غزة - شيماء مرزوق-الرسالة نت
في بلد الثمانين مليون نسمة كل شيء له نكهة خاصة, ورغم تعدّد الأنماط الاجتماعية في مصر -تبعا لتنوع مظاهر الحياة من منطقة لأخرى- فإن الجميع يبدي البهجة والسرور بدخول هذا الشهر الكريم، فما أن تبدأ وسائل الإعلام ببيان دخول الشهر وثبوت رؤية الهلال حتى يتحوّل الشارع المصري إلى خلايا النحل.. فتزدحم الأسواق وتُزين الشوارع وتنشط حركة التجارة حيث يتنافس الباعة في توفير اللوازم الرمضانية المختلفة.
موائد عامرة
الأطفال هم الأكثر فرحا بهذا الشهر.. فينطلقون في الشوارع والطرقات حاملين الفوانيس وينشدون قائلين: "حالّو يا حالّو رمضان كريم يا حالو", ولعل أبرز ما يلفت النظر كثرة الزيارات بين الأهل والأقارب.
الحاجة أم محمود عودة مقيمة في مصر منذ ثلاثة وثلاثين عاما مع زوجها وأبنائها.. قالت لـ"الرسالة": "رمضان في مصر له شعائر خاصة تميزه عن باقي البلاد, ففي الصباح تكون الحركة ضعيفة حتى صلاة العصر، ثم يبدأ تدفّق الناس إلى الأسواق والمحال التجارية لشراء لوازم الإفطار من تمور وألبان وغيرهما", مضيفة أن الفول هو طبق رمضاني أساسي لا تكاد تخلو منه مائدة، "وينتشر باعة الفول في كل مكان بصوتهم المميّز الذي يحث الناس على الشراء بالقول: لو خلص الفول.. أنا مش مسؤول، و: ما خطرش في بالك.. يوم تفطر عندنا".
المائدة الرمضانية في مصر تعج بالأصناف والأطباق الشهية المختلفة، وتقول أم محمود: "يبدأ الناس الإفطار بالتمر والرطب مع شرب اللبن وقمر الدين و"الخشاف" وبعض العصائر الطازجة كالبرتقال أو المانجو أو الشمام، وبعد الصلاة يبدأ الناس بتناول الملوخية والشوربة والخضراوات المشكّلة، والمكرونة بالبشاميل.. بالإضافة إلى السلطة الخضراء أو سلطة الزبادي بالخيار، ومحشي ورق عنب والسمبوسك، والطبق الرئيس يكون الدجاج المشوي أو بعض المشويات كالكباب والكفتة".
وتتابع: "بعد الإفطار لا بد من الحلويات التي أشهرها الكنافة والقطايف والبقلاوة، والمهلّبية وأم علي, ثم يقوم الجميع بتناول الشاي المصري الذي يتميز بأنه (ثقيل)".
وتكمل الحاجة: "ينطلق الناس لأداء صلاة التراويح في مختلف المساجد، حيث تمتلئ عن آخرها بالمصلين من مختلف المراحل العمريّة، وللنساء نصيبٌ أيضا, فقد خصّصت معظم المساجد قسما للنساء يؤدّين فيه صلاتهن".
وتُصلّى التراويح صلاة متوسّطة الطول، حيث يقرأ الإمام فيها جزءا أو أقل منه بقليل, واعتاد الناس في مصر على السهر بعد التراويح حتى أوقات متأخرة من الليل يقضونها في الميادين والبيوت والمقاهي، ليتسامروا ويتبادلوا الأحاديث، ويحلو للبعض التنزّه عند النيل أو ركوب "الفلوكة", أو السمر عند الشواطئ حتى وقت السحور الذي تتكون وجبته من الجبن والمربى والمرتديلا والجبنة القريش.
ومن العادات التي تتميز بها "أم الدنيا" في رمضان المسحّراتي، والذي يقوم بالمرور على الأحياء والبيوت كي يوقظهم وقت السحور بالنداء: "اصحى يا نايم.. وحّد الدايم.. السعي للصوم.. خير من النوم.. سحور يا عباد الله", إلا أن هذه العادة بدأت بالانحسار نتيجة توافر أدوات الإيقاظ الحديثة ولم تعد توجد إلا في القرى والأحياء الشعبية.