قائد الطوفان قائد الطوفان

حماس في عيون مؤسسيها وقادتها التاريخيين

قادة من مؤسسي حركة حماس
قادة من مؤسسي حركة حماس

غزة-محمد بلّور- الرسالة نت

يسعدني دائما أن أنفاسهم تتردد بيننا فتضمنا بصمودهم وتآزرنا بعزيمتهم, عاشوا أياما ملونة وجرّبوا أوقات الشدة والرخاء والآن نثروا غرسهم في حقل الوطن فأزهر مقاومة, مرّ قطارهم بالضعف والنمو والقوة, وحملت عربتهم التأثير والنجاح والإثمار.

طبع الشيخ حماد الحسنات أحد مؤسسي حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين من دهن أصابعه على صفحات الأيام الأولى لتأسيس الحركة الإسلامية ومن بعدها حماس فقد عاشها وخاض غمارها .

مرت عشرات السنين على الحسنات جرّب فيها وأسرته الاعتقال والاستشهاد والإبعاد, ارتبطت صورته واسمه كثيرا بصديقه ورفيق دربه الشيخ المؤسس عبد الفتاح دخان قاموس حماس فسجلا مع قلة من المؤسسين تاريخ الحركة الإسلامية قبل بروز اسم حماس على الساحة الوطنية.

عندما اجتمعوا يوم 14-12قبل 22 عاما في مكان ما للتشاور في اسم حركتهم الفتية سموها "حركة المقاومة الإسلامية "أو ما كتب على الجدران في حينها "ح.م.س" قبل أن يسموها اختصارا "حماس".

القيادي في حركة حماس وأحد مؤسسيها عيسى النشار كان هو الآخر أحد السبعة المؤسسين الذين اجتمعوا قبل 22 عاما فصاغوا البيان الأول وسموه باسم "حركة المقاومة الإسلامية" معلنين عن هوية الجهة المقاومة شعبيا في حينها.

انطلاقة حماس

بدأ الحسنات بعد عام 1967 هو وإخوته في ترتيب شئون الحركة الإسلامية بالقليل من المال والرجال واليوم فعلوا الكثير و قال :"اليوم بعد 22 عاما قفزنا قفزة كبيرة لم آمل يوما أن نصل لذلك فقد رأيناه يوما بعيدا جدا وفرضت حماس نفسها في العالم لو أنها مرفوضة " .

أما المهندس النشار فقال للرسالة: "قرار المقاومة كان سابقا وكنا نعد جيلا لذلك لكن بعد أيام من انطلاق الانتفاضة تبلورت الفكرة بالتوافق مع قيادة الإخوان في كل مكان وأعددنا الميثاق فصار تحولا فعليا للإطار التنظيمي والمؤسسات إلى إطار جماهيري".

وأوضح النشار أن الحركة الإسلامية أدركت حينها محاولات إنهاء القضية مضيفا:"قررنا أن تكون مقاومة شعبية للاحتلال ويوم 14-12 خرج البيان الأول بتوقيع (ح.م.س) ويحمل لفظ الانتفاضة وبعدها أصبح كل يوم جديد وتطور في الانتفاضة".

كان التصويت على انطلاق حماس باجتماع ضم 7 مؤسسين وافق فيه 4 مقابل 3 عارضوا الانطلاقة في حينها منهم الشيخ الشهيد صلاح شحادة.

وأضاف النشّار:"لا يوجد فينا من يومها صقور ولا حمائم بل كان أكثرنا معارضة رغم قوته هو شحادة وقد مضى القرار يومها بالأغلبية عقب حوار وتمحيص" .

محطات حماس

لازالت في أنفي رائحة عبوات الدهان التي كتب بها ملثمو حركة المقاومة الإسلامية على جدران المخيمات وفي وسط المدينة, لقد اختار الملثمون أيامها أجملهم خطا وتعلموا بعدها كيف يحيكون زيهم بلون أزرق وأخضر أثار الهيبة في الشارع.

يشغّل الشيخ الحسنات ذاكرته لاستدعاء أهم محطات حماس في تاريخها فيقول:"أولاها محطة الدعوة وربما قبل الانتفاضة ثم مقاومة الفساد وبعض عاداته في وسط الشباب ثم التفكير في العمل المقاوم حتى انطلقت الانتفاضة ثم محطة بدء عمليات الاعتقال مطلع الانتفاضة يليها الإبعاد إلى مرج الزهور حيث أراد الله أن ندخل عبر الصحافة والإعلام لكل بيت".

توقف قطار حماس أمام محطة هامة كانت مجيء السلطة الفلسطينية ويشير الحسنات إلى أنه لم يتوقع أن تكون السلطة مع العدو عليهم فتوّجت المفاجأة بالاعتقال والتعذيب عل يد السلطة عام 1996 , مضيفا:"تابعونا بعنف ووضعونا بالسجون وتحت تعذيب أشد من اليهود حتى جاءت الانتفاضة وطرد اليهود عام 2005 من غزة وتلاه الحسم العسكري عام 2007 بينما ظلت الضفة تحت عدوانهم حتى الآن إلى جانب السلطة" .

أما الشيخ النشّار فيرى أن كل محطة مرت بها حماس حملت صفات ودلالات اختلفت عن غيرها, مضيفا: "اعتبر الانتفاضة المحطة الرئيسية عام 87 يليها السجن والإبعاد لمرج الزهور ثم مرحلة الانتخابات البلدية والتشريعية التي كانت مرحلة تحول أساسية حتى خاضت حماس تجربة تشكيل الحكومة بمفردها بعد رفض الفصائل الدخول في حكومة وحدة وفرض الحصار -و يعتبره النشّار -عزز المقاومة حتى انتهت مرحلة الفلتان الأمني بالحسم العسكري وأتت مرحلة حرب الفرقان" .

استدعت حماس يوم وقفت أمام مهمة تشكيل الحكومة قادتها التاريخيين, فقد حن الفرع إلى جذعه الأصيل وعلمت الطليعة أن حكمة الشيوخ لابد أن تعطّر الخطوة فمضت بأنفاسهم العتيقة.

المقاومة والسياسة

وقال الشيخ الحسنات إن حركته لم تخطط للحصول على كامل حصة الحكومة والتشريعي, مضيفا:"أردنا وجود صوت بالبرلمان للوقوف أمام الفساد والانتخابات وضعتنا في مسئولية وأمام متاعب والتراجع عن المكاسب ليس سهلا وما حدث في الحسم هو بقدر الله الذي هيأ الأسباب" .

ويرى الشيخ عيسى النشّار أن الأهم في واقع حماس هو اتخاذها البعد العالمي فلم تعد مجرد حركة فلسطينية بل محط أنظار العالم , مضيفا:"ذلك له أثر كبير على العرب والمسلمين ومنحها زخم فيما يحاول الأعداء الإجهاز عليها".

وبحكمته يفسّر الشيخ الحسنات أن كثيرين أرادوا إفشال حماس لإفشال تجربتها المقاومة بعد دخولها السياسة يتبعه تخليها عن غزة, مشددا أن حماس تسير بقدر الله مضيفا:"عندي ثقة أن الأمور في صالح حماس وستتواصل المؤامرات وسيسقط ضحايا ولكن النهاية لصالح الإسلام" ولا يفصل الشيخ عيسى النشّار بين السياسة والمقاومة لدى حماس مشيرا أن هدف حماس الأساسي الحفاظ على الحق الفلسطيني متابعا:"لو تركت السياسة لانتهت القضية لكن حماس نجحت في الجمع بين المقاومة والسياسة ".

وتكلم الشيخ الحسنات صراحة عندما قال:"لا يوجد رؤية واضحة لما سيحدث بالمستقبل لأن معظم المعطيات والمواقف ضد حماس لكن الفرج يأتي من الله وكثير من القضايا تشتد وإذا بالفرج يأتي من عند الله وأملنا أن تتغير الأوضاع في العالم العربي والإسلامي لأن الشعوب تغلي وغير المتوقع سيأتي من الناس وإذا ظل الأمر كما هو دون إمكانات فنحن في خطر" .

أولويات المرحلة

زبدة السنين الطويلة بإمكانكم الحصول عليها من عباراتهم فالشيخ النشّار يرى أولوية المرحلة الحالية في فك الحصار المفروض من إسرائيل وبعض الدول جارة كانت أو بعيدة مضيفا:"هدفنا تحرير فلسطين ونيل حقوق شعبنا وهناك مسألة مهمة هي المصالحة على قاعدة وجود المقاومة" .

أما الشيخ الحسنات فيرى أن القضية متكاملة والهدف هو إزالة الاحتلال مضيفا:"نحن نعمل لإعادة الوطن وإزالة الاحتلال وسنعمل حتى النهاية إما يزول الاحتلال أو يخضع للأمة الإسلامية ".

وشكلت الحرب على غزة بالنسبة للشيخ الحسنات مفصلا هاما لم تخسر فيه حماس الحرب وخرجت إسرائيل فاشلة فأضاف:"منحتنا الحرب معنويات جديدة طالما تمسكنا بحبل الله فنحن لا نحارب بقوتنا بل بمعية الله وأتوقع مجازر قادمة فلازال الوضع في أوجه والعدو لن يتراجع إلا إن حسب خسارته فهو لا يفهم سوى القوة ويعتقد أن هزيمته واحدة أن وقعت زال للأبد " .

ويعتبر الحسنات الحرب من أهم المراحل التي مرت على حماس وأثرت فيه شخصيا بالإيجاب وهو يأمل في تطور موقف العرب والمسلمين حتى يجهروا بنصرة فلسطين متوقعا تغيرا مستقبلا رغم محاربة الدول لأنصار الإسلام وفلسطين حاليا .

وأضاف:"الخطورة لن تكون من العدو بل من أنفسنا إن قصرنا في حق الله ودعوتنا ووطننا حينها سيقع ما لا يحمد عقباه" .

ويبدو الشيخ الحسنات مطمئنا على حركته فغياب كثير من قادتها ومؤسسيها لن يشلها كما يقول لأنها حركة ولود لا ترتبط بفرد بل ربانية وهدفها ليس حزبيا بل يحقق استشهاد قادتها لها قوة ومناعة وتجديد لروحها .

فتح ومنظمة التحرير

وسدد القادة المؤسسون لكمة قوية إلى التيار المتنفذ في فتح والذي سحبها من مشروعها التحرري , رأوا في رفضها لإصلاح المنظمة تأخيرا للمشروع الوطني .

الشيخ النشّار قال:"قبلناها وقبلنا التعامل معها على أساس وطني ولكن لا بد من إعادة صياغتها وإصلاحها ونرفض أن تكون مطية لإجهاض القضية".

أما الشيخ الحسنات فيعود بالحديث عن فتح إلى خطوتها الأولى حين أسست فيضيف:"فتح الآن عايشة على دعاية الماضي وفي الحاضر ليس لها رصيد , قديما لم يكن مقاومة وكان لها صوت وعندما بانت علمانيتها لم يكتب لها البقاء وهذا شيء مرتبط بالأرض وما ارتبط بالأرض لن يدوم وفتح الآن بمأزق ومنقسمة وكثير من مؤسسيها في الخارج غير راضيين عن الداخل ولن تستمر إلا إذا غيرت ورجعت للتحرير " .

وانتقد الحسنات موقف فتح من إصلاح المنظمة مسيطرة من وصفهم بالساقطين الذين يحكموها الخاضعين لحكم "إسرائيل", موضحا أن إصلاحها سيكون بالانضمام للفصائل المؤيدة للمقاومة.

** مستقبل حماس

واليوم بعد رحلة العمل الطويلة تعزز كل يوم ثقة الشيخ عيسى النشّار أن مستقبل حماس بيد خالقها فيضيف:"نسير بأمر الله وارتباط حماس بالشعب والكل أدرك أنها حريصة على مستقبل القضية ".

وحول ملاحظاته عن أخطاء حماس في العقدين الماضيين كشف النشّار عن عدم رضاه بالصدام موضحا أنه ليس من أنصاره, مضيفا في الوقت ذاته أنه يفهم بعض الخطوات الاضطرارية التي اتخذتها حماس بمشورة قادتها.

ومن خلف 55 عاما في العمل مع الحركة الإسلامية أوصى الشيخ الحسنات جيل حماس الصاعد بالقول:"قبل كل شيء تقوى الله والإخلاص في القول والعمل والتمسك بالحركة بكل إمكانات الفرد وعدم الاستماع للمروجين وحماس بصدق تعبر عن أهداف الحركة الإسلامية, كما أوصي أبناء حماس بالاعتدال والالتزام والتمسك بالثوابت مهما كانت الظروف " .

وتنبض حماس بحكمة كثير من قادتها المؤسسين أمثال شيخ دخان والحسنات والنشّار وشمعة وغيرهم ممن عاش تجربة تستحق القراءة على مكث.

البث المباشر