مع فجر كل يوم تستيقظ والدة الأسير ممدوح الطناني 25 عاما للدعاء لابنها الذي يخوض إضرابا عن الطعام لليوم الحادي والعشرين على التوالي.
ففي مساء السادس عشر من ابريل استطاع الأسير ممدوح بصعوبة مهاتفة والدته لمدة لا تزيد عن أربعين ثانية ليخبرها بجملة واحدة قبل أن يفصل خط الهاتف " أنا بخير يما، بكرا الصبح أول يوم بالإضراب ... ادعيلي ولإخواني الأسرى في كل صلاة".
ولم يكن بُعد ممدوح عن عائلته لخمس سنوات الهم الوحيد الذي يراودها، فدخوله الأسبوع الرابع في الإضراب عن الطعام أصاب العائلة بقلق كبير على صحة ابنهم الذي فقد الكثير من وزنه.
ويخوض ما يقارب 1600 أسير إضرابا عن الطعام، بالإضافة لأحد عشر أسيرا خاضوا الإضراب بشكل فردي بلغ إضراب بعضهم سبعين يوما وهم في وضع صحي حرج للغاية ومعرضون للموت بأي لحظة.
معاناة عائلته
وذكر والد الأسير ممدوح أن الاحتلال اعتقل ابنه أثناء تنفيذه عملية استشهادية على حاجز "ايرز" صيف عام 2007 مع أربعة من رفاقه.
وخلال العملية استشهد اثنان من رفاقه وهما خضر عوكل و محمد صقر فيما اعتقل الأسير عبد الرحمن المقادمة مع رفيق دربه ممدوح.
ونتيجة لاعترافات ممدوح خلال التحقيق بكونه قائد الاستشهاديين الأربعة، حُكم عليه بالسجن خمس وعشرين عاما، في الوقت الذي حُكم على رفيقه عبد الرحمن بثمانية عشر عاما.
ورغم انشغال والد ممدوح بعمله إلا أن ذلك لم يمنعه وأفراد عائلته عن المشاركة بغالبية الفعاليات التضامنية مع الأسرى، مشيرا إلى وجوب إحياء معاناتهم بشكل مستمر للضغط على الاحتلال من أجل تحسين معاملتهم.
وطالب أبو ممدوح قادة المنظمات الفلسطينية بجعل قضية الأسرى على سلم أولوياتهم، وذكرهم في المحافل والمؤتمرات الدولية.
افتقاده في البيت
وقالت والدة ممدوح " أتذكره في كل زاوية في البيت، لا أستطيع نسيان آخر يوم خرج فيه فجر يوم اعتقاله".
وأضافت " انتظرت عودته، وعندما طال غيابه راودني وأخوته القلق طوال اليوم إلى أن اتصلت المخابرات (الإسرائيلية) عصر يوم اعتقاله لتخبرنا بأن ممدوح قُبض عليه أثناء عزمه على تنفيذ عملية استشهادية".
وقع الخبر كالصاعقة على الأم فقلب أفراحها لأحزان وعلى أثره خيّم الحزن أجواء البيت.
وتأمل بأن يستطيع رجال المقاومة خطف المزيد من الجنود، معتبرة ذلك الطريق الوحيد لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال.
وشكرت أم ممدوح الجمعيات والمؤسسات التي تقف على معاناة الأسرى وتحيي قضيتهم وتنظم العديد من الفعاليات، داعية إياهم لتكثيفها وإحياء معاناة الأسرى بشكل أكبر من أي وقت مضى.
ويعتزم ممدوح ورفاقه الأسرى الاستمرار في إضرابهم عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة في إنهاء العزل الانفرادي والسماح لأهاليهم بزيارتهم والذين منعوا عنها منذ ما يقارب ست سنوات, وإنهاء العمل بقانون شاليط المجحف, فضلا عن تحسين شروط الحياة الاعتقالية وإنهاء التفتيشات الليلية المذلة.
*قمع الأسرى المضربين
وفي السياق أكد أسرى حركة حماس في سجن النقب الجمعة الماضي أن إدارة السجن أقدمت على قمع عشرات الأسرى المضربين عن الطعام وعزلهم عن العالم الخارجي بهدف الاستفراد والتنكيل بهم وممارسة الجريمة المنظمة بحقهم مستغلين المنع التعسفي الذي تمارسه إدارة مصلحة السجون من خلال منع رجال الإعلام والمحامين من زيارتهم والاطلاع على أوضاعهم.
وبيّن الأسرى في بيان وصل وزارة الأسرى والمحررين في غزة أن إدارة سجن النقب أقدمت على عزل نحو 30 أسيراً مضربا عن الطعام ونقلهم خارج الأقسام مع مصادرة جميع ممتلكاتهم وحرمانهم من كل حقوقهم.
وأضاف البيان أن الأسرى في حالات مرضية حرجة من بين هؤلاء المضربين سيمتنعون اليوم الاثنين كليا عن الدواء لأنهم لا يستطيعون تناوله في حالة الإضراب.
وعلى ذلك الأثر هددت حركة حماس بالرد في حال استشهاد أي من الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في السجون (الإسرائيلية).
وفي جني ثمار الإضراب ردت مصلحة السجون (الإسرائيلية) مساء الجمعة على بعض مطالب الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام منذ السابع عشر من ابريل الماضي، فيما تدرس قيادات الإضراب والحركة الأسيرة هذه الردود بشكل معمق لتحديد موقفهم منها.
وانقسم رد مصلحة السجون إلى قسمين، الأول مطالب تم الموافقة عليها مباشرة، والثاني تم تأجيل الرد عليها لحين دراسة ذلك خلال فترة قصيرة.
ويبقى أمل والدة ممدوح بأن تحتضن ابنها الذي لم تستطع رؤيته على مدار سنوات اعتقاله الخمس، فهل يحقق إضراب الأسرى أمل أم ممدوح بزيارة ابنها؟