ياسر أبو هلالة لم يبق غير أمير المؤمنين عبداللطيف موسى ليعلن إمارة إسلامية من رفح. ليس مقطعا هزليا من مسرحية ساخرة إنه خبر يتصدر الصحف مع صور له محاطا بالجند المتشحين بالسواد. طبعا هذا لزوم الدولة في فلسطين جنود بسلاح فردي وخطبة أمام الكاميرات ( دور المصلين ثانوي المهم الكاميرا). تستمر الدولة لأقل من 24 ساعة على رغم دعوات المنتديات الفتحاوية لها بالصمود والنصر على حماس! أطرف ما في إمارة غزة أن الأمير المبايع كان قبل أن يقضي طبيبا يتقاضى راتبا من حكومة عباس التي تتقاضى أموالها من الدول "الكافرة". وهو ظل من مشايخ "الكتاب والسنة" أي السلفية التقليدية، ولم تسجل له عملية عسكرية ضد العدو المحتل. وفي مجتمع محافظ مثل غزة تجد دعوات التشدد أتباعا خصوصا في ظل إماكانات التمويل والتسليح. في التفاصيل التي ترويها حماس أن القائد القسامي محمد الشمالي، الذي استؤمن ودخل مسجد ابن تيمية مفاوضا من غير سلاح خرج مودعا بزخات الرصاص، مما عجل بحسم المواجهة. أغرتني المقارنة بين أمير المؤمنين عبداللطيف، ورئيس الدولة الفلسطينية محمود عباس الذي بويع في بيت لحم. وتجنبت إدخال إسماعيل هنية في المقارنة لأنه متواضع ويسخر من القائلين بدولة فلسطينية لا تسيطر على أرضها ولا بحرها ولا جوها، ويقر بوجود "سلطة مقاومة". في بيت لحم، التي دخلها الفاتحون بإذن من المحتل، أُخذت البيعة، وكما في الإمارة الإسلامية التي تمارس الحدود، قبل أن يكون لها حدود؛ فإن إمارة بيت لحم طبقت حدودها. ومن شق عصا الطاعة وحمل السلاح ضد المحتل لا ضدها قتل أمام الكاميرات (كم تحب السلطة الكاميرات!.( أما سجونها فهي ليست كسجون "الشريك المفاوض" (أي العدو الصهيوني سابقا)، فتلك دونية لا تليق بهيبتها، بل كسجون صاحب رؤية حل الدولتين بوش الراحل؛ سجن غوانتنامو غير الخاضع للقانون المحلي أو الدولي الإنساني. اعتقالات بلا قانون وتعذيب حتى الموت ولجان تحقيق لا تخرج بنتائج! هذه الإمارة العلمانية في الضفة تأخذ غرم الدولة من دون أن تقدم مغانمها. تماما كالإمارة الإسلامية الموعودة في "أكناف بيت المقدس"، التي أعلن عن قيامها الشيخ عبداللطيف بقوله أول من أمس، بموازاة خطبة الشيخ كان هنية يحذر مما يتناوله الاعلام الاسرائيلي بخصوص وجود القاعدة في غزة معتبرا أن "هدفه التحريض" وجلب تحالف دولي ضد غزة، ويعكس مأزقا إسرائيليا في التعامل مع غزة. لا يمكن فصل ما يجري في غزة عن مؤتمر فتح السادس الذي أعاد الاعتبار لمحمد دحلان، وهو الذي صنع في غزة جماعة "جيش الإسلام"، التي اختطفت صحفي البي بي سي. وسيواصل سياسته في إنهاك حماس مع تنظيمات التشدد. وهي مهمة أساسية لإمارة بيت لحم. محاربة المقاومة بتنظيمات التشدد سياسة إسرائيلية قديمة، المؤسف أن الضحايا في الغالب من المغرر بهم الساعين إلى إقامة الإمارة الإسلامية في "أكناف بيت المقدس" من دون ملاحظة الطائرات الإسرائيلية فوق رؤوسهم، التي لم تتدخل في القتال لصالح أي طرف!