الرسالة نت - كمال عليان
ثلاثة أحداث يمكن اعتبارها حديث الساعة في قطاع غزة هذه الأيام؛ الأول صفقة تبادل الأسرى مقابل شاليط، والثاني "التهدئة أم التصعيد" من قبل الاحتلال الاسرائيلي ضد القطاع، أما الثالث فهو مصير الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من خمسة أعوام بعد تنفيذ الصفقة.
وتوصلت حركة حماس و(إسرائيل) يوم الثلاثاء الماضي إلى اتفاق على إتمام صفقة تبادل الأسرى، على أن يخرج من 1027 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال مقابل شاليط. وفرضت (إسرائيل) حصار مشددا منذ يونيو/ حزيران 2006 على قطاع غزة كان نتيجة مباشرة للعملية العسكرية التي نفذتها المقاومة، وأدت إلى أسر جلعاد شاليط.
وبعد فترة من تشديد الحصار، شن جيش الاحتلال حربًا شرسة ضد القطاع قتل خلالها 1400فلسطيني وجرح أكثر من 5 آلاف، ودمرت عشرات آلاف المنازل.
لا حجة للحصار
الحكومة الفلسطينية في غزة رأت أن الحصار الاسرائيلي على غزة يجب أن ينتهي، لأن حجة الاحتلال وهو (شاليط) قد انتهت.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أن الحصار ليس مرتبطا بصفقة التبادل، ويجب أن ينتهي، مبينا أن "الحُجة" الإسرائيلية أمام العالم قد انتهت.
وأضاف هنية بعد أن ألقى خطبة الجمعة في مسجد الكتيبة وودع حجاج غزة "اعتقادنا إن شاء الله أن إتمام الصفقة سوف يسهل هذا الموضوع (أي إنهاء الحصار)".
وكشف موقع "قضايا مركزية" الناطق بالعبرية، النقاط السرية في صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال، وتتمثل هذه النقاط بالتعهد برفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة، وعدم الاعتراض لأي أسير أفرج عنه.
وبحسب الموقع فإن نتنياهو لم يستطع انتزاع موافقة من حركة حماس بوقف نشاطها لخطف جنود "إسرائيليين" في المستقبل، حيث خضع لموقف الحركة بأنها سوف تستمر في السعي لخطف جنود والقيام بعمليات لتحرير باقي الأسرى.
التهدئة أم التصعيد؟
من جانبه أشار الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف إلى أن الحصار الاسرائيلي فرض بسبب الجندي الاسرائيلي شاليط، وأن الاصل أن يرفع بمجرد اطلاق سراحه من قبل المقاومة.
ولم يخف الصواف في حديثه لـ"الرسالة نت" استبعاده أن يقدم الاحتلال الاسرائيلي على رفع الحصار بحض ارادته، داعيا إلى ممارسة ضغوط دولية وعربية على الاحتلال لرفع الحصار.
وحول سيناريوهات التصعيد أو التهدئة بعد الصفقة، أوضح المحلل السياسي أنه لا علاقة بين الصفقة وحالة الهدوء أو الحرب، مبينا أن الأمر مرهون بالاحتلال وتصعيده.
بدوره قال الخبير بالشؤون الإسرائيلية عامر خليل إنه إذا بقيت قواعد اللعبة الحالية قائمة بين غزة وإسرائيل فلن تفكر الأخيرة في شن حرب ضد غزة.
وأضاف إنه إذا طرأ تغيير على تلك القواعد والمعطيات الدولية والإقليمية فسيكون الأمر حينها ملائما لتقدم (إسرائيل) على إعلان الحرب دون وجود شاليط أسيرا في غزة.
وخلص خليل إلى أن الحرب قد تشتعل في جبهات أخرى فينتج أن تلتحق بها غزة، في إشارة إلى حديث أوساط إسرائيلية عن استعداد حكومة بنيامين نتنياهو لتوجيه ضربة عسكرية لإيران.
فرصة لرفع الحصار
من جانبها اعتبرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن صفقة الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، فرصة ذهبية بالنسبة لإسرائيل لإعادة النظر في مجمل سياسة الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة.
وقال عدنان ابو حسنه المستشار الاعلامي للوكالة لـ"الرسالة نت"، "إن (إسرائيل) تستطيع اعتماد نهجا جديدا إزاء غزة يقوم على ركائز إيجاد فرص العمل وتحقيق الازدهار الاقتصادي وبالتالي السلام مما يخدم المصلحة الإسرائيلية ذاتها".
واضاف ان هناك فرصة لإخراج اقتصاد غزة من تحت الارض والانفاق الى اقتصاد شرعي متقدم يوفر فرص حياة كريمة وامل في مستقبل افضل.
وللحصار تاريخ
وذكرت الحملة الأوروبية لكسر الحصار عن غزة أن 80 % من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الدولية، 61 % من سكان القطاع غير مؤمنين غذائياً، 39 % نسبة البطالة وهي الأعلى في العالم، 6 ساعات يوميا معدل توقف الكهرباء، 60 % من السكان يحصلون على المياة مرة كل ستة أيام، 70 مليون لتر من المياه العادمة المعالجة جزئيا تضخ في مياه البحر، 90 % من المياه التي يزود بها سكان غزة غير صالحة للشرب وملوثة بالملح و النترات.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية في 20 من يونيو 2010 تخفيف الحصار على قطاع غزة، بعد هجومها في مايو 2010 على أسطول مساعدات دولي متجه إلى القطاع، إلا أن تقريرا للأمم المتحدة قال أن تخفيف الحصار لم يحسن وضع غزة.
ومما زاد من صعوبة الحصار قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الثاني من مارس 2011 إغلاق معبر المنطار بشكل نهائي، والإبقاء على معبر كرم أبو سالم الواقع في أقصى جنوب شرق القطاع، كمعبر وحيد لحركة البضائع من وإلى قطاع غزة.
وبين هذا وذاك يبقى الحصار المفروض على غزة شبحا يطارد أهالي القطاع، إلى أن يرفع كاملا، وهذه أمنيهم بعد انجاز الصفقة، فهل تأتي الرياح بما تشتهي سفن غزة؟، هذا ما تكشفه الأيام المقبلة.