قائد الطوفان قائد الطوفان

خوف في مصر من تدمير أنفاق غزة

خوف في مصر من تدمير أنفاق غزة
خوف في مصر من تدمير أنفاق غزة

رفح – الرسالة نت

يجلس المصري برهان القمبز وثلاثة من أقرانه على أطلال نفق دمره الأمن المصري، ويقع في حقلهم الزراعي المطل على الحدود مع قطاع غزة الذي بدأ سكانه يغضبون من إقفال شرايين الحياة دون إيجاد بديل ينهي الحصار المتواصل منذ سنوات.

وهؤلاء الشبان يخشون على مستقبل عائلاتهم بعدما فقدوا مصدر رزقهم الأساسي عقب تدمير نفقهم.

وكانت الأجهزة الأمنية المصرية أرسلت تحذيرات مكتوبة قبل أسابيع وسلمتها لكثير من السكان ممن يمتلكون أنفاقًا تؤدي إلى القطاع الساحلي المحاصر منذ ست سنوات.

يقول برهان الذي كان نفث كثيرًا من التبغ خلال مقابلة مع "الرسالة نت": "إنها كارثة لحقت بكل العائلة، لم نتوقع قط أن يداهموا الحقل ويعثروا على النفق".

ويضيف "الجميع مصدوم ولا يعرف كيف يواجه هذا التدمير الذي عرى الحقل وفضح أمر عملنا".

وفر برهان وأشقائه منتصف الأسبوع الفائت وبعضهم كانت أقدامه بلا حذاء من منزلهم المطل على الحقل.

وحاصرت قوة من المخابرات الحربية الحقل المطل على حي السلام الفلسطيني في ساعة متأخرة من الليل قبل أن تقتحمه -وفق برهان- الذي فر برفقه أشقائه من باب خلفي معد لمثل طارئ كهذا.

وواجهت والدة برهان هذا الاقتحام بالصرخات وقد تجمهر بعض السكان لبضع الوقت أمام المنزل والحقل لكن لم تسجل وقوع اعتداءات في المكان.

ووصل برهان القمبز إلى غزة عبر نفق آخر وأطلع شريكه الفلسطيني على حجم الدمار الذي لحق بالنفق الذي يمتلكانه.

ووقف الرجلان في الجانب الفلسطيني من الحدود وظلا يشاهدان لبعض الوقت حفارًا عملاقًا من نوع "هونداي" وهو يواصل تدمير النفق.

ويقول سكان في رفح المصرية "إن الجيش المصري عاقد العزم على إنهاء ظاهرة الأنفاق بمختلف الوسائل على ما يبدو.. الجميع هنا خائفون من القادم".

وبدأت مصر إغلاق الأنفاق بعد هجوم شنه مسلحون متشددون في الخامس من أغسطس/ أب في بلدة رفح المصرية قتل خلاله مسلحون 17 جنديا مصريا.  

وفي غزة تتواصل الفعاليات الرافضة لهدم الأنفاق دون إيجاد بديل عملي ينهي حصار القطاع الساحلي المكتظ بالسكان.

يقول صاحب نفق معطل عرف نفسه باسم أحمد حسان "إنه أصبح بلا عمل أو مصدر رزق منذ تدمير نفقه قبل أربعين يوماً".

ويضيف حسان متسائلاً ومجيباً في الوقت ذاته: لمن يعمل النظام المصري الجديد؟ لصالح الفلسطينيين المحاصرين والمقهورين أم من أجل "أموال أمريكا وإرضاء (إسرائيل)؟". 

وتابع قوله بحسرة "الله يرحم زمن مبارك ونظامه".

وكان الفلسطينيون يعلقون أمالا عريضة على تولى جماعة الأخوان المسلمين مقاليد الحكم في مصر عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير.

وعندما فاز مرشح الإخوان المسلمين د. محمد مرسي برئاسة جمهورية مصر العربية خرج الفلسطينيون إلى الشوارع وأطلقوا النيران بكثافة في الهواء ووزعوا الحلو في الميدانين ابتهاجاً بوصول هذا الرجل إلى منصب طالما احتكره مبارك خلال العقود الثلاثة الماضية.

وقال شاب من عائله قشطة: "عندما فاز مرسي بالانتخابات فقدت ابن عمي بنيران المحتفلين في رفح وفي هذه الأيام فقدت نفقي الذي أصبح رأس مالي في هذه الحياة".

وأضاف متحفظاً على توضيح هويته "يبدو أن الرئيس الجديد أكبر (مقلب) لي وللفلسطينيين جميعاً".

ومثل هذه الانتقادات الحادة ما كانت تخرج قبل تبني "حماس" لسلسة فعاليات احتجاجية ضد غلق الأنفاق المتواصل من قبل الجيش المصري دون توفير بديل ينهي حصار غزة.

وكانت "حماس" أطلقت الأحد الماضي سلسلة فعاليات في مدينة رفح الملاصقة للحدود مع مصر في محاول لثني الحكومة المصرية عن تدمير الأنفاق قبل الموافقة على إقامة منطقة تجارية على الحدود أو تشييد معابر لمرمر البضائع والسلع.  

وحذر القيادي في حماس يوسف فرحات هذا الأسبوع من وقوع "انفجار شعبي" إذا ما واصل الجيش المصري تدمير الأنفاق دون إيجاد بديل.

بيد أن الرئاسة المصرية استقبلت تلك الفعاليات بفتور وقال المتحدث باسمها ياسر علي إن مؤسسة الرئاسة ليس لديها معلومات حول تشييد منطقة الحرة على الحدود مع غزة.

وقال الرئيس المصري محمد مرسي من تركيا الأحد الماضي إنَّ المعابر والحدود مع قطاع غزة مفتوحة لإدخال الغذاء والدواء، ولكي نقوم بواجبنا ودورنا تجاه أشقائنا هناك.

وهذا الفتور كان صادمًا لكثير من الفلسطينيين.

وعدَّ منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رفح، القذافي القططي في تصريح لـ"الرسالة نت" ما يجري على الحدود بأنه "خنق" جديد لسكان قطاع غزة.

وقال القططي مخاطباً الرئيس مرسي "لن ننسى وعودك بشأن غزة ونذكرك بأن ما يجري على الحدود حق مشروع لمصر لكن هذا الحق يقابله حق فلسطيني يطالب منذ سنوات بإدخال احتياجاته بالطرق الشرعية".

وينتشر على طول الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة الممتد لمسافة تزيد على 13 كيلومتراً، أكثر من ألف نفق وفق تقديرات محلية.

وتفرض (إسرائيل) حصارا على القطاع منذ 2007.

واستخدم الفلسطينيون الأنفاق في استيراد كل شيء من الغذاء إلى مواد البناء والوقود والسيارات خلال فترة الحصار المشدد من قبل (إسرائيل).

وقال سائق أجرة يدعى فؤاد أبو جزر "حتى السولار أصبح شحيح في غزة بفعل تدمير الانفاق.. يبدو أن الحصار سيعود من جديد وسيؤلمنا جميعاً".

وضرب ربة منزل كفاً بكف عندما أطلعها ابنها المقبل على الزواج على أسعار مواد البناء، وقالت: "بعد كل هذا الصبر والتحمل الحصار عاد من جديد والأسعار ولعت".

وتؤيد السلطة الفلسطينية في رام الله سياسة إغلاق الأنفاق من قبل الجيش المصري وترفض فكرة إقامة منطقة تجارية بين غزة ومصر دون أن تكون شريك أساسي وفق ما صرح الكثير من مسئوليها الشهر الماضي.

البث المباشر