قائد الطوفان قائد الطوفان

نبات شوكي يزهر في فصل الربيع

"العكوب".. يجنيه الفقراء ويأكله الأغنياء !

نابلس – الرسالة نت

تزدهر جبال الضفة المحتلة في فصل الربيع بشتى أنواع الأعشاب والنباتات والورود، وتكتسي سهولها اللون الأخضر الذي يريح البال، ويجلو الهم، ويعلن بدء أجمل فصول السنة.

ومع دخول الربيع تورق بعض النباتات التي ينتظرها الناس كل عام، التي تشكل لهم مصدر رزق وربح وفير، خاصة وأنها نباتات برية تنمو في الجبال والسهول، ويمكن لأي شخص جنيها وبيعها في الأسواق.

ولعل نبتة "العكوب" من أكثر النباتات شهرة في فصل الربيع، سيما في مدينة نابلس شمال الضفة، حيث يشتهر أهلها بطهيها وأكلها وتخزينها بكميات كبيرة لتبقى متوفرة لديهم طوال العام.

و"العكوب" نبات شوكي وبري شعبي معروف، له موسم قصير، يظهر في أواخر فصل الشتاء وأول فصل الربيع، وينمو في المناطق السهلية والجبلية، ويتهافت الناس لجنيه رغم صعوبة التقاطه وتجهيزه بسبب ما يحمل على رأسه من أشواك.

ففي الأيام والأسابيع الأولى لنمو "العكوب" يتسابق أهالي القرى والمناطق الريفية والجبلية لجني تلك النبتة لبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة، حيث يصل ثمن كيلو الغرام الواحد منها لخمسين شيكل إذا ما بيعت وهي خالية من الأشواك، لكن مع استمرار موسمها تبدأ الأسعار بالانخفاض شيئا فشيئا.

ولا غرابة بأن أهالي مدينة نابلس يتسابقون لشرائها رغم ارتفاع أسعارها، فهي أكلة لذيذة الطعم، خاصة إذا ما طهيت مع لحم الخراف أو العجل، فتعطيها الدسم المطلوب والنكهة اللذيذة.

الربح مضمون..

الشاب صالح (20 عاما) من بلدة طمون قرب طوباس، ينتظر موسم العكوب مع بداية الربيع من كل عام، حيث يقصد قمم الجبال المحيطة بقريته، ويجني كميات كبيرة من العكوب، ويبيعها في أسواق مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة.

يقول صالح لـ "الرسالة نت": "منذ بداية موسم العكوب وأنا أذهب للجبال برفقة أخي وأصدقائي، فنجني كميات كبيرة ونبيعها تارة بأشواكها، وتارة أخرى نقلم الأشواك عنها".

ويضيف: "جني العكوب لا يكلفنا أي شيء، فجبالنا مليئة به، وهو نبته برية يمكن لأي إنسان جنيها، وعندما نبيعه خال من الأشواك يكون الربح مضاعفاً، وفي أحيان أخرى نبيعه بشوكه لأن تنظيفه يستهلك وقتا وجهدا كبيرين، فنكتفي بالربح الذي نحصل عليه، فنحن بكل الأحوال نربح ولا نخسر من هذه التجارة".

أما محمد (30 عاما) فيقول: "صحيح أننا من نجنيه ونبيعه، لكن أهل القرى هنا لا يرغبون بأكله ولا يعرفون طريقة طهيه الصحيحة التي تكسبه النكهة الطيبة، لذلك لا نجد سوقا مربحا له في القرى، فنتوجه ببضاعتنا ومحصولنا لمدينة نابلس، حيث تمتلئ أسواقها بالعكوب في هذا الوقت من العام".

ويجد الفتية في المناطق الريفية والجبلية موسم العكوب فرصة سانحة لتوفير مصروفهم اليومي وشراء ما يحتاجونه، هذا ما أكده الفتى حذيفة (18 عاما) من قرية عاطوف في منطقة الأغوار، ويقول لـ"الرسالة نت": "في عطلة نهاية الأسبوع أقصد الجبال المحيطة بنا منذ الصباح الباكر، وأجني الكثير من العكوب وأجمعه في أكياس كبيرة، وعند عودتي للبيت في المساء، تقوم أمي بتنظيفه من الأشواك، وفي اليوم التالي أذهب لبيعه في مدينة نابلس، وأعود أخيرا وقد جمعت المال الكثير".

ويشير إلى أنه تمكن في العام الماضي من تحصيل ثمن هاتف خليوي من وراء بيع العكوب، ويعتزم العام الحالي شراء هدية لأمه، وهو ما دفعه لبذل مزيد من الجهد؛ من أجل جني الكثير من العكوب، خاصة في بداية الموسم حيث تكون أسعاره مرتفعة وعليه إقبال كبير.

أكلة نابلسية..

السيدة "أم مصعب" من نابلس تقول: "إن العكوب أكلة لا يعلى عليها، وهي من أكثر الأكلات التي يشتهر بها النابلسيين، وعند معظم العائلات في موسم العكوب تقام الولائم العائلية احتفاء بها، فعندنا مثلا تدعونا والدتي أنا وأخواتي لبيت والدي وتطهو لنا العكوب مع لحم الخاروف.. ففي الجمعة واللمة العائلية يطيب المذاق أكثر وأكثر".

وتضيف: "من المعروف عندنا أيضا أن طبخة العكوب تطهى للضيف العزيز على القلب، فتكريما للضيف نطهو له العكوب، لذلك نخزِّن طبخات عدة منه لتكون متوفرة لدينا طيلة العام".

مصدر رزق

ولا يتوقف أمر استغلال العكوب كموسم للربح في القرى والمناطق الجبلية فقط، حيث تتولى عدد من النساء في المدن وممن ضاقت بهم الحال تنظيف ثمار العكوب من الأشواك مقابل مبلغ من المال على كل كيلو غرام.

السيدة "أم سمير" إحدى تلك السيدات، التي تجد في موسم العكوب فرصة جيدة لتوفير مصروف بيتها وقوت أطفالها، وتقول لـ"الرسالة نت": "في كل عام أبلغ جاراتي والأقارب وكل من أعلم عن استعدادي لتلقي كميات من العكوب وتنظيفه لهم مقابل مبلغ بسيط من المال على كل كيلو".

وتضيف: "تعتمد الكثير من النساء علي في مساعدتهم في تنظيف وتقليم ثمار العكوب لهن في كل عام، خاصة النساء الموظفات منهن، حيث آخذ 5 شيكل مقابل تنظيف كيلو من العكوب، فأنا أتفرغ في هذا الموسم بشكل شبه كامل للعمل به، فأجني ربحا جيدا، وأوفر مبلغا لا بأس به من المال استغله لشراء ما ينقص بيتي وأطفالي".

وتابعت: "زوجي لا يعمل في وظيفة ثابتة، فيوم يعمل وأسابيع أخرى لا يعمل، لذلك أستغل هذه المواسم وأساعده، وهو كذلك يساعدني في كثير من الأحيان في تقليم العكوب حتى نتمكن من إنجاز كميات أكبر".

فوائد صحية جمة..

ويتمتع "العكوب" بفوائد صحية جمة، حيث يؤكد خبراء التغذية أنه مفيد جداً ونافع لتنحيف جسم الإنسان، ومفيد لمن يعاني من ارتفاع الكولسترول والشحوم ولمرضى القولون العصبي وللإمساك المزمن، ويساعد في الهضم ولطرد السموم.

والعكوب كذلك غني بالأملاح المعدنية، خاصة البوتاس، ولتقوية الأعصاب وتنقية الدم وتقويته.. وفيه أيضاً مجموعة من الفيتامينات المفيدة والمغذية للجسم.. ويقال أيضاً انه مدر للبول ومقوي للقلب وغني جداً بالألياف الهامة.

ويطهى العكوب بشكل أساس مع اللبن واللحم، كما يمكن قليه مع البيض، وتستخدمه بعض العائلات مع "المقلوبة"، ولأنه لذيذ المذاق وغني بالفوائد الصحية، لا تدعو موسم العكوب يمر دون أن تتذوقوا طعمه وتجنوا من فوائده ..!

البث المباشر