"مهند" أول نطفة لأسير ترى النور بعد أيام !

الأسير القسامي عمار الزبن
الأسير القسامي عمار الزبن

نابلس- الرسالة. نت-خاص

هي الإرادة والثقة بالله.. كانتا كفيلتان بأن تنتزعا قرارا بالإنجاب رغم البعد والحرمان والأسر.. وكما هم الأسرى دائما ينتزعون حقوقهم من بين أنياب سجانهم.. استطاع الأسير القسامي عمار الزبن بأن ينتزع طفله رغم بعده عن زوجته لمدة خمسة عشر عاما.

ونجح الأسير الزبن والمحكوم بالمؤبد 27 مرة إضافة لـ25 عاما بأن يخرج نطفته لخارج أسوار السجن الصماء.. لتصل لزوجته بنجاح وتتم عملية التلقيح ويحدث الحمل بعد محاولتين فاشلتين سابقا.

وفي انتظار قدوم المولود "مهند"، تجلس زوجة الأسير "أم بشائر" تعد الدقائق التي ستوصلها للحظة رؤية مولودها المقرر أن يرى النور يوم الاثنين القادم 13-8، بينما تنتظر ابنتيها بشائر (16 عاما) وبيسان (14 عاما) أخاهما على أحر من الجمر.

حكاية تحدي

وبصوت كانت تقطعه نبرات القلق والترقب والفرح المشوب بالألم، تروي أم بشائر لـ"الرسالة.نت" حكايتها وزوجها في تحدي الاحتلال وإنجاب "مهند" وتقول:"بعد استشهاد شقيق زوجي ووالدته ووالده أصبح بيت العائلة خاليا وأغلقت أبوابه.. ولم يتبق من العائلة سوى شقيقتي عمار اللتان تزوجتا وأصبحتا لا تجدان من يتفقد أمورهما ويزورهما، كما أني أعيش وحدي مع بناتي.. كل هذه الأمور دفعت عمار للتفكير بقضية زراعة الأنابيب وإنجاب أطفال أثناء فترة اعتقاله".

وتضيف:"اعتقل عمار عام 1998، وطرح القضية علي بعد 3 سنوات من اعتقاله، لأنه يعلم أنه سيمكث طويلا بالأسر، وكنت بدوري أقول له سنصبر علّ الله يفك أسرك وتعود إلينا".

وكانت قضية الإنجاب عن بعد محط نقاش مستمر بين الأسرى في سجون الاحتلال، وذلك بعد أن طرحها لأول مرة القيادي في كتائب القسام عباس السيد عام 1994، استنادا منه لضرورة إيجاد طريقة لتمكين أصحاب المحكوميات العالية من الإنجاب وتحدي الاحتلال.

وبعد سنوات.. تمكن الأسير القسامي عمار الزبن من إخراج نطفه مرتين لإجراء عملية زراعة طفل الأنابيب لزوجته، وفي المرة الأولى لم تنجح العملية ولم يحدث حمل، وفي المرة الثانية فشل الحمل بعد ثلاثة شهور.

وتتابع أم بشائر:"بعد اتمام صفقة التبادل واستثناء زوجي منها، قررنا أن نجري التجربة مرة أخرى، والحمد لله نجحنا في انتزاع النطفة وتمّ الحمل وعوّضنا الله به، ونحن ننتظر ابننا مهند ليأتي بعد أيام قليلة ان شاء الله".

وجرى تهريب النطفة حسب مصادر خاصة، بطريقة معقدة من داخل السجن، حتى وصلت لعائلة الأسير في مدينة نابلس وإجراء العملية وسط حضور وفرح عائلي كبير.

ترحيب المجتمع

وعن تقبل المجتمع والعائلة لقرار الإنجاب أشارت إلى أن جميع من يعرفها من أقارب ومعارف شجعها على هذا الأمر وقدموا كل ما بوسعهم لمساعدتها ودعمها في تجربتها الأولى من نوعها في تاريخ قضية الأسرى الفلسطينيين.

وتصف زوجة الأسير شعورها طيلة فترة حملها قائلة:"لقد جربت الحمل وأنجبت بشائر وبيسان التي جاءت للدنيا ووالدها بالأسر، حيث اعتقل والدها وأنا حامل بها بأربعة شهور، لذلك فتجربة الحمل والولادة والتربية في غياب زوجي ليست جديدة علي".

وتستدرك قائلة:"لكن مع كل هذا فحملي هذه المرة مختلف، في كل لحظة كنت أدعوا الله أن يثبت حملي، كانت أيام وشهور مليئة بالخوف والقلق والترقب والانتظار الطويل، تسعة شهور من الخوف مرّت طويلة جدا، لكن الحمد لله لم يتبق شيئا وسيأتي مهند ان شاء الله".

ولم تتمكن أم بشائر من زيارة زوجها المعتقل منذ 15 عاما سوى سبع مرات، بينما منعت ابنته بشائر مؤخرا من زيارته لبلوغها 16 عاما، وبقيت بيسان تزوره وحيدة كل شهر.

وفي كل زيارة تقوم بها بيسان لوالدها، يحرص أن يوصيها على والدتها ويقول لها "ديروا بالكم على ماما وعلى مهند"، حيث يعيش هو الآخر ذات المشاعر من خوف وترقب وانتظار.

واختار الأسير الزبن اسم "مهند" لابنه تخليدا لذكرى صديقه ورفيقه في الجهاد الشهيد القسامي مهند الطاهر الذي استشهد في عملية اغتيال استهدفته في مدينة نابلس عام 2002.

فرحة عارمة..

وعن الاستعدادات لاستقبال "مهند" تقول أم بشائر: "في اليوم الذي أجرينا فيه عملية التلقيح، حضرت جميع العائلة وعمّت الفرحة قلوب الجميع بلا استثناء، لقد كانت الأجواء حينها وكأنها مراسيم زفاف، وعندما علم زوجي بحدوث الحمل قدّم الحلوى لأخوته الأسرى وعمت الفرحة عنده وشاركه أخوته فيها، ومنذ تلك اللحظة وفرحته لا توصف.. فقد حدث شيء جديد بحياته الروتينية في السجن".

وتضيف: "أما فرحتنا في البيت فهي لا توصف، حضّرنا لمهند كل ما يلزمه، وسريره بانتظاره، كثيرا ما كانت بشائر وبيسان تفتقدان الأخ.. وكانتا تلحان علي وعلى والدهما بإجراء العملية حتى يشعروا أن لهم سندا في هذه الدنيا، كما أن عمار كان يقول لي دائما "ستكبر بشائر وبيسان وتتزوجان وأنا غائب عنك لا أريد أن تبقي وحيدة".

وتشير: "لا شك أن فرحتي منقوصة ويشوبه الألم والحسرة لعدم وجود زوجي في هذه اللحظات، ولعدم تمكنه من رؤية الحلم الذي طالما انتظره ليراه حقيقة".

ووجهت "ام بشائر" رسالة لزوجات الأسرى المحكومين لسنوات طويلة قائلة:"أنصح كل زوجات الأسرى اللذين يمضون أحكاما عالية بأن يسلكن الطريق ذاته ويخضن هذه التجربة، فالأيام تمضي والعمر يمضي، وتقل فرص الحمل والإنجاب لهن ولأزواجهن".

وأضافت:"لقد شكّل حملي بمهند دعما كبيرا لكثير من الأسرى وزوجاتهم، وهناك العديد من الزوجات يقمن حاليا بهذه التجربة وأدعو الله أن يرزقهن كما رزقنا".

ومع اقتراب لحظة تحقيق الحلم.. ينتظر الأسرى وعائلة الزبن ووسائل الإعلام بلا استثناء قدوم "مهند" الذي ستبقى حكايته شاهدة على إرادة الأسرى بانتزاع حقوقهم رغم أنف السجان.

البث المباشر