غجرية تشكو: في عهد صدام كان الناس يكنّون لنا كل الاحترام
الموصل: وكالات
أخذت ظاهرة الغجريات في مدينة الموصل، المحافظة، بالاتساع، على الرغم من أعمال العنف التي تشهدها المدينة الواقعة شمال العراق، والتي تنتشر فيها جماعات إسلامية مسلحة.
وكانت ظاهرة الغجريات قد غابت عن شوارع وأزقة مدينة الموصل خلال السنوات الماضية وانحصرت في مناطق محددة.
ويقول أهالي الموصل، 400 كم شمال بغداد، إن انتشار النساء الغجريات في مدينة الموصل ظاهرة دخيلة على المدينة المعروف عنها أنها مدينة محافِظة، لكن هذا الانتشار مرتبط بنزوح أعداد كبيرة من الغجر من مدن جنوب العراق جراء تردي الأوضاع الأمنية وتعرضهم للمطاردة من جانب الجماعات المسلحة في المدن التي نزحوا منها وتمركزهم في مدينة الموصل.
وبحسب السكان، فإن انتشار الغجريات بين الأزقة والبيوت الموصلية العتيقة واتخاذ هذه المدينة ملاذا آمنا لهن، أجبر العشرات من الأسر الموصلية على ترك المنازل والبحث عن سكن آخر في مناطق خالية من الغجر، خشية الفضائح أو وقوع مشكلات.
ويقول تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، إن الغجر كانوا يقيمون حفلاتهم الغنائية في منطقة تدعي السحاجي منذ نهاية سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وكانت مجموعة من المقربين من رجال الحكم ترتاد المنطقة إبان حقبة صدام حسين، بالإضافة إلى وسطاء ومجرمين معروفين ما جعل من المنطقة مرتعا للجريمة الأمر الذي أدى إلى إغلاقها واضطر الغجر بعد ذلك إلى البحث عن سكن جديد في أحياء الموصل.
وقالت راضية حميد، وهي امرأة غجرية (52 عاما)، تسكن الموصل، «نحن غجريات نقوم بإحياء الحفلات في بعض الأعراس داخل الدور أو قاعات الأفراح، وليس كما يدعي بعض الناس، فهناك فرق بين الغجريات اللاتي يمتهن مهنة الرقص والغناء والمومسات».
وأضافت: «أنا هنا داخل داري كان يعمل لدي ست غجريات من الموصل ومن المحافظات الجنوبية.. نقوم بإحياء الحفلات لقاء مبالغ يتفق عليها، ولكن بحدود الأخلاق ولكن الآن أمكث في الدار وحدي بعد أن غادرت جميع الغجريات اللاتي كن يعملن لدي».
وأضافت: «بعد احتلال العراق عام 2003 وتردي الوضع الأمني في العراق عامة والموصل بصورة خاصة.. تعرضت الغجريات إلى تهديدات من قبل بعض المجموعات المسلحة التي توعدتنا بالقتل حال استمرارنا في هذه الأعمال، وبعد أن ضاق بنا الخناق غادرت الغجريات بعد أن تم تهيئة عقود عمل لهن في دول مثل سورية والإمارات ولبنان فهجرن البلد بحثا عن رزقهن وخوفا على حياتهن».
وقالت: «بعد سقوط صدام لم نقم بإحياء الكثير من الحفلات للظروف الأمنية، أما في عهده فكان الناس ممن لديهم رؤية فنية يكنون لنا كل الاحترام».
وذكرت راضية: «كنا نسكن في حي يدعى السحاجي في الموصل مطلع ثمانينات القرن الماضي، وكان لدينا شخص يدعى صالح داود يبلغ من العمر 63 عاما يطلق عليه مختار الغجر وغالبية الغجر في المنطقة كانوا قادمين من مناطق جنوب البلاد وبغداد كما نمارس الغناء والرقص والبعض الآخر من المحسوبين على الغجر كانوا يمارسون بعض الأعمال غير الأخلاقية وكثيرا ما تم منعهم عن هذه الأعمال في حينها».
وأوضحت «الحال لم يدم طويلا حيث قامت السلطات السابقة بالضغط على الغجر لترك المهنة ما اضطر البعض منهن إلى السكن في الأحياء السكنية لكن صلاتهم بالمطربين لم تنقطع، وأدى تكرار توافد المطربين والمقربين منهـــم على منازل الغجر للاتفاق مع الغجريات للمشاركة في حفلاتهم الغنائية إلى انزعاج الأهالي وقاموا بالإبلاغ عنهن مما اضطر البعض منهن إلى مغادرة العراق للعمل في الخارج».
وقال العميد أحمد حسين عطية، أحد قادة شرطة الموصل: «لا يوجد أي شيء مشترك بين الشرطة والغجر النازحين، وهذه اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة». وأضاف: «بعض الأسر الموصلية ترفض سكن أي أسرة من المحافظات الجنوبية بجوارها مهما كانت هذه الأسرة، ونحن غير مسؤولين عما إذا كانت تلك الأسر من الغجر أو غيرهم».
وأوضح: «إن مركز شرطة الحدباء الواقع في الجانب الأيمن من المدينة اعتقل 4 أسر من الغجريات تتراوح أعمارهن بين 20 إلى 35، وما زلن رهن الاحتجاز بسبب عدم التزامهن بسلوكيات وأخلاق أهالي الموصل، وطلب من ديوان المحافظة تهجير 3 أسر من النازحين في منطقة حي سومر، وهم من الأسر غير الملتزمة أخلاقيا، بعد أن أثبتت فحوصات طبية أن ثلاثة من شباب تلك الأسر مصابون بمرض الإيدز بناء على فحص دائرة صحة نينوى».