غزة-محمد بلّور-الرسالة نت
لو كان الساحر الأمريكي الشهير "كوبر فيلد" حاضراً في مفاوضات الصفقة لظن الشاباك أن ما جرى ليس واقعا وإنما إحدى لُعب الوهم الذكية !.
بإمكان كتائب القسام أن تقول لـ "الشاباك وشعبة "أمان" و "الاستخبارات العسكرية" جملة واحدة حظاً أوفر !! بعد أن أخفقت في الرهان .
وخسرت المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية الجولة الأولى والأخيرة من لعبة "الوهم المتبدد" تلاها أفول "الحرب النفسية والإعلامية" بانتكاسة ! .
ليّ الذراع
ماذا يفعل وحيد القرن الغاضب إن أصابته سهام صيّاد يزيّن كتفه ببندقية آلية ويستقل مركبة دفعها رباعي ؟! .
مؤكدا ستخور قواه أمام "الماكينة" وسيسقط صريعا بنزف الدماء رغم عظيم قوته .
ورغم ممارسة الاحتلال لأساليب الحرب النفسية والإعلامية طوال فترة أسر شاليط-خمس سنوات- إلا أنه فشل في النهاية وانتصر الكفّ على المخرز .
ويرى عميد كلية فلسطين للعلوم الأمنية الأستاذ كمال تربان أن تصارع المقاومة والاحتلال كان طوال السنوات الماضية ضمن سياسة ليّ الذراع .
وأضاف: "سابقة أن تلوي المقاومة ذراع الاحتلال، وقد مارس الاحتلال حربه النفسية في ثلاثة مسارات الأولى سياسة الترويع وتشديد الحصار والثانية استغلال الواقع السياسي والثالثة سياسة الإغراء ".
وتجسّدت المسارات الثلاثة في الاعتداءات اليومية بالاجتياح واغتيال قادة المقاومة ومحاولة إثارة الشعب على المقاومة بتشديد الحصار ومماطلة الأسرى في جولات الحوار حول الصفقة.
وتابع: "بعض ضعاف النفوس أيضا خافوا من تحقق انجاز للمقاومة على حساب مواقعهم وحاولوا استدراج عدة أطراف والحصول على معلومات تفشل الصفقة".
أما الباحث في الشئون الإسرائيلية محمد مصلح فقال إن الماكينة الإعلامية الإسرائيلية مارست حربا نفسية على المقاومة لإخضاعها والحصول على شاليط دون ثمن .
وأضاف: "المتابع للتصريحات العسكرية الإسرائيلية كانت تدل أن هناك جهداً أمنياً وعسكرياً لتحرير شاليط دون ثمن لكن الحقيقة أظهرت أن الحرب النفسية والإعلامية كانت بين طرفين الاحتلال والمقاومة" .
وحاولت إسرائيل كعادتها تدويل القضية وتجنيد المجتمع الدولي لجانبها بينما خدمها الدور المصري في النظام السابق وموقف سلطة عباس الذي أظهرت أن فاتورة الأسر كانت باهظة وقضيتها خاسرة بخطأ استراتيجي.
أما الباحث في الشئون الإسرائيلية ناجي البطة فقال إن الحرب النفسية والإعلامية هدفها الأساسي كان إبطال أي انجاز لحماس .
وأضاف: "مارست إسرائيل سياسة التسويف طوال 5 سنوات واستعانت بجميع الأجهزة الاحترافية والوسائل التكنولوجية في البحث عن شاليط" .
10 مليون$
بإمكاننا الآن أن نستريح من تلك الأرقام الغريبة الظاهرة على شاشة الهاتف المحمول أو الأرضي التي تعد بـ10 مليون$ مقابل معلومات عن شاليط ! .
وتنوعت أساليب الاحتلال في محاولة إغراء الفلسطينيين عامة أو الأطراف المؤثرة بتقديم معلومات على أرقام محددة أو عبر الانترنت مقابل مكافأة مالية .
وتعدى الأمر ذلك إلى التلاعب بنفسية الأسرى، حيث كان الاحتلال يجري مفاوضات معهم وعندما تصل لمرحلة متقدمة يتراجع متعمدا.
كما أوعز الاحتلال لجواسيسه بالبحث في كل مكان ابتداء من عربات القمامة وحتى الأماكن الخاصة بالمقاومة للبحث عن طرف خيط يدل على شاليط.
ويرى المحلل مصلح أن لجوء إسرائيل لوسيلة الاتصالات يدل على فشل استخباري بينما نجحت المقاومة في الحفاظ على سريّة مكان شاليط بصمت .
أما المحلل البطة فيرى أن عرض ملايين الدولارات والمكافآت المالية كانت سياسة مكملة في إطار البحث.
وأكد أن الاحتلال أراد إجهاض عملية نوعية جرت باختطاف جندي من موقع عسكري والاحتفاظ به لمدة طويلة .
حكمة المقاومة
وابتلع رجال الشاباك والموساد السكين معترفين بفشل تحرير شاليط بالقوة أو صراع الأدمغة والحرب النفسية .
ولعلكم تذكرون ذلك الشريط المصوّر الذي أصدره مكتب كتائب القسام الإعلامي عن شاليط بعد سنوات من الأسر وقد ابيض شعره وشاخت ملامحه .
نتحدث هنا عن فصول من اللعب في حقل الألغام بين ضدين غير متكافئ العدة ولا العتاد لكن كل منهما مصرّ على الفوز بالجولة الأخيرة.
ومرّت السنوات العمر بمحطات أهمها الحرب وخسائرها الفادحة وعمليات عدوان كبيرة وسلسلة اغتيالات وقطع الكهرباء والسلع الأساسية وغيرها وكلها كان هدفها في المحصلة , شاليط !.
وأكد المحلل مصلح أن ذلك الشريط أثّر بشكل كبير على الرأي العام الإسرائيلي الذي كشف وأغاظ الماكينة الإعلامية الإسرائيلية .
وأضاف: "كانت الصفحة الأخيرة في الحرب المستعرة بين المقاومة وإسرائيل هي الحرب فقد بدأت الحرب بشاليط وانتهت بنجاح صفقة المقاومة" .
وأكد أن نجاح الصفقة أثبتت للرأي العام الإسرائيلي أن إسرائيل لا تخضع إلا للقوة فقط.
وحاول الاحتلال أن يبعث رسائل تهديد للمقاومة؛ لكن الأخيرة بدت صلبة بل ومستعدة لخطف مزيد من الجنود في كافة التصريحات ما أفسد فصول الحرب الإعلامية والنفسية .
ووجدنا المقاومة قد نشرت شريطا مصورا مدته دقيقة ونصف لشاليط وهو يوجه رسالة لإسرائيل مقابل إطلاق سراح أسيرات فلسطينيات .
وقال المحلل البطة إن فشل إسرائيل في الحرب النفسية والإعلامية وصف في الصحف الإسرائيلية بالقول: "لقد جثت إسرائيل على ركبتيها أمام حماس".
كما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن نجاح كبير وانتصار لحماس يعتبر مشجعا نحو اختطاف مزيد من الجنود الإسرائيليين مستقبلا.
وبنجاح صفقة تبادل الأسرى ستبدو تجربة حماس السياسية وشعبيتها الجماهيرية في الثلاثين من عمرها بينما شاخ الأسد الصهيوني وطريت أظافره !.