قائد الطوفان قائد الطوفان

حماس تبحث البدائل ولا تغيير في سياستها

حماس تبحث البدائل ولا تغيير في سياستها
حماس تبحث البدائل ولا تغيير في سياستها

الرسالة نت- شيماء مرزوق

بدأت حركة حماس رحلة البحث عن البديل رغم أن آثار المفاجأة التي أطلقها خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي لم تنته بعد, فقرار تخليه عن منصبه والعودة كقيادي في صفوف الحركة, أثار ضجة كبيرة, شغلت الرأي العام الفلسطيني والعربي وحتى الدولي, وعجت وسائل الإعلام بالتحليلات التي تبحث عن دوافع القرار.

إشاعات كثيرة أحاطت بالحركة بعد هذا القرار, والتي تحدثت في مجملها عن وجود خلافات داخلية وتحالفات جديدة بين حماس والاخوان في مصر, إلا أن مشعل نفسه أكد مراراً أن قراره نابع من رغبته في ضخ دماء جديدة في حماس وتماشياً مع الربيع العربي.

ويرى المراقبون أنه رغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها الحركة تحت قيادة مشعل, والبراغماتية العالية التي يتمتع بها إلى جانب القوة والاتزان والاعتدال ورجاحة العقل وشبكة العلاقات الدولية الواسعة فان حماس تبقى حركة مؤسسات ولن تتأثر كثيراً أو تطرأ تغييرات كبيرة عليها بعد ترك مشعل منصبه.

تحكمها المؤسسات

وفقا لنظام حركة حماس سيبقى مشعل في منصبه حتى اختيار خليفة له في اجتماع خاص لمجلس شورى الحركة العام الذي يعتبر الهيئة القيادية المخولة باختيار الخليفة، ويفترض أن يعقد في غضون شهرين.

"

 حماس تبقى حركة مؤسسات ولن تتأثر كثيراً أو تطرأ تغييرات كبيرة عليها

"

الحركة قالت بأن هناك أسماء عدة مرشحة لخلافة مشعل بعضها غير معروف إعلاميا بشكل كبير، كما تم تداول أسماء إعلاميا على أنها مرشحة على خلاف الواقع, لكن يبقى أن القياديين الأقرب للمنصب والتي تحتدم المنافسة بينهما هما, د. موسى أبو مرزوق نائب رئيس الحركة, واسماعيل هنية القيادي البارز ورئيس الحكومة بغزة, بالإضافة إلى القيادي والأسير السابق صالح العاروري الذي نفي مؤقتا إلى تركيا.

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف اكد في هذا السياق، أن حماس لن تتأثر كثيراً بقرار خالد مشعل ترك رئاسة مكتبها السياسي, موضحاً أنها حركة تحكمها وتنظم عملها المؤسسات وليس الأفراد، فلذلك كانت قبل مشعل تنهض وتكبر, وخلال رئاسته لها إزدهرت وتقدمت وبعد رحيله ستبقى وتقوى طالما بقيت متمسكة بمبادئها واستراتيجيتها.

وأشار إلى أن اختيار القائد الجديد هي مهمة مجلس شورى الحركة وهو من سيحدده, قائلاً " أنا مع أن يتولى قيادة الحركة في هذه المرحلة تحديداً د. موسى أبو مرزوق رغم أنني كنت من أشد المعارضين لهذا التفكير وكنت أفضل دائماً أن تكون قيادة الحركة من الداخل, إلا ان متغيرات المرحلة التي تمر بها المنطقة والعالم تقتضي بأن يكون الرئيس من الخارج حتى يتمكن من الحركة بحرية وسهولة خاصة في ظل الانفتاح على حماس".

"

سيبقى مشعل في منصبه حتى اختيار خليفة له باجتماع مجلس شورى

"

واتفق د. هاني البسوس المحلل السياسي مع الصواف في أن حماس لن تتأثر كثيرا بغياب مشعل عن رئاستها  لأن المسألة متعلقة بنظام داخلي ومؤسساتي لحركة قائمة منذ سنوات طويلة, ولكنه شدد على أهمية وجود مشعل على رأسها, لقوة شخصيته وعلاقاته القوية مع عدد كبير من الشخصيات الهامة في العالم.

وأشار البسوس الى أن النظام الداخلي لحماس ينص على رئاسة المكتب السياسي تجدد مرة واحدة وتكون لأربع سنوات، لافتاً إلى أن مشعل بعد ستة عشر عاماً من رئاسته أصبحت لديه قناعة بضرورة ترك المكان لضخ دماء الجديدة, وهو سيبقى موجود كعضو في المكتب السياسي.

مهمة المكتب السياسي

وكانت وسائل الإعلام قد روجت مؤخراً وجود خلافات داخلية وصراعات بين قيادات الداخل والخارج للحركة وهي التي دفعت مشعل لاتخاذ قراره بعدم الترشح وهذا ما نفته الحركة واستبعده المراقبون.

وشدد الصواف على عدم وجود تنافس أو صراع بين قيادات حماس وإنما هي محاولة لتقديم الأفضل, وقوانين حماس تقول بأن رئيس المكتب السياسي يجدد له دورتان, إلا أن مشعل ولظروف خاصة جدد له أربع دورات, ولذلك عاد الجميع للإحتكام للقانون الداخلي.

وبين أن الحركة حاولت ثني مشعل عن قراره لكنه رفض بشدة وأصر على ترك المنصب والعودة كجندي في الحركة.

المحلل البسوس بين بدوره أن مهمة المكتب السياسي اختيار قائد جديد, مؤكداً أن قرار مشعل ليس له علاقة بخلافات داخلية كما يروج في وسائل الإعلام حالياً, حيث كان هناك تأكيد من أعضاء المكتب السياسي بأنه مشعل الأبرز والأقوى وانه قدم إنجازات كبيرة للحركة.

وعن أسباب ترجيحه لأبو مرزوق لخلافة مشعل قال الصواف " هو شخصية قيادية كبيرة ومقيم في الخارج وله خبرة إدارية في قيادة الحركة خاصة أنه كان رئيسا للمكتب السياسي قبل مشعل, وكان نائبا للأخير طوال فترة توليه رئاسة الحركة ولديه أدوات المعرفة والخبرة ولذلك أنا اميل له".

بينما رأى البسوس أن الانتخابات هي التي ستحسم مسألة القائد الجديد رغم أنه حتى الآن هناك إجماع على مشعل, قائلاً "أرجح أن يكون خليفة مشعل من حماس الخارج حتى يكون بعيدا عن ضغط الإحتلال ويتمتع بحرية الحركة والتواصل مع العالم بسهولة".

"

الحركة حاولت ثني مشعل عن قراره لكنه رفض بشدة

"

ورغم التأكيدات بأن خروج مشعل من منصبه لن يؤثر على حماس التي تقودها مؤسسات وليس أشخاص فان هناك إجماعا بأن مشعل الذي شغل المنصب أكثر من 16 عاما، لن يترك وراءه فراغا كبيرا ، وذلك باعتراف خصومه قبل مؤيديه، الذين أجمعوا على أنه رجل يحترم نفسه، ولديه كاريزما وشبكة علاقات قوية تمتد إلى قارات عدة.

ويرى مراقبون أن تنحي مشعل سيشكل خسارة لحماس، نظرا لدوره في توحيد الأداء السياسي والتنظيمي في الحركة، بالاضافة الى شخصيته البراغماتية والكاريزما العالية التي يتحلى بها، كما أنه يحظى بشبكة علاقات قوية على الصعيد الفلسطيني والصعيدين العربي والإسلامي، وهو الأكثر قدرة على ضبط إيقاع حماس سياسيا وتنظيميا, وهذا ما يفسر وجود مناخ عام في حماس يدعوه للتراجع عن قراره.

يذكر أن أبو مرزوق المرشح لخلافة مشعل قد شغل هذا المنصب في التسعينيات من القرن الماضي، و كان أول رئيس للمكتب السياسي للحركة حتى اضطراره إلى الاستقالة في عام 1996، بعد اعتقاله في مطار نيويورك.

أما المرشح الثاني اسماعيل هنية فقد صعد نجمه بعد توليه منصب رئاسة الحكومة عقب فوز حماس بانتخابات المجلس التشريعي في عام 2006, وتعزز وضعه بفوزه في الانتخابات الأخيرة للمجلس التنفيذي في غزة واختياره رئيسا له.

أما العاروري فقد يكون أوفر حظا من هنية في منافسة أبو مرزوق وذلك لأن رئيس المكتب السياسي يفضل أن يكون من خارج الأراضي المحتلة, وكونه من الضفة الغربية ومقرب جداً من مشعل, إلا ان هناك من يستبعده بسبب قلة خبرته السياسية والتنظيمية والإدارية.

ورغم كل الأقاويل إلا أن مهمة اختيار القائد الجديد تبقى من اختصاص المكتب السياسي للحركة ولا يمكن التكهن بمن ستجتمع عليه الآراء لخلافة مشعل, لكن المؤكد أنه أياً كان خليفته فلن تتأثر الحركة بهذه الخطوة أو تتراجع بسببها وذلك لأن حماس حركة تحكمها وتحدد سياستها المؤسسات وليست رهينة للأشخاص.

البث المباشر