قائد الطوفان قائد الطوفان

غزة.. عدوان واسع يلوح في الأفق

غزة.. عدوان واسع يلوح في الأفق
غزة.. عدوان واسع يلوح في الأفق

الرسالة نت - فادي الحسني

مؤشرات كثيرة على الساحة الفلسطينية تنذر بقادم خطر خصوصا على ضوء التطورات الميدانية المتسارعة التي تعطي بمجملها انطباعا واضحا بأن المسألة لم تعد تقع في إطار الفعل ورد الفعل ولاسيما أن المقاومة بدأت تخطو خطوات إلى الأمام سواء على صعيد التكتيك العسكري أو التخطيط الإستراتيجي ما قد يساعدها على الانتقال لاحقا من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، وفق تقديرات المراقبين.

الرسائل التي بعثت بها المقاومة مؤخرا سواء تلك المتعلقة بالتنسيق الميداني بين الفصائل في الرد على العدوان الصهيوني أو ظهور أنواع جديدة من الأسلحة المحمولة بين أيدي رجالاتها تحمل مضمونا جديدا بالنسبة للكيان مفاده أن الفلسطينيين استغلوا فترة التهدئة المبرمة معه بوساطة مصرية وعززوا قدراتهم العسكرية غير أن اختراق طائرة دون طيار "استطلاع" أجواء الاحتلال السبت الماضي دون الإعلان عن مطلقها يجعل الدوائر الأمنية في (تل أبيب) تعيش حالة تخبط كبير خصوصا أن بعض الشكوك تتجه نحو إمكانية أن يكون مصدر الطائرة قطاع غزة.

"

السرايا: فصائل المقاومة ستعمل مجتمعة للدفاع عن شعبها

"

وأمام هذه التطورات المتلاحقة يسعى الاحتلال "الاسرائيلي" إلى جر القطاع نحو مربع التصعيد من جديد للكشف عن الإمكانات والتطور الذي طرأ على أسلحة المقاومة والمدى الذي من الممكن أن تصله صواريخها سواء أكانت المحلية أم تلك المهربة "روسية" الصنع.

ويقرأ المراقبون على الساحة الفلسطينية أن ما تخطوه المقاومة الفلسطينية يؤكد بما يدع مجالا للشك أنها قد فهمت دروس الحرب الأخيرة (خريف 2008/2009) جيدا، بل إنها تسعى لسد ثغراتها وترتيب أوراقها، محذرين إياها (أي المقاومة) من مغبة الوقوع فريسة في حرب استنزاف.

وتذهب سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي إلى أبعد مما قرأه المراقبون في تأكيدها أن المقاومة تعمل منذ نحو خمس سنوات على تدارك الأخطاء التي وقعت إبان ما تسميها "حرب الفرقان".

وقال المتحدث باسم السرايا أبو أحمد لـ"الرسالة نت": "لم ننتقل بعد إلى مرحلة الهجوم، وإن كنا ندرك ضرورة الوصول إليها، لكننا عززنا قدراتنا وإمكاناتنا، ونعمل بكل ما أوتينا من قوة نحن وفصائل المقاومة مجتمعة من أجل الدفاع عن أبناء شعبنا".

"

القسام: الرد على الاحتلال لكسر معادلة العدوان من طرف واحد

"

وبناء على ما سجلته وحدات الرصد التابعة للمقاومة في غزة من تحرك للآليات على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع فضلا عن محاولات الزوارق الحربية الاقتراب من شواطئ مدينة غزة بين حين وآخر تعمد المقاومة لإعداد العدة وأخذ تدابير الحيطة والحذر، ذلك وفق ما أكدته مصادر عسكرية ميدانية تابعة لكتائب القسام ذراع حماس العسكرية.

وتؤكد المصادر أن هناك قرارا صهيونيا جديا بشن عملية عسكرية في غزة، وقالت: "على ما يبدو أن الحديث عن اختراق طائرة دون طيار لأجواء الاحتلال محاولة لتهيئة الأجواء للتصعيد في غزة".

وكشفت النقاب عن أن الميدان بات يشهد تحولا كبيرا على صعيد التخطيط العسكري مقارنة مع ما كانت عليه الأوضاع في السابق، محذرة من مغبة ولوج جيش الاحتلال فيما أسمته "وحل القطاع".

المتحدث باسم السرايا نفى في غضون ذلك أن يكون لهم علاقة بالطائرة، مؤكدا في الوقت نفسه أن عناصرهم باتت على الجهوزية التامة للتصدي لأي عدوان.

وقال أبو أحمد: "منذ انتهاء العدوان على غزة (ديسمبر 2008) ونحن نعمل على تطوير مستوى العمل العسكري للسرايا القدس، وهذا ينسحب على فصائل المقاومة (...) لقد زاد مستوى الجهوزية لدينا ورتبنا صفوفنا، والتكتيك القتالي لدى المجاهدين وصل إلى أعلى درجاته، وربما يكون التنسيق مع كتائب القسام في الميدان مؤخرا خير دليل على أن هناك شيئا جديدا لدى الفصائل المسلحة بغزة توج بهذا التنسيق الميداني".

وعمل الفصيلان الكبيران على الساحة (كتائب القسام، وسرايا القدس) على تشكيل غرفة عمليات مشتركة مطلع الأسبوع الحالي للرد على الغارة الجوية التي نفذتها طائرات حربية مستهدفة مواطنين كانت تقلهما دراجة نارية في حي البرازيل بمدينة رفح جنوب القطاع بزعم أنهما ينتميان إلى تنظيم الجهاد العالمي، ما أسفر عن إصابة 11 مواطنا.

وتعتبر كتائب القسام أن هذه العملية المشتركة مع سرايا القدس في الرد على العدوان دليل على أن التنسيق عالي المستوى بين فصائل المقاومة في إدارة المواجهة مع الدولة العبرية.

وقالت الكتائب في بيان لها تلقت "الرسالة نت" نسخة عنه: "المقاومة جاهزة للرد المباشر في أي وقت على أي عدوان يستهدف قطاع غزة"، واصفة قصف المقاومة للمواقع المحاذية للقطاع بأنه رسالة للاحتلال بأن المقاومة لن تسمح بمعادلة العدوان من طرف واحد من طرف الاحتلال تحت ذرائع واهية".

الخبير العسكري العميد يوسف الشرقاوي أرجع في سياق متصل التطورات الميدانية المتلاحقة في القطاع إلى أنها محاولة من الاحتلال لاختبار قدرات المقاومة على ضوء كشف الأخيرة عن تطور عملها العسكري.

ويرى الشرقاوي خلال حديثه لـ"الرسالة نت" أن الرد الموحد للفصائل على الاحتلال يحمل مؤشرا إيجابيا على أن المقاومة ما تزال قادرة على التحكم بشروط الهدنة مع الدولة العبرية.

في المقابل، يقول المتحدث باسم سرايا القدس إنه لا معنى للتهدئة إذا لم يلتزم بها الاحتلال، مؤكدا أن سكوت المقاومة على سفك دماء الفلسطينيين سيساعد الكيان الصهيوني على التمادي في ممارساته ضد الفلسطينيين، "وبالنتيجة ستصبح المقاومة عبئا على الشعب لا مدافعة عنه"، كما قال. 

ويدعم الخبير الأمني توجه المقاومة للرد الموحد ضد القصف الممارس على الشعب الفلسطيني، قائلا: "هي بذلك (أي المقاومة) نجحت في تحقيق الدفاع المجدي كمقدمة للوصول لتوازن القلق والرعب"، معتبرا أن التنسيق ما بين الأجنحة العسكرية مؤشر على إمكانية رسم إستراتيجية مقاومة.

"

البسوس: استبعد شن حربا على القطاع في الوقت الراهن

"

ولا يرجح الشرقاوي أن تدخل حكومة الكيان في دوامة حرب في غزة، "وذلك في ظل توجهها لإسقاط النظام السوري للحفاظ على أمنها، فهي لا تريد أن تفتح عدة جبهات"، كما يقول.

ويتفق أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية بغزة هاني البسوس مع سابقه في تأكيد أن المنظومة الأمنية للدولة اليهودية "مرتبكة" حاليا نتيجة اختراق طائرة الاستطلاع لأجوائها، وهذا من وجهة نظره يجعلها أكثر حرصا على تجنب خوض غمار أي عملية عسكرية في الفترة الحالية على القطاع خوفا من أن تكون غزة مصدر تلك الطائرة.

وقال البسوس لـ"الرسالة نت": "في ظل الاختراق الواضح للفضاء الصهيوني تزداد المخاوف من غزة رغم أن الأخيرة قد تكون ضحية وليس لها علاقة بالطائرة"، وأضاف: "إذا كان مصدر الطائرة غزة فإن هذا دليل على التحول الأمني الكبير الذي بلغته المقاومة، ما سيمكنها من فرض قواعد جديدة لمعادلة الصراع مع الاحتلال".

أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية استبعد في الوقت عينه شن الاحتلال حربا على القطاع، "لأن النظام المصري الجديد برئاسة محمد مرسي قد يحول دون ذلك فضلا عن أن الاحتلال يعيش حالة ارتباك على المستويات كافة"، وفق ما قال.

ولكن صحيفة معاريف العبرية ذكرت الثلاثاء الماضي أن تقديرات الجيش الصهيوني ترى وجوب تنفيذ عملية واسعة النطاق في قطاع غزة مماثلة للحرب السابقة لاستعادة قوة الردع في المنطقة بعد قصف المقاومة للمناطق الواقعة تحت سيطرة الاحتلال.

ويحذر مراقبون على الساحة الفلسطينية من محاولة الاحتلال تضخيم إمكانات المقاومة من أجل توفير غطاء لضربها أو جرها إلى حرب استنزاف قد يطول أمدها.

وردا على تلك التحذيرات قال أبو أحمد: "خسارة الكوادر البشرية والقيادية استنزاف بالنسبة للمقاومة فيما أن إطلاق مئة صاروخ من غزة باتجاه الأراضي المحتلة عام 1948 لا يعتبر استنزافا لقدراتنا".

ويظل التصعيد في الأراضي الفلسطينية يقع بين الفعل وردود الفعل فيما ما تزال الأيام حبلى بالمفاجآت خصوصا أن دخول كتائب القسام بصفتها طرفا رئيسيا في جولة التصعيد الأخيرة على عكس ما كانت عليه في الجولات السابقة يؤكد أن هناك رؤية لدى المقاومة مداها أبعد من الصاروخ.

البث المباشر