مرشد مدرسي: عقد جلسات إرشادية تقلل منه
د.حلس :عرض المناهج بشكل فاتر يدفع الطالب للهرب
غزة/ مها شهوان
بعيدا عن أنظار الجميع، يترقب الطالب خالد اللحظة المناسبة حتى يقفز عن سور المدرسة القريب من دورات المياه.
خالد (16عاما) الذي يدرس في إحدى مدارس القطاع الثانوية اعتاد كل يوم وبعد الحصة الثالثة من دوامه المدرسي أن يأخذ حقيبته ويتسرب من المدرسة.
وهو كغيره من شباب جيله يحاول القفز من مركب الحضارة والعلم إلى بحر الفشل والضياع.
"الرسالة" أخذت قصة خالد في تسربه كمثال على عشرات الطلاب الذين ينتهجون النهج ذاته وسلطت الضوء على تلك الظاهرة لمعرفة الأسباب والحلول في التقرير التالي:
مدرس الرياضيات
وحول هذه الظاهرة ذكر الطالب مهند.س لـ"الرسالة" بأنه يهرب من فصله في حصة الرياضيات لأنه لا يجد المتعة فيها ويشعر بالصعوبة، مشيرا إلى أن مدرس الرياضيات يطلب منه في كل حصة أن يخرج إلى السبورة ليحل إحدى المسائل مما يسبب له الإحراج أمام زملائه.
وأضاف مهند بأنه يتفق مع أصدقائه لمساعدته على الهرب ، حيث يضع حقيبته في فصله حتى لا يشعر المدرس بأنه هرب وحينما ينتهي الدوام يحضروا له الحقيبة.
في حين أن الطالب محمود.ع يشعر بالملل أثناء بعض الحصص مما يدفعه للهرب من الفصل بحجة أن يريد الذهاب لقضاء الحاجة وما أن يصل إلى دورة المياه فيتناول سيجارته ومن بعدها يعود للفصل .
ويقول محمود:" في بعض الأوقات حينما ينتهي المدرس من شرح المادة يكون هناك متسع من الوقت لاسيما في الحصة الأخيرة، فأقوم ومجموعة من أصدقائي بالهرب عبر سور المدرسة" ،موضحا بأنهم يلقون حقائبهم عبر نوافذ الفصل دون أن يشعر المدرس ومن بعدها يطلبون الإذن منه للخروج لقضاء الحاجة فيسمح لهم، ليتجهوا فورا إلى اعتلاء سور المدرسة ويهربون.
أصدقاء السوء
في هذا السياق ذكر المرشد المدرسي مروان إبراهيم بان أكثر الأوقات التي يتم فيها هروب الطلبة هي أثناء الطابور الصباحي أو فترة الاستراحة ،بالإضافة إلى حصة الرياضة التي يستغلها الطالب للهرب، مبينا أن الطلبة يختبئون في دورات المياه إلى حين انتهاء الطابور المدرسي ومن بعدها يهربون خارج المدرسة ،وذلك نظرا لقرب دورات المياه من بوابة المدرسة مما يسهل عليهم الهرب.
وأوضح إبراهيم بأنه خلال عمله كمرشد اجتماعي في مدارس القطاع وجد أن هرب الطلبة يتفاوت من مرحلة لأخرى، مشيرا إلى أن بعض المناطق يوجد بها أهالي لا يهتمون بمتابعة أبنائهم.
وحول الأسباب التي تدفع الطلبة للهرب من المدرسة أشار إلى أن أصدقاء السوء والخوف من عقاب المدرس من أهم الأسباب، ونوه إلى أن الوضع الاقتصادي السيئ وعدم مقدرة الأهل إعطاء ابناءهم المصروف من أهم أسباب الهرب مما يشعرهم بأنهم اقل من أقرانهم في المدرسة.
وبين إبراهيم أن حل هذه المشكلة يتم من خلال عقد جلسات إرشادية سواء فردية أو جماعية ، مضيفا بأنه يتم الإرسال لأولياء الأمور لبحث الأمر معهم بالإضافة إلى توعيتهم في كيفية التعامل مع الأبناء.
وفيما يتعلق بالمدرسين الذين يدفعون الطلبة للهرب بسبب الألفاظ النابية التي ينعتونهم بها فقد أوضح المرشد المدرسي بأن تلك الألفاظ تدفع الطلبة للهرب كنوع من الانتقام من المدرس، مشيرا إلى انه في تلك الحالة يتم التعاون مع المدرس ونصحه في استعمال الكلمات التي تحفز الطالب.
ولفت إبراهيم إلى وجود تنافر في بعض الأحيان ما بين إدارة المدرسة والعمل الإرشادي حول كيفية معاملة الطالب.
وروى المرشد المدرسي إبراهيم قصة حدثت في مدرسته قائلا:" كنا نفقد يوميا أحد الطلاب بعد الحصة الثالثة، وتمت مراقبته والإمساك به قبل الهروب"،موضحا بأنه تم التعامل مع الطالب بشكل جيد حتى أدرك بأنه يهرب لمشاهدة أمه المطلقة التي يحرمه والده من زيارتها ، ويقوم بمعاقبته حينما يطلب منه أن يراها.
وأضاف إبراهيم :"لم يجد الطالب حلا سوى الهرب أثناء الدوام المدرسي للذهاب إليها ومن ثم العودة لبيت والده حينما ينتهي الدوام"، مشيرا إلى أن المدرسة استوعبت وضع الطالب حيث وضع المرشد بالتعاون مع إدارة المدرسة جدولا للطالب يمكنه من زيارة والدته أثناء دوامه المدرسي.
الضغوط النفسية
ومن جانبه أشار الأخصائي التربوي د.داود حلس إلى وجود نواح عديدة تجعل الطالب يهرب من مدرسته مثل العقاب الذي يتعرض له في المدرسة ،بالإضافة لعدم وجود الوعي الكافي للأسرة في علاقتها مع المدرسة إلى جانب الضغوط النفسية من قبل الأسرة والمدرسة تلك الأسباب تجعل الطالب ينسحب ويهرب من المدرسة.
واعتبر حلس أن رفع قانون الضرب وعدم المتابعة من قبل إدارة المدرسة يؤدي إلى الزيادة في هذه الحالة ،موضحا أن المناهج التعليمية في طريق عرضها بشكل فاتر يجعل الطالب يشعر بالملل مما يدفعه للهرب.
وحول كيفية الحد من هذه الظاهرة أوضح أنه يتم من خلال المتابعة المستمرة من قبل الأهالي وإدارة المدرسة وعمل دارسة للحالات الموجودة بكافة المدارس بطريقة علمية، متمنيا أن يكون هناك تواصل مابين الأسر والمدرسة،مطالبا بضرورة إبراز الدور الطلابي وتفعيله في المدارس وذلك من خلال القيام ببعض الأنشطة الطلابية كالرحلات الترفيهية.