قائد الطوفان قائد الطوفان

محاكمة الفرعون.. اليوم ننجيك ببدنك لتكون آية

القاهرة - الرسالة نت "خاص"

كان الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك أمس الاربعاء نجم القاهرة الأول.. بل النجم الحقيقي للربيع العربي، حيث وصل به حكمه الى قفص ضخم في قاعة محاضرات رقم ١ بأكاديمية حملت اسمه وتدرّس علوم الشرطة والأمن.

محمد حسني مبارك أول ديكتاتور عربي يحاكم على قتل شعبه من أجل الخلود, جمعه قفص باتساع ٣٠ متراً، الديكتاتور كان يشاكس، ويراوغ الجميع من زنزانته الطبية, يلتصق بسريره، ويصنع من حالته الصحية ومزاجه النفسي خبراً يحتل الصفحات الأولى.

مبارك وقّع بنفسه قرار الاستدعاء للمحاكمة، ثم طار من شرم الشيخ إلى القاهرة ونام على سرير في القفص أملا ان يستدر عطف المصريين.

مبارك مدمن التصاق مقعده وسريره، وألاعيب فريق الدفاع عنه لم تهتم بالـ١٠ آلاف ورقة التي يضمّها ملف القضية قدر اهتمامها بصناعة دراما ترتبط بالمرض، مرة للهرب من الوقوف في القفص، ومرات لتجهيز المناخ العاطفي الذي يطلب الرحمة للرجل العجوز: "ارحموا عزيز قوم…".

صورة الديكتاتور في القفص وحدها تكفي لتصبح محاكمة مبارك محاكمة القرن، كما وصفها متفائلون يبحثون عن التاريخية. هناك من تصوروا أن الثورة مجرد عملية اصطياد للديكتاتور، ويرون أن المحاكمة هي المشهد الكبير في فيلم كان لابد أن يكون قصيراً.

لا يرتاح أغلب الجالسين خلف المجلس العسكري الحاكم إلى المحاكمة، لأنها تضرب عقيدتهم في تقديس الجنرالات، بما يعني أنه سيهتز العرش بوقوف مبارك في القفص، بينما سيظل مستقراً إذا طبّقت قيم احترام القائد العسكري، والأب الحاكم، وخصوصاً أن الجيش لا يرى أنه مجرم، ولكنه عجوز إلتهم السوس عصاه، وفقد مكانته ومكانه بسبب شهوانية عائلته.

هكذا تأتي المحاكمة في قلب مدّ وجزر الثورة، انتصار وهزيمة، جولات تتلاحق فيها الأحداث، وتطارد فيها فرق القبعات الحمراء أهالي الشهداء الذين يحاكم مبارك بسببهم.

مبارك أصدر أوامر قتل المتظاهرين. هذه هي التهمة الأولى للديكتاتور في قضية انضم إليها وزير داخليته حبيب العادلي و٦ من كبار مساعديه.

الديكتاتور فوق القانون، وأوامره مقدسة، يحيي ويميت. هكذا تخيّل مبارك وهو يهتف في وزير حراسته: افعل أي شيء... استخدم الرصاص الحي لتوقف كل هذا فوراً. وتروي الحكايات المتناثرة شتائم وجهها الديكتاتور إلى وزيره، وحكايات أخرى تؤكد أن جمال مبارك هو القائد الحقيقي للقصر في الثورة، وأن كل شيء حدث بإدارته، وهذا ما يفسّر ضمّ جمال وشقيقه الأكبر علاء إلى المحاكمة في قضايا فساد وتربّح واستغلال نفوذ، يشاركهم فيها صديق العائلة الهارب حسين سالم، رُبط بينها وبين قتل المتظاهرين على اعتبار أنها كانت بهدف حماية عرش الفساد والاستبداد.

وهنا ضمّت إليها قضية العادلي ومساعديه، بعدما رأت محكمة جنايات القاهرة أن لائحة الاتهامات المسندة إلى مبارك، بينها اتهامات تتعلق بقتل المتظاهرين، تضمّ وقائع القضية نفسها التي باشرتها على مدار ثلاث جلسات ماضية، الأمر الذي يستوجب النظر في القضيتين معاً أمام دائرة واحدة من دوائر محكمة جنايات القاهرة. وفي ضوء أن أدلة الثبوت في القضيتين واحدة، رأت المحكمة إحالة القضية برمتها على الدائرة التي ستباشر محاكمة مبارك في جلسة اليوم.

ماذا سيضيف مشهد مبارك في القفص؟

هل سيرفع رصيد الجنرالات الذين ضحّوا وأسهموا في اصطياد جنرالهم؟ أم سيدفع الثورة إلى الأمام في موجة ثالثة؟ هل سيعود الثوار إلى الصورة أم تكمل المحاكمة مخطط دفعهم إلى هامش الصورة؟ من سيخرج منتصراً من المحاكمة ويقود إيقاع العبور: الثورة أم المجلس؟

البث المباشر