نابلس – الرسالة نت
عيونهم ترفض النوم العميق، وقلوبهم تخشى غفلة تحرمهم فرحة اللقاء، وأجسادهم تحن للحظة دفء وحنين غابت عنهم بفعل الظلم الواقع على أبيهم منذ سنوات أربع دون تهمة تذكر، أو محاكمة تفصح عن سبب الاعتقال.
هكذا تعيش عائلة عميد الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال أحمد صقر (48 عاما) من مخيم عسكر شرق مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، وفي كل ليلة تسبق اليوم المقرر لانتهاء مدة اعتقاله الإداري الذي سرعان ما يتم تمديده مرة تلو الأخرى.
العائلة لا تزال تحيا تحت وقع الصدمة وخيبة الأمل واليأس من إنصاف محاكم الاحتلال، في ظل استمرار تجديد اعتقاله إدارياً منذ ما يقارب الأربع سنوات.
وكان الأسير أحمد صقر الملقب بـ"أبو بصير" قد قرر خوض معركة الأمعاء الخاوية، علّه يضع حداً لمعاناته المستمرة منذ 15 عاماً من فترات الاعتقال المتقطعة في السجون.
وهدد عميد الأسرى الإداريين إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية بالامتناع عن شرب الماء إذا جُدد اعتقاله للمرة الرابعة عشر، بعد انتهاء فترة اعتقاله الحالية في الرابع والعشرين من الشهر الجاري.
من جهتها؛ أكدت زوجة الأسير "أم بصير" أن وضع زوجها الصحي في تدهور مستمر، ويعاني من التعب والإرهاق ، نتيجة خسارته 17 كيلو جرام من وزنه خلال فترة إضرابه .
وقالت أم بصير لـ"الرسالة نت " :"عندما زارته ابنته هدى (20 عاماً) أخبرها أنه يشعر بالتعب والإعياء نتيجة مواصلته الإضراب، لكنه مصرّ على ذلك حتى ينال حريته".
ويعاني "أبو بصير" من مشاكل صحية تضاعفت بعد خوضه الإضراب، حيث يشكو ديسك في الفقرة الثالثة والرابعة من العامود الفقري، ومشكلة بالغشاء البلوري الذي يحيط بالقلب، وآلام باليدين والقدمين".
إصرار حتى الإفراج
وفي رسالة مقتضبة أرسلها مع محامي نادي الأسير الفلسطيني، دعا الأسير صقر أبناء شعبنا وكافة الوزراء والشخصيات الرسمية والشعبية ومؤسسات المجتمع المدني، أن يهبوا لنصرة الأسرى الإداريين.
وقال: "الأسرى يموتون داخل الأسر ويمارس بحقهم أشد أنواع التعذيب"، مشدداً على نيته مواصلة إضرابه حتى يتم الإفراج عنه، مهدداً بالامتناع عن شرب الماء في حال لم يفرج عنه.
محاكم هزلية
وفي سبيل تجديد اعتقال الأسير إدارياً يعرضه الاحتلال على محكمة تثبيت الحكم فإما أن تثبت الحكم على ما هو عليه، أو تضيف شهوراً أخرى أو تقلص جزءاً من المدة الجديدة والخيار الأخير نادراً ما يحصل.
وكشفت "أم بصير" أن زوجها قرر مقاطعة المحاكم (الإسرائيلية ) والبدء بالإضراب حتى يتم إطلاق سراحه.
ومنذ أعلن "أبو بصير" إضرابه المفتوح عن الطعام صمم قميصاً ارتداه في السجن وكتب عليه باللغتين العربية والعبرية، "لا للاعتقال الإداري.. 40 شهرا.. الأسير أحمد صقر".
والأسير أحمد صقر متزوج من أربع نساء وله من الأبناء 15، ولد 10 منهم ووالدهم بالأسر.. وكبر الأطفال ومنهم من نجح بالثانوية العامة ودخل الجامعة دون أن يشاركه والده تلك الفرحة.
كما حرم الأسير صقر من مشاركة ابنه البكر "محمد" فرحة زواجه، حيث تزوج قبل عامين، ووالده لا يزال يكابد معاناة الاعتقال الإداري!
وتعرضت عائلة صقر لكثير من المضايقات بسبب الاقتحامات الليلية التي كان يتعرض لها منزل الأسير، حيث دوهم البيت ما يقرب من ثلاثين مرة، لاعتقال أبو بصير أو تفتيش البيت.
كما تعرض الابن الأكبر للأسير "محمد" لإصابة خطيرة في رأسه إبان انتفاضة الأقصى تعرض على إثرها لإعاقة دائمة في قدمه ويده، واعتقلته قوات الاحتلال أثناء عودته من رحلة علاج بالخارج وأطلق سراحه بعدها بأسابيع.
ولا تزال تعاني الأسرة جراء منع سلطات السجون (الإسرائيلية) لأفراد الأسرة من زيارته، خاصة بعدما بدأ إضرابه عن الطعام .
واستنكرت عائلة الأسير التجاهل الإعلامي لقضية ابنها وباقي الأسرى خاصة المضربين عن الطعام، مطالبين بتفعيل القضية إعلامياً وعلى مستوى عالمي، حتى يحقق الأسرى هدفهم وينالوا الحرية وينهوا مأساة الاعتقال الإداري .
ولا يمكن اعتبار المعاناة التي يحياها الأسير صقر وعائلته نموذجاً فريداً أو حدثاً نادراً ، بل هي حكاية طويلة ومستمرة من التضييق والتنكيل بالأسرى وعائلاتهم لا تنتهي ولا تتوقف منذ بدأ الاحتلال (الإسرائيلي) للأرض الفلسطينية.