أيتام غزة في رمضان.. ألم ممزوج بولعة الفراق

الرسالة نت - ياسمين ساق الله

في كل يوم ولحظة تتجدد نغمات أحزانهم وأشواقهم بعد فقدانهم " أم أو أب، اخ أو اخت"(...)، حياتهم أصبحت مجرد كتاب مفتوح لا يحتوي سوى المعاناة والألم، إنهم أيتام قطاع غزة الذين يتجرعون كأس الحرمان والفراق يوما بعد يوم ...

"الرسالة نت " التقت بعدد من الأطفال الأيتام الذين يقضون سنوات حياتهم بحلوها ومرها داخل أسوار معهد الأمل للأيتام في قطاع غزة، من أجل تسليط الضوء على ما يكمن في عقولهم ومكنون صدورهم، لاسيما ونحن في شهر رمضان المبارك.

**** طقوس

الطفل عمار حرب (13 عاما) من منطقة الشيخ رضوان يقول والابتسامة البريئة لا تفارق محياه: "منذ سنتين جاءت والدتي بنا إلى المعهد كي نكمل حياتنا ونواصل دراستنا ونتعلم الأخلاق الحسنة، نظرا لصعوبة أوضاعنا المادية, فأمي لا تعمل ولا يوجد مصدر رزق لنا، لذا قررت جلبنا للمعهد".

وأضاف : "والدي متوفى منذ عامين، وأمي تعيش مع أخوتي، فنحن خمسة أولاد وبنت ولدي أخوان اثنان بالمعهد".

وأوضح والشوق ينطق من عيونه الصغيرتين، أنه يذهب كل خميس لزيارة والدته ورؤية أسرته, قائلاً: "أنتظر نهاية الأسبوع بشغف وحرارة كي أذهب لأمي وأحضنها فأنا أشتاق إليها كثيرا كوني بحاجة ماسة لحنانها ودفئها.

لعل ما يشعره  بالسعادة في حياته بالمعهد  يقول عمار "وجودي برفقة أصحابي", مؤكدا أن المعهد يوفر كافة احتياجات الأطفال الأيتام وخاصة في شهر رمضان كتنظيم الزيارات الاجتماعية والرحلات وغيرها من المستلزمات.

** حرمان

ولم تكن معاناة عمار مختلفة كثيرة عما يعانيه أخوه رائد حرب "11عاما", والذي كان يشاركنا اللقاء, ليقول: "أحمد الله على كل شيء كون ما نحتاجه متوفر لنا بالمعهد لاسيما بعد أن كنا محرمين من احتياجات كثيرة، لذا أشكر الله دوما".

ويضيف بخجل واضح: "أحب حياتي هنا رغم بعدي عن حضن والدتي إلا أنني أحاول التعايش والتعود على ذلك الوضع من خلال اللعب مع أصحابي وقضاء الأوقات بالسهر والدارسة وغيرها", مؤكدا أنه عايش أوقاتا صعبة منذ بداية دخوله للمعهد.

يذكر أن ما يقارب 20 ألف طفل يتيم في قطاع غزة, من بينهم 120 طفلا مقيما في معهد الأمل للأيتام , مقابل 500 طفل غير مقيم يتلقى الخدمات والمساعدات من المعهد.

في حين يقول ابن عمهم محمد حرب "11 عاما" الذي كان يجلس بجانهما ويشاركهما كأس الحرمان والفراق: "فقدت والدي منذ سنة ومنذ ذلك الوقت قررت أمي إدخالي للمعهد مع أولاد عمي عمار ورائد خوفا من ضياع حياتي ومستقبلي، فظروفنا الاجتماعية صعبة للغاية".

ويشير إلى أنه في شوق للعودة إلى البيت لإكمال حياته مع باقي أفراد أسرته الذين لا يفارقوا خياله طوال الوقت.

**جدول رمضاني

من جهته، أكد عماد عمارة مدير معهد الأمل للأيتام، أن المعهد يحرص على توفير مستلزمات الأطفال في شهر رمضان من حيث الزيارات لذويهم, بالإضافة إلى إخراجهم من المعهد من أجل الترفيه عن أنفسهم.

ويقول للرسالة نت : "الأطفال دائما بحاجة ماسة لتغيير الأجواء الروتينية التي اعتادوا عليها في حياتهم داخل المعهد لذا نحرص على إقامة الفعاليات التى تدخل الفرحة والسعادة على قلوبهم".

ويشير عمارة إلى أن شهر رمضان مكتظ  بجدول الإفطارات الرمضانية التى تنظمها المؤسسات الفلسطينية والخارجية, منوها إلى أنهم يحاولون التخفيف من معاناة الأطفال من خلال تلك الأنشطة.

واوضح أن جل عملهم داخل المعهد يصب في الاعتناء بالطفولة, كون أطفال القطاع محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية, موجها رسالة شكر لكافة المؤسسات الدولية والفلسطينية التي تقدم المساعدات لأطفال غزة وتحديدا شريحة الأيتام.

بدورها، تحدثت ناريمان أبو عجوة مشرفة اجتماعية في المعهد عن طبيعة عملها قائلة: "نقوم بدور الأم داخل المعهد حيث نعلم الأطفال ونثقفهم ونحرص على نظافتهم الشخصية, وغيرها من الأمور التي يحتاجها الأطفال".

وأكدت أن التعامل مع الأيتام يحتاج لجهود كبيرة كي يستطيعوا التأقلم مع الحياة داخل المعهد, مشيرة إلى أنها مسئولة عن اللجنة الثقافية والتي يتمحور عملها حول زيادة الوعي الثقافي لدى الأطفال من خلال تحفيزهم على قراءة القصص وإقامة المسرحيات والتدريب على التمثيل والمشاركة في المسابقات الثقافية بالإضافة إلى التدريب على كتابة القصص وغيرها".

ورغم لحظات السعادة والفرح التي يعيشها أيتام غزة... إلا أن خيوط الحرمان والمعاناة تبقى كما هي.

البث المباشر