قائد الطوفان قائد الطوفان

الاتيكيت يجبر نساء على تصغير أعمارهن

 

غزة / ديانا طبيل   

عادة ما تستاء المرأة من السؤال عن سنوات عمرها، فهن لا يفضلن الاعتراف بأعمارهن بل إن قواعد (الاتيكيت) تمنع من سؤال المرأة عن عمرها .

الحاجة أم على ترفض ذكر عمرها الحقيقي  فابنها البالغ 60عاماً يقول: والدتي تبلغ 85 عاماً ، وعندما تسأل عن عمرها تقول 61سنة " لستنى صبية وحلوة زى ما أنا ".

** ثقتي تمنعني

 ويتابع ابن الحاجة أم على: في أحد المرات رفض الطبيب أن يسجل عمرها 61 وطالبها بقول عمرها الحقيقي، فقالت:  وكلها ثقة بنفسها 61 سنة و أكم من شهر  .

وعلى العكس تماماً السيدة عايدة العلمي في الخمسين من عمرها،  تقول ليس لدي أدنى مشكلة في ذكر عمري فأنا أؤمن أن الشباب شباب الروح، إضافة إلى أن ثقتي بنفسي كبيرة تخولني للاعتراف بعمري أمام الجميع فكل مرحلة عمرية لديها ملامح وسمات تميزها عن الأخرى يجب علينا أن نعيشها ونستمتع بها كالآخرين .

وتتفق مع العلمي الصحافية شيرين خليفة فتقول ثقتي بنفسي تمنعني من إخفاء عمري ، وتتساءل لماذا أخفيه ؟  فمجتمعنا صغير ومترابط ومن يعرف شيرين يعرف الكثير من المعلومات عنها ، وتضيف: قلما أرى فتاة تخفى عمرها هنا في غزة لكن كثير من الزملاء الرجال يخفون أعمارهن طلبا للشباب وخاصة أولئك الذين تبدو عليهم ملامح كبر السن لا سيما وأننا جميعا نبدو أكبر من سننا هنا في غزة .

ومن جانبها تقول الأخصائية النفسية والاجتماعية نعيمة الرواغ من برنامج غزة للصحة النفسية : أن الأوضاع التي نعيشها بفعل الاحتلال والحصار وكل الأزمات التي مرت علينا تجعل ملامحنا تبدو اكبر بكثير من أعمارنا ، كون متطلبات الحياة الأساسية تحتاج الجهد الكبير لتحقيقها .

 وتضيف: عندما يصل الشخص في مجتمعنا لعمر 60 يعنى أن عليه الجلوس في البيت والتوقف عن العمل وانتظار الموت والمرض وهذا ما يجعل متوسط أعمارنا بين 55الى 60 عاماً.

رشا عمر طالبة ماجستير لديها نظرية فيما يتعلق بالاعتراف بعمرها فتقول بحكم عدم زواجي عندما تسألني سيدة عن عمري فأنى سرعان ما اختصر سنوات كثيرة ، ليس تصغيرا في نفسي ولكن حتى لا أرى منها نظرة الشفقة كوني لم أتزوج، أما إذا بدت على  السائل ملامح الثقافة فسرعان ما أقول 24سنة بكل فخر كوني طالبة ماجستير .

** بين الفخر والعنوسة

الموظفة ميران المسلمى "23 عاماً" تقول: أنا افتخر بذكر سنوات عمري وأكاد أجزم أنه عند وصولي لعمر ال30 أو 40 سأكون سعيدة جدا كوني أخيراً بهذا العمر أصبح امرأة متزنة وناضجة، خاصة أنني تمتعت بكل مراحل حياتي وتضيف المسلمى: الظاهرة مرتبط بقيمة الشخص ومدى شهرته كون سنوات العمر تحدد نظرة الآخرين إليه أما نحن الأشخاص العاديون فلا مبرر لان نخفى أعمارنا . 

بينما تشير  دراسة ميدانية عربية إلى أن عدد النساء اللائي يكذبن حول حقيقة أعمارهن يتجاوزن نسبة الـ80%، ويحدث هذا الكذب بعد سن الخامسة والثلاثين، حيث يترددن في الإفصاح عن أعمارهن الحقيقية، وأن نسبة 30% من السيدات عينات البحث أكدن أنهن لا يفكرن أبداً في الكشف عن حقيقة العمر، ويؤكدن أن الكذب حول العمر مفيد عملياً في بعض الأحيان، وإن كان يخلق العديد من المشاكل في أحيان أخرى.

وأكدت الدراسة أن نسبة 40% من النساء يكرهن الإجابة بالصدق أو الكذب، ويحاولن تجاهل هذا السؤال المزعج جداً، والذي قد يسبب لهن نوعاً من الارتباك والحيرة وبالتالي يفضلن عدم الإفصاح عن حقيقة العمر بأسلوب "دبلوماسي" في حين أن 10% من عينة البحث قد أجبن إجابات غير متوقعة، إذ أجمعن أنهن يقدمن على الكذب حول العمر، ولكن بزيادة فيه هذه المرة لكسب الثقة خاصة في مجال العمل.

تؤمن الأخصائية الرواغ  أن الظاهرة موجودة بشكل كبير و مرتبطة بعوامل نفسية ومعايير الاجتماعية ينظر من خلالها المجتمع لعمر المرأة ، وترى أن أهم عامل نفسي هو شعور المرأة الدائم بحبها للصبا والدلال والجمال والذي هو مرتبط بسنوات العمر في نظر الرجل لذا تلجأ الكثيرات للكذب في محاولة للفت نظر الرجل  ، فمعيار العنوسة مرتبط بسنوات العمر .

وتتابع:  تلجأ المرأة إلى الكذب في مقدمة الأربعينات، حيث ترفض ما يعرف بسن الأمان " اليأس" وبالتالي تصبح غير قادرة على الإنجاب  فالمجتمع  يعتبر المرأة وعاءً للإنجاب فقط .

أما المرحلة الثالثة التي قد تكذب فيها المرأة بسنوات العمر فهي ما بعد الستين خوفاً من الموت والتجاعيد والشيخوخة ، فنجد كبار السن يختصرون عمرهم خوفا من الموت والمرض و لربما الحسد .

** قلة الثقة

وفي جانب آخر تقول الصحفية إسراء محرم "22 عاما": إنها لا تخجل من عمرها كون العمر لا يظهر عليها أساسا فكثيرون يقدرون عمري ب 16 عاماً ، وهذا العمر يستفزني، حيث اشعر بأنني طفلة مراهقة ، وتضحك مضيفة أيضا رقم 22 عاماً كذلك يستفزني خاصة أمام معايير مجتمعنا، حيث إن العنوسة تبدأ من عمر العشرين .

وهذا ما تؤكد الأخصائية الرواغ أن هذا السلوك قد يتغير من المرأة المتزوجة عن غيرها ، فالمتزوجة ترى أنها حققت طموحها بالزواج والإنجاب فلا مشكلة لديها إن كبرت أو صغرت ، فالمجتمع ينظر إلى المرأة كبيرة السن غير المتزوجة بنظرة شفقة وكأنها تعيش الحرمان بعينه.

وتصف الرواغ المرأة التي تلجأ للكذب بخصوص عمرها ، في العادة تكون غير واثقة في نفسها وشخصيتها و جمالها و تجعل محور تفكيرها هو إرضاء الآخرين وشعورها بأنها مرغوبة وجميلة فى نظرهم .

تامر بعلوشة صاحب محل لتأجير بدل الزفاف وفساتين السهرة  ، يقول كل النساء اللواتي يترددن عن المحل هنا يحاولن تصغير أنفسهن فالعمر لديهن حسب الموقف، وخاصة أمهات المقبلات على الزواج لذا تجدنا نجاملهن حين نسألهن إذا كانوا صديقات العروس أم أخواتها ونحن نعى في قرارة أنفسنا وبالمنطق أنها أم العروس وهنا تبتهج المرأة وتبدأ بالتعامل معنا بكل ذوق ورقة .

أما المقبلات على الزواج فهما صنفان مادون ال18 عاماً فسرعان ما تكبر عمرها بزيادة السنوات أما ما فوق العشرين فإنها تكتفي لتصغير نفسها إلى العشرين و شوية .

ويضيف: هناك سيدات تبرز عليهن ملامح الشيخوخة فأدباً منا وتكريماً  نقول لها يا حجة أو يا " ستي " وبالعادة إما أن تتقبلها السيدة برضا وكثيرات يرفض ويكشرن عن أنيابهن ويسألونني " أنا قديش عمري لتقول لي يا حجة ولادي لسه بيلعبوا بالشارع " .

البث المباشر