غزة-كمال عليان-الرسالة نت
جاء الشتاء بأمطاره الغزيرة، وبرده القارص، وتوالت زيارات الوفود الأوروبية والعربية إلى قطاع غزة، وبالتحديد إلى المناطق المدمرة، ولكن المعابر مازالت مغلقة، وحلم الإعمار مازال يراود أهالي البيوت المدمرة، والناس في الخيام ضاقوا ذرعا بقطرات المطر التي أغرقت خيامهم.
يتساءل أصحاب البيوت المدمرة: ما فائدة الوفود ما لم تحقق الوعود؟ وأي شتاء سيقضونه في بيوت لا جدران فيها أو سقف يحميهم من المطر المتساقط فوق رءوسهم؟ ولسان حالهم يقول: "لا نريد كثرة الزوار ولكن نريد الإعمار".
وكان أكبر وفد برلماني أوروبي تضامني مع غزة قد زار مناطق الدمار التي خلفتها الحرب الصهيونية الأخيرة في منطقة حي السلام وعزبة عبد ربه والعطاطرة والفاخورة في شمال غزة, وذلك للوقوف على الأوضاع المأساوية لأهالي القطاع بعد مضي عام على الحرب الصهيونية الشرسة على غزة.
سئمنا الوفود
عزبة عبد ربه شرقي مخيم جباليا كانت من أكثر المناطق التي تؤمها الوفود الزائرة، وكانت الوجهة الأولى للوفد الأوروبي قبل يومين، نظرا لأنها تعد من أكثر المناطق التي شهدت أبشع صور التشريد والتدمير.
محمد عبد ربه (55 عاما) رب أسرة من 14 فردا فقد بيتا من طابقين، ولجأ هو وعائلته إلى خيمة بجانب أنقاض منزله المدمر بعدما فقد الأمل في استئجار منزل، أبدى انزعاجه الشديد من كثرة الوعود التي تلقاها من الوفود بإعادة إعمار بيوتهم ولكنها لم تنفذ.
ويقول بحسرة: "بعد مرور عام على مأساتنا لم يتغير من حالنا شيء، بل زاد الأمر سوءا"، مبينا أنه نقل معاناته للوفد الأوروبي الذي زارهم.
وتساءل عبد ربه متى ستضغط هذه الوفود على دولة الاحتلال كي يدخلوا مواد البناء، متمنيا أن يتم ذلك في أقرب وقت.
أما المواطن أبو خضر (53عاما) الذي شيد بيت متواضع من الصفيح بجانب ركام بيته بعد أن يئس من الوعود ولم يعد يثق بشيء، أشار إلى أنه لا يضع آماله كثيرا على مثل هذه الوفود التي لن تستطيع أن تلزم الاحتلال بشيء حسب قوله.
وقال: "نحن لا نريد وفود أوروبية أو عربية تأتي لتنظر إلينا وكأننا أصبحنا منطقة للتنزه، إنما نريد من يأتي ليفتح المعابر ويبني بيوتنا"، موضحا أنه لا يحتاج من أحد دعما إنسانيا بقدر ما يحتاج إلى إعادة بناء بيته وستر زوجته وأطفاله.
دون جدوى
وغير بعيد عنهم استقر المقام بالمواطن الستيني أبو خالد عليان هو و16 من أفراد عائلته داخل خيمة صغيرة، وتوزع بعض أبنائه وأحفاده بين بيوت أقارب وبيوت مستأجرة.
يقول: "منذ انتهاء الحرب وكل يوم يأتي علينا وفد جديد ولكن دون جدوى ولا إعمار"، مؤكدا على أن أكثر ما يؤلمه هو غياب أي أفق لحل قريب لمشكلتهم الصعبة.
وأضاف عليان: "قبل يومين جاء وفد أوروبي كبير وأطلع على حياتنا الصعبة وقد شرحت لهم طبيعة الحياة التي أعيشها حاليا"، متمنيا أن يضغط هذا الوفد على (إسرائيل) لفتح المعابر وإعادة إعمار البيوت.
أما أم فادي عبد ربه لم تخف غضبها من الوفود والمؤسسات الدولية والتقصير في تلبية مطالبهم، فقالت:" لقد سئمنا كثرة الوفود ونريد حلا لمشكلتنا"، مشتكية من كثرة نقص المياه والانقطاع الدائم للكهرباء.
وبغضب شديد أضافت: "لا مأوى لنا من برد الشتاء ولا حر الصيف، فلقد انقضى عام على الحرب وكل يوم نستقبل وفود أوروبية وعربية توعد ببناء بيوتنا، وصحافة تسأل عن حال الديار"، مبينة أنهم يعيشون أسوأ أيام حياتهم.