رمضان "كفر سابا".. ممزوج بدم المدافعين عنها

قلقيلية - الرسالة نت

"لم نكن نتوقع أن نغادر القرية ونصبح مهاجرين بعد أن كنا مُلاّكاً، وكروم العنب وبيارات البرتقال نسرح ونجول فيها كيفما نشاء".. بهذه الكلمات بدأ المواطن السبعيني نبيل ولويل "أبو ماهر" حديثه لـ"الرسالة نت" عن قرية كفر سابا التي هجر منها عام 48.

ويضيف: "رمضان كان جميلا في قريتنا كفر سابا التي لا تبعد عن مدينة قلقيلية سوى نصف كيلو متر، ولم يكن لليهود سيطرة على الأرض لكن الانتداب البريطاني قوى العصابات الاسرائيلية التي طردتنا من ديارنا وجعلتنا لاجئين".

ويستطرد أبو ماهر: "العصابات الاسرائيلية كانت تهدد بهتك عرض نساء القرية في داخل الحقول إذا لم يهاجر أهالي كفر سابا منها"، مشيرا إلى أن الاحتلال أقام على أنقاض قريتهم مدينة إسرائيلية تحمل اسم "كفار سابا"، أي بلدة "الجدّ" بالعبرية.

ويتابع: "لدفع أخطار مهاجمة العصابات اليهودية للمزارعين في حقولهم كان التوجه لدى الأهالي وخصوصا في شهر رمضان خروجهم إلى حقولهم وقت السحر، بحيث يكونون مجموعات مسلحة لحماية سكان القرية".

ويصف أبو ماهر حياة أهالي قرية كفر سابا المهجرة بالهادئة والرغيدة بالقول: "كنا نسهر سويا وكانت أغاني رمضان الشعبية - مثل "لا اوحش الله منك يا رمضان يا شهر الصيام والقيام"- يرددها الجميع داخل مسجد القرية الصغير، وكان يأتي من القرى المجاورة المقرئون من ذوي الأصوات الندية لقراءة القرآن، فهذه هي الوسائل المتاحة للاحتفال برمضان".

ويضيف: "أذكر أن المسحراتي الذي يحمل طبلا كان يقول: "يا نايم وحد الدايم"، وكنا نجتمع قبل أذان  المغرب عند المسجد استعدادا لاستقبال الإفطار، وأهالي قريتنا يرسلون الطعام إلى المسجد لإفطار أي شخص مسافر يضطر إلى اللجوء للمسجد للصلاة، وهذا من علامات التكافل الاجتماعي".

ويشير إلى أنه كان هناك "تينة" أمام منزلهم يعملون منها القطين كي يأكلوه في فصل الشتاء، "وكنا نتسحر على القطين وفق ما أذكر، وعلى حليب الأبقار والجبن واللبن، فكل شيء كان من إنتاجنا المحلي، أما اليوم فلا شيء من إنتاجنا.. نحن نعيش على صناعة الآخرين في حين أننا ونحن فقراء في أرضنا كنا نعيش الاكتفاء الذاتي، وكانت المستعمرات اليهودية المقامة بالقرب منا تشتري منتوجاتنا (...) اليوم نستهلك كل منتوجاتهم وندعمهم اقتصاديا وهم يحتلون أرضنا وشعبنا".

وفي نهاية حديثه ختم أبو ماهر: "في كل شهر رمضان أتذكر كفر سابا.. قريتنا العزيزة على قلبي، وأصبح شارد الذهن عند الفطور.. في كل رمضان أستذكر والدي ومسجد القرية والمسحراتي، وعمي الشهيد برصاص العصابات اليهودية".

البث المباشر