قائد الطوفان قائد الطوفان

يلجؤون له لرد العين؛

هل يحول الحذاء و"الخرزة الزرقاء" دون الحسد ؟

غزة - فادي الحسني

يعلق بعض سائقي الأجرة فردة حذاء صغير في سقف سيارته الحديثة ظانين أنها تطرد الحسد "والعيون الشريرة"، غير آبهين بالتحذيرات التي وجهها لهم بعض الركاب بعدم جواز هذا الفعل.

ويعتقد السائق -يدعى أبو خالد- أن فردة الحذاء من شأنها أن "تطرد العين"، وتبعد الحسد عن سيارته التي تبلغ قيمتها نحو 15 ألف دولار.

ولا يستند السائق أبو خالد إلى نص في معتقده لكنه يرى أن هذه العادة متوارثة عن كبار السن والعجائز الذين كانوا يحثون عليها بدافع رد الحسد.

وما يزال بعض الناس يعتقدون أن فردة حذاء قديمة ستحول بين ملكهم والحسد، وستمنع شر الأشرار وعيون الحساد، غير مكترثين للتحذيرات التي يوجهها أهل الدين لتجنب هذه المعتقدات.

دم وخرزة زرقاء

ويذهب البعض إلى تغميس كفتيه بدم الذبائح ولطمها على باب منزله، فيما يلجأ آخرون إلى وضع أكف من الفيروز الأزرق (الخرزة) في مداخل البيت وصالونات الاستقبال.

غير أن نساء يقمن بوضع القلادة الزرقاء في رقابهن وأخريات يعمدن إلى وضع أعين من الذهب والفضة لصرف الحسد عنهن في حين تعتقد بعضهن أن البخور والتمائم يزيلان الحسد.

ويثير الأسلوب الذي تتبعه الحاجة أم أحمد الاستغراب، وخاصة إذا ما تبين أنها تلجأ لتثقيب حبات البصل بأعواد الكبريت فتبدو كلعبة مطاطية، وتقوم بوضعها على شرفة منزلها الواقع في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة لاعتقادها أن شكل حبات البصل يخطف تركيز المارة وبهذا يلهي الحساد عن النظر إلى المنزل المكون من خمسة أدوار.

وتؤكد الحاجة أم أحمد -في الستين من العمر- أنها كانت تعلق ألعاب الأطفال المطاطية كلما شرع أبناؤها ببناء أسقف جديدة للمنزل، معتقدة أن الألعاب تحوز على اهتمام المارة وتصرف أنظارهم عن أعمال البناء.

ووضعت الحاجة الستينية يدها على خدها معبرة عن خشيتها من الحسد، وقائلة: "الحسد يقتل"؛ كناية عما تفعله الأعين الشريرة.

ويذهب كثير من الناس إلى وضع ملصقات ممزوجة بالجد والهزل على سيارات الأجرة، ومن أبرزها: (عضة أسد ولا نظرة حسد).

ولا يعي الكثير ممن يعلقون الخرزة الزرقاء والسُبح المفخمة والحذاء القديم على ممتلكاتهم جواز استخدام هذه التمائم من عدمه.  

وتبدو هذه المعتقدات المتوارثة ضربا من الخرافات من وجهة نظر الشرع وعلماء النفس، "لأنها لا تعود بالنفع على الناس الذين يخافون الحسد".

وحذر أستاذ الشريعة والقانون بالجامعة الاسلامية د. ماهر السوسي من ذهاب البعض إلى تعليق التمائم و"الخرزة الزرقاء" وفردة الحذاء والكفة وممارسة بعض الأمور كإشعال البخور لهدف الوقاية من الحسد والإصابة بالعين؛ "كونها عادات الجاهلية، ولا تنفع ولا تضر".

وقال السوسي: "من علق شيئا من التمائم المشروعة -بمعنى أن تكون آية أو المعوذات- أو علق المصحف على صدره أو وضعه في جيبه فلا بأس في ذلك، أما فيما يتعلق بلجوء المحسودين إلى ذبح المواشي دفعا لضرر الحسد فهذا ليس وسيلة للعلاج".

وبين أن الصدقات لها دور كبير في التحصن من حسد، موضحا أن الوقاية من العين والحسد تكون بالإكثار من ذكر الله، "وبالتحصن بالمعوذات الثلاثة وقراءة القرآن وسماعه"، وأن يستشعر الفرد في قرارة نفسه أن أيا من الخلق لا يستطيع أن يسلبه النعمة إلا بإذن الله، مشددا على ضرورة الانتباه للأطفال وتجنيبهم الحسد كونهم الأكثر عرضة له، "فمن المأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا رأى طفلا دعا له بالبركة"

أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى د. درداح الشاعر صنف من جانبه استخدام الخرزة الزرقاء والأحذية لرد الحسد على أنه نوع من الخرافة والاعتقادات غير السليمة، وقال: "هذه الاعتقادات ليس لها أساس لا من الناحية الشرعية ولا الفكرية".

ووصف العقول البشرية التي تثق بمثل هذه (الخرافات) بـ"الفارغة"، مؤكدا أن التمسك بتعويذات ومعلومات خطأ ترتد لديانات ليس لها علاقة بالإسلام، "ويعتبر شعوذة".

البث المباشر