قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد قطيعة استمرت 12 عاماً

الأردن يتجه نحو تصحيح أخطاء الماضي بحق حماس

غزة- فادي الحسني

رغم الأجواء الخريفية الباردة، إلا أن الدفء بدأ يتسلل إلى العلاقات بين حركة حماس والأردن، التي كساها الثلج والجمود لاثني عشر عاماً متتالية.

وتوقع محللون سياسيون أن يكون الأردن متجهاً نحو تصحيح أخطاء الماضي بحق حماس، وأن تصل العلاقات بينهما إلى أحسن حالتها في المرحلة المقبلة، مرجعين ذلك إلى عدة أسباب من بينها التحولات العربية ومحاولة احتضان ملف المصالحة الفلسطينية.

وغازل رئيس الوزراء الأردني عون الخصاونة حركة حماس علانية قبل أيام، عندما اعتبر في تصريحه أن "طرد حماس من الأردن كان خطأً سياسياً ودستورياً".

وابعد الاردن خمسة من قادة حماس بينهم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الى قطر في 1999 قبل ان يستقر الاخير في سوريا، حيث ساد العلاقة الكثير من التوتر، بلغ ذروته في العام 2006 عقب اتهام الأردن الحركة بتهريب أسلحة من سوريا إلى أراضيه.

اشارات

ومنذ تكليف الملك عبد الله الثاني لـ"الخصاونة" في 18 تشرين الاول/اكتوبر بتشكيل حكومة جديدة، اعطى الاخير عدة اشارات على توجهاته لتحسين العلاقة مع حماس، ومع الحركة الاسلامية في الاردن عموما.

وجاءت ابرز الاشارات عندما استقبل الخصاونة قبل اسبوعين القيادي في حماس محمد نزال، فيما تحدثت تقارير عن اتصالات جارية لترتيب زيارة لخالد مشعل الى عمان بصحبة ولي عهد قطر التي قيل انها لعبت دور وساطة مهما بين الاردن والحركة الاسلامية الفلسطينية.

ويقول استاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د. وليد المدلل إن التحولات العربية استدعت هذا التغير في العلاقة بين حماس والأردن، وتجارب الأيام السابقة التي حاولت فيها اطراف عزل الحركة أثبتت فشلها".

وأشار المدلل إلى أن الأردن بات يخشى من مواجهة مع المعارضة الإسلامية، "لذلك فإن استرداد العلاقة جاء من باب احتواء الاخوان المسلمين عموما، لخدمة أهداف الملك عبد الله" كما قال.

ونفى أن يكون التحول في العلاقات وليد اللحظة، قائلا: "هناك مقدمات وارهاصات واتصالات سابقة بين الطرفين، هذا كله انتهى للوصول إلى هذه النتيجة(..) الأردن يحاول تجنب انتكاسة كما يجري في الدول العربية من خلال استيعاب الإخوان المسلمين"، متوقعاً أن تعود العلاقة لسابق عهدها زمن الملك حسين.

ووقع الاردن معاهدة سلام مع (إسرائيل) عام 1994 فيما ترفض حماس الاعتراف بالدولة العبرية.

ويرى المحلل السياسي خليل شاهين، أن الأردن خسر كثيراً من تدهور علاقته مع حركة حماس منذ العام 1999، مؤكدا أن الحراك الاخير لتطوير العلاقة بين الطرفين يعتبر مؤشراً إيجابياً بحق الفلسطينيين ككل وليس حماس فحسب.

واعتبر شاهين أن الأردن يحاول اخذ دوره على الساحة العربية من خلال دعم جهود المصالحة الفلسطينية، بالإضافة إلى أنه يجابه الدعوات (الإسرائيلية) لإقامة وطن بديل للفلسطينيين في الأردن، وبالتالي يسعى للتعاون مع حماس لرفض هذا المبدأ.

ولفت إلى أن تطوير العلاقة بين الطرفين سيسهم في تطوير الحالتين الأردنية والفلسطينية، وقال: "تحقيق المصالحة الفلسطينية من شأنه أن يطور العلاقة بين الأردن وحماس والسلطة أيضا".

واعتبر أن فتح مكتب لحركة حماس في الأردن "لا يعتبر مكتبا خاصا بالحركة وانما سيمثل مكتباً للشعب الفلسطيني بأكمله".

الافتراق انتهى

وتتقاطع وجهة نظر الكاتب الفلسطيني علي بدوان مع سابقيه، حيث اعتبر أن سنوات الافتراق الرسمي الأردني عن حركة حماس قد قاربت على الانتهاء.

وقال بدوان: "الغزل الأردني الرسمي مع حماس البعض يرى فيه أنه غزل "تكتيكي" له علاقة بمتطلبات المرحلة الحالية وليس ذا بعد استراتيجي، وكعمل وقائي أردني لإدارة الأزمة مع حركة حماس ليس أكثر ولا أقل، ولاحتواء نمط تفكير حركة حماس بعد أن أنجز أهدافه من مقاطعة الحركة بدءاً من العام 1999".

وأضاف: "في حين هناك اتجاه آخر يؤكد أن الأردن بات على قناعة بأن مقاطعة حركة حماس وتجاهلها أمر غير ممكن في ظل حضورها المؤثر في المعادلة الفلسطينية، وانفتاح قوس اتصالاتها وعلاقاتها الاقليمية والدولية، وأن العلاقة معها ولو بحدود ما أفضل من القطيعة".

ويقدّر الكاتب أن هناك جملة من الدوافع الأردنية التي تجعل العلاقة مع حماس أمرا لا بد منه، وهي دوافع لها علاقة بالانسداد الحاصل في مسار التسوية والمراوحة في المكان، وتعالي الأصوات (الإسرائيلية) الداعية لتبني خيارات "الحل الأردني" مع الفلسطينيين على حساب الأردن، وعودة العزف على نغمة الوطن البديل.

ويعتقد بدوان أنه يمكن لحركة حماس العمل والمساهمة بشكل فعّال بإعاقة أي مشروع للحل على حساب الأردن، الأمر الذي يرجح الوصول لترسيم علاقة استراتيجية أو تفاهمات مرحلية على أسس مشتركة بين الطرفين.

 

البث المباشر