قائد الطوفان قائد الطوفان

تقرير الغارديان ينبش ملف العلاقة بين أجهزة السلطة والمخابرات الأمريكية

الرسالة نت - رامي خريس" خاص "

لم يكن تقرير الغارديان البريطانية حول إشراف السي أي ايه الأمريكي على التعذيب في سجون السلطة في الضفة الغربية جديداً في كل جوانبه ، إنما نبش من جديد في ملف التنسيق الأمني وعلاقة أجهزة السلطة الأمنية بالمخابرات الأمريكية وقبلها الإسرائيلية ، بل إن الأمر تعدى مسألة التنسيق لتعمل أجهزة السلطة بشكل مباشر في تنفيذ المهمات الموكلة لها من الأمن الإسرائيلي أو المخابرات الأمريكية ، وهو ما أثبتته الوقائع على الأرض وتقارير أمنية وشهادات شخصيات أمنية كبيرة المستوى.

*على أعلى مستوى

ويبدو أن العمل المشترك بين الثلاثي الأمني الأمريكي الإسرائيلي وأجهزة السلطة لا تزال فاعلة بشكل كبير لاسيما في المرحلة الحالية ،بالرغم من الحديث عن تعثر الجهود السياسية لإعادة الروح إلى المفاوضات الميتة .

وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أيام نقلاً عن مصادر أمنية إسرائيلية أن التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وبين سلطات الاحتلال يتم بنفس الوتيرة بمعزل عن الأوضاع السياسية، وتحدث التقرير عن الدوريات المشتركة وعن الجهد الكبير للأمن الفلسطيني في ملاحقة خلايا المقاومة.

ومن الواضح أن العمل الأمني تعزز ودخل الأمريكيين على الخط بقوة بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية ، وكانت هناك محاولات حثيثة لإبعاد الحركة عن المشهد السياسي الفلسطيني ، وحتى أن وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس السابقة تولت متابعة الملف الأمني وعقدت اجتماعات منفصلة ومشتركة مع مخابرات عدة دول عربية بما فيها مخابرات السلطة ودولة الاحتلال واستفادت من مكتب المنسق الأمني أميركي التابع لوزارة الخارجية الأميركية التي تم إنشاؤه في 2005 وتولى رئاسته الجنرال كيث دايتون، وكان هدفه المعلن "المساعدة على إصلاح وتدريب وتوفير المعدا لقوات الأمن التابعة للسلطة " بما يسمح لها بالقيام بمهامها المنصوص عليه في خارطة الطريق (2003) بما في ذلك التعاون الأمني مع (إسرائيل).

وعملت المخابرات الأمريكية على تعزيز عمل السلطة الأمني في الضفة بعد عملية الحسم ، واقتصار نشاط السلطة وأجهزتها في الضفة ، وبدأ دايتون الإشراف على التنسيق الأمني مع الاحتلال بل متابعة تنفيذ المتطلبات الأمنية المطلوبة منها وعلى رأسها توفير الأمن للإسرائيليين جنوداً كانوا أو مستوطنين.

**رعاية

وتناط مهام التنسيق الأمني مع المخابرات الأمريكية بأجهزة أمنية مثل الأمن الوقائي والمخابرات العامة التي تحولت للعمل بشكل مباشر مع قادة السي أي ايه والاف بي آي ، حتى أنها في مرات كثيرة تخطت البوابات السياسية .

، وفي تقرير أعده مركز خدمة الأبحاث في الكونغرس الأمريكي في يونيو الماضي  يشير التقرير إلى أن الدور الذي لعبته المخابرات الأميركية في "رعاية" قادة جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني وفي تنسيق الأنشطة الأمنية الفلسطينية الإسرائيلية (..) ويشير التقرير إلى تقارير صحفية أخرى (لم يؤكدها أو ينفها) توضح أن أميركا استمرت في دعمها لجهاز الأمن الوقائي خلال انتفاضة الأقصى والتي شهدت انهيارا في التعاون الأمني بين (إسرائيل) والسلطة ، وأن هذا الدعم "قد يكون مستمرا" حتى الآن وفقا لصيغة التقرير.

* أوكار في غزة

وإذا كان قد انكشف التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة والمخابرات الأمريكية بعد نشر تقارير صحفية وتصريحات كيث دايتون لاسيما محاضرته الشهيرة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلا أن العمل الأمني المشترك أو بالأحرى وجود السي أي ايه يسبق ذلك بكثير وهو يمتد إلى السنوات الأولى من إنشاء السلطة ، وكان تحرك المخابرات الأمريكية في غزة قبل الحسم مادة لأحاديث الغزيين الذين كانوا ينظرون إلى مقر المخابرات في السودانية ومقر الوقائي في تل الهوى كأوكار تأوي ضباط السي أي ايه ، ولذلك لم تكن مفاجأة لهم عندما كشف وزير الداخلية السابق الشهيد سعيد صيام بعد الحسم وثائق تثبت تورّط أجهزة الأمن السابقة في غزة، الخاضعة لإمرة رئيس السلطة منتهي الولاية محمود عباس، في التعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية للعمل ضد الحركة ومجاهديها.

ولكن المفاجأة تمثلت في حديث صيام عن قيام جهاز مخابرات السلطة بالعمل في الساحات العربية والإسلامية ضد مصالح هذه الدول وحركات المقاومة العربية والإسلامية وشخصيات ورجال مال ومنشآت مهمة .

كما كشف في ذلك الوقت تورط الأجهزة الأمنية في عمليات إسقاط جنسي وابتزاز لا أخلاقي لوزراء ونواب وقادة أجهزة وضباط ومسؤولين في أعلى دوائر صنع القرار الفلسطيني"، إضافة إلى "تورط عدد من مسؤولي فتح والمخابرات العامة وسفراء السلطة في فساد مالي وأخلاقي".


وأمام هذه الحقائق يبدو أن تقرير الصحفي البريطاني إيان كوبين في الغارديان ليس جديداً تماماً فالفضائح التي كشفت سابقاً أزكمت الأنوف ولكن اهمية هذا التقرير في أنه يتحدث عن تورط السي أي ايه في تعذيب الفلسطينيين في الضفة من خلال اشرافه المباشر على المهمات القذرة التي تقوم بها اجهزة السلطة في سبيل ضرب المقاومة الفلسطينية ومحاصرتها.

 

البث المباشر