الذي عبر عن غضبة من نتنياهو من خلال زيارة الأخير لواشنطن مطلع الشهر الحالي ، وتهديد عباس بالاستقالة زاد الأمور تعقيدا, وأصبحت دولة الاحتلال بحاجة إلى مبادرة أو رؤية تستطيع من خلالها الخروج إلى العالم من اجل رفع الضغط عنها ، وفى هذه الأوقات دوما تحتاج "إسرائيل " إلى الثعلب الداهية شمعون بيرس الذي يسوق دوما على انه رجل السلام الأول في" إسرائيل " بخلاف حقيقته التي يفضحها تاريخه .
بيرس استغل غياب البرنامج السياسي لحكومة نتنياهو بعد خطاب بار أيلان الذي ثبت انه غير واقعي ، وضعف السياسة الخارجية التي يقودها المتطرف ليبرمان ليعرض خطته الخبيثة التي عرفت باسم مبادرة بيرس .
الخطة الكبرى
تحت عنوان (الخطة الكبرى) كتبت معاريف أن الخطة الجديدة تدعو في المرحلة الأولى إلى إقامة دولة فلسطينية في حدود مؤقتة على نصف مساحة الضفة (أي مساحة اكبر إلى حد ما مما يملكه الفلسطينيون حاليا) وبالمقابل سيتلقى كلا الجانبين "الإسرائيلي" والفلسطيني ضمانات مطمئنة من واشنطن في المرحلة الثانية من الخطة, حيث تضمن واشنطن للفلسطينيين إنهاء المفاوضات في غضون فترة زمنية محددة - بين سنة ونصف وسنتين.
كما ستضمن أن تساوي مساحة الأراضي التي سيملكها في نهاية المفاوضات مساحة الأراضي التي كانت بحوزتهم قبل حرب الأيام الستة عام 1967.
أما "إسرائيل" فستتلقى بناء على هذه الخطة رسالة ضمانات من واشنطن تعترف رسميا بالطابع اليهودي لدولة "إسرائيل" مما سيحول دون تنفيذ حق العودة.
كما ستتضمن الرسالة الأمريكية "لإسرائيل" الترتيبات الأمنية اللازمة مثل جعل المناطق منزوعة السلاح.
الملاحظ أن خطة بيرس ما هي إلا تجسيد واقعي لفكرة نتنياهو التي جاءت في خطاب بار أيلان, ففي المحصلة النهائية سيقدم بيرس التنازل في خطته عن بعض الأراضي وهذا ما لم يستطع قوله نتنياهو في الخطاب خوفا من شركائه في اليمين المتطرف لكنه في نهاية المطاف سوف يحصل على اعتراف بيهودية الدولة وهذا الشرط الأساسي الذي وضعه نتنياهو من اجل استئناف أي مفاوضات مع السلطة
بيرس وباراك
ويقول الصحافي بن كسبيت صاحب هذا السبق الصحفي في (معاريف) أن المشكلات التي يواجها هذا التحرك السياسي عديدة منها: عدم موافقة الجانب الفلسطيني, فيما الجانب الأمريكي لم يقتنع بعد بفرص تطبيق هذه الخطة.
وردّ ديوان نتنياهو على هذا النبأ بقوله أن افكارا سياسية مختلفة تطرح على بساط البحث غير انه لم يتخذ أي قرار.
ان رئيس "دولة الاحتلال " شمعون بيرس ووزير الحرب أيهود باراك يقودان تحركا سياسيا كبيرا من اجل استئناف المفاوضات مع السلطة . تحركات بيرس وباراك هي بعلم بنيامين نتنياهو.
وقد نقلت (معاريف) أن بيرس وباراك يمارسان منذ عدة أشهر وبخاصة خلال الأيام الأخيرة ضغطا شديدا على الأمريكيين للموافقة على خطتهما وجلب السلطة معهم.
وهناك تطابق في وجهات نظر بيرس وباراك حيال فكرة إقامة الدولة الفلسطينية المؤقتة علما بان زيارة شاؤول موفاز الحالية لواشنطن مع فكرة مماثلة يساعدهما بهذا الشأن.
ونسبت (معاريف) إلى جهات سياسية مسئولة قولها أن جهود الإقناع التي يبذلها بيرس وباراك في الولايات المتحدة تتم بمعرفة نتنياهو غير أن السؤال المطروح هو - هل هذه المعرفة هي فعلا إقرار من جانب نتنياهو أو أن همّته قد تثبط في اللحظة الأخيرة مما سيحدو به إلى نسف هذه الجهود.
الحكومة الأمريكية تدرسها
الحكومة الأمريكية لم تعارض المبادرة ولم تقبلها لكنها قالت بأنها تدرسها ، وهنا نشير إلى أن هذه الخطة طرحها بيرس خلال لقائه مع المبعوث الأمريكي جورج ميتشل, وخلال لقائه أيضا مع الرئيس المصري حسني مبارك, كما تحدث بيرس بهذا الشأن أيضا مع رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ومع رئيسة المعارضة تسيفي ليفني.
وهذا إن دل على شئ فانه يدل على تنسيق واضح بين نتنياهو وبيرس و حتى ليفنى وهناك تبادل ادوار من اجل تمرير مخطط بيرس, وهذا يبدو واضحا من التحركات الإسرائيلية الأخيرة في عدد من الدول الأوربية والعربية التي يخوضها كل من بيرس وباراك وحتى رئيسة المعارضة تسيفي يفنى في ظل غياب واضح لليبرمان غير المرغوب في ظهوره هذه الأيام كون الخطاب الإعلامي الاسرائيلى يسير باتجاه ترميم العملية التفاوضية التي تكاد تسقط بسبب التعنت الاسرائيلى الذي يقوده اليمين المتطرف .
مصادر إسرائيلية تحدثت لهآرتس "انه في واشنطن وأيضا في مكتب رئيس حكومة الاحتلال يدرسون هذه المبادرة. وهناك مؤشرات بأن يتم تبني هذه المبادرة من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين" .
السلطة لا رهان لها
وفي المقابل نفى مقربون من نتنياهو إمكانية موافقة الحكومة على هذه المبادرة والتي تلزم الجانب الإسرائيلي في المرحلة الأولى بانسحاب إسرائيلي من معظم مدن الضفة الغربية.
ومن جهة ثانية هناك ميل في واشنطن للتوجه لاتفاق يشمل جميع المواضيع المختلف عليها بين الإسرائيليين والفلسطينيين بما فيها القدس واللاجئين.
ومع هذا يعارض الفلسطينيين هذا المبادرة لقيام دولة ذات حدود مؤقتة لتخوفهم بالا تتحول الحدود إلى حدود دائمة.
لكن من المتوقع أن تقبل السلطة وبلهفه هذه الخطة لأنها قبلت بأقل من ذلك بكثير وهى تتلهف على تحقيق اى شئ بعد مفاوضات عقيمة أكثر من 18 عاما, لكن الخوف وعدم الثقة في التزام " إسرائيل " الذي جربته السلطة كثير هو ما بجعلها تقف باستحياء ولا ترفض خطة بيرس التى تضيع القدس والحدود وتلغى حق العودة للاجئين لكن في حال حصلت سلطة رام الله على ضمانات من قبل الولايات المتحدة و التزام جدي منها بالضغط على "اسرائيل " التزام بمراجل الخطى وتبنيها أمريكيا فان ذلك سوف يعتبر مخرجا مهما لعباس لن يضيعه وسيتمسك به بكل ما أوتى من قوة .