تأخر الرواتب.. كابوس يؤرق الموظفين

موظفون يتلقون رواتبهم في غزة (الأرشيف)
موظفون يتلقون رواتبهم في غزة (الأرشيف)

غزة - بثينة شتيوي

"انخفاض قوتهم الشرائية وتهربهم من توفير مستلزمات أبنائهم إضافة إلى تراكم الديون حتى تقاضي سلفة أولى من الراتب إلى جانب تعطيل علاقاتهم الاجتماعية حتى إشعار آخر".. هذا هو حال موظفي غزة الذين يتقاضون رواتبهم من سلطة رام الله ويخشون تصاعد وتيرة الأزمة المالية التي تمر بها السلطة والمتزامنة مع الحصار (الإسرائيلي) الذي ما يزال مفروضا على القطاع منذ ست سنوات.

مختصون اقتصاديون أجمعوا على أن معالجة أزمة السلطة المالية أمر غير ممكن في الوقت الراهن، ولكنهم يؤكدون إمكانية احتواء التبعات الناتجة عنها مؤقتا.

أزمات ..

وذكرت سميرة حميد وهي موظفة في عيادة الزيتون في هذا السياق أنها أصيبت بقلق كبير  جراء عدم انتظام الرواتب، مشيرة إلى أنها على وشك الانتهاء من تشطيب منزلها الجديد.

وأوضحت حميد أن اثنين من أبنائها لم يستطيعا الالتحاق بالجامعة في وقت مبكر لتأخر الرواتب, كما إن أعمال البناء في منزلها توقفت لأكثر من مرة للسبب نفسه رغم تقاضيها مبلغ 2500 شيكل شهريا.

"

معالجة أزمة السلطة المالية أمر غير ممكن في الوقت الراهن، ولكن هناك إمكانية لاحتواء التبعات الناتجة عنها مؤقتا.

"

وترى أن المبررات التي تسوقها رام الله حول السبب في تأخير الرواتب من حيث عدم إيفاء المتعهدين المانحين بما عليهم من مستحقات مالية ما هي إلا "لعبة سياسية" محكمة بين السلطة و(إسرائيل)، على حد قولها.

وناشدت حميد الدول المانحة لأن تتوجه مباشرة للموظف الفلسطيني عبر تحويل أموالها إلى الحكومة الفلسطينية بغزة، "لأن الأخيرة هي الممثل الشرعي للفلسطينيين بالقطاع".

الموظف المستنكف عن العمل منذ عام 2006 أحمد (اسم مستعار) تحدث من جهته عن انعكاسات تأخير الرواتب على أسرته، قائلا: "علاقاتي الاجتماعية بدأت بالتراجع حتى إن قضاء وقت الفراغ مع أبنائي بالذهاب إلى أماكن ترفيهية بغزة وشراء الملابس أصبح مرهونا بالراتب".

 مفتعلة .. 

ويرى أحمد أن الأزمة المالية للسلطة مفتعلة, عازيا السبب إلى توفر أموال الشعب الفلسطيني في خزائن السلطة، ومشيرا إلى أن بعض الدول تستخدم الرواتب ورقة للضغط على الفلسطينيين.

وأوضح أنه بمجرد أن يتسلم الدفعة الأولى من راتبه يذهب بجولة سريعة إلى المحلات التي اقترض منها بداية الشهر, ثم يعود إلى منزله حاملا أغراضا جديدة وفي جيبه ورقة دين أخرى بانتظار تسديدها في الدفعة الثانية. 

أما الموظف الحكومي عماد (اسم مستعار) فلم يبد أي اهتمام بأزمة السلطة المالية, مشيرا إلى أنه مل كثرة الحديث في هذا الأمر، بل إنه بدأ يفكر بترك قطاع غزة والسفر إلى الخارج لعله يجد فرصة عمل مناسبة يحصل بها على راتب شهري غير متقطع كما في غزة.

في حين ذلك، أكد الموظف أبو محمد سويدان أن تأخر الرواتب لم يؤثر سلبيا على حياته رغم ارتفاع أسعار كثير من السلع الأساسية والغذائية في القطاع.

الخبير الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع أرجع بدوره أزمة السلطة المالية إلى تأخر وصول المنح والمساعدات للسلطة من الدول المانحة, "إضافة إلى قلة الدعم العربي وحجز التحويلات الخاصة بالضرائب من الجانب (الإسرائيلي)".

"

عدم انتظام صرف الرواتب في موعدها المحدد سيؤثر على الوضع الاقتصادي بصورة كبيرة

"

وحول كيفية الخروج من المأزق المالي الذي تعيشه السلطة دعا الطباع إلى تكثيف الجهود  من أجل الحصول على الدعم المالي، "سواء من الدول المانحة أم العربية, ووضع خطة تقشف مدروسة لضبط النفقات، ودعم القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة".

أما أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية خليل النمروطي فيعتقد أن لدى حكومة رام الله إيرادات مالية تجعلها قادرة على تسديد جزء كبير من التزاماتها بما في ذلك دفع رواتب الموظفين في بداية الشهر.

واتفق كل من الطباع والنمروطي على أن عدم انتظام صرف الرواتب في موعدها المحدد سيؤثر على الوضع الاقتصادي بصورة كبيرة.

البث المباشر