يجمع مختصون في الشأن "الإسرائيلي" أن استقالة ايهود باراك وزير الحرب "الإسرائيلي" واعتزاله الحياة السياسية كانت خطوة متوقعة بعد فشله في عملية "عامود السحاب" التي أعلنها لبدء جرائمه في قطاع غزة.
ويرى المختصون أن فشل باراك في الحياة السياسية بشكل عام هو ما دفعه لأخذ هذه الخطوة الاستباقية والإعلان مبكراً عن اعتزاله العمل السياسي مستقبلاً.
ناجي البطة المختص في الشأن "الإسرائيلي"، يؤكد أن استقالة باراك كانت متوقعة في أي لحظة لفشل جيشه في تحقيق ما يشفع له في العدوان الأخير.
ويوضح البطة في حديث لـ "الرسالة نت"، أن باراك باستقالته لا يريد أن يكون "كبش الفداء" الذي يتحمل تبعات الإخفاق في العدوان على القطاع.
وكان باراك قد أعلن ظهر اليوم الاثنين، استقالته من الحكومة "الإسرائيلية"، واعتزال الحياة السياسية على خلفية فشله في إدارة المعركة الأخيرة بالقطاع.
وأكد باراك خلال مؤتمر صحفي، أنه لن يخوض انتخابات للكنيست القادم، مع بقائه وزيرا للحرب حتى تشكيل الحكومة المقبلة بعد اجراء الانتخابات.
فشل أهداف الحرب
ويبيّن البطة أن باراك وضَع هو والحكومة "الإسرائيلية" أهدافا للعملية العسكرية "عامود السحاب"، بيد أن هذه الأهداف لم تتحقق، وفشل جيشه بشكل كبير في تحقيقها.
ويشير إلى أن الشارع "الإسرائيلي" يتفق في معظمه على أن أي قائد يستقيل من منصبه لا يكون سبباً في الاخفاق، لافتاً إلى أن هذا ما دفع باراك لإعلان استقالته مبكراً قبل اجراء الانتخابات "الاسرائيلية".
ولفت البطة إلى أن كل ما سيجري بعد الحرب من تداعيات له تأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على الانتخابات "الإسرائيلية" المقبلة.
ويؤكد أن نتائج الحرب على غزة ستغير أشياء كثيرة في "إسرائيل"، وسيكون لها تأثير كبير على القادة "الإسرائيليين" الذين كانوا السبب الرئيسي في العدوان.
الفشل السياسي
بدوره، يرى نهاد الشيخ خليل المختص في الشأن "الإسرائيلي"، أن السبب الرئيسي في اعلان باراك هو فشله بشكل مباشر في تأسيس مكانة سياسية قوية لنفسه خطط لها طويلاً لتتناسب مع أهدافه السياسية، مبيناً أنه اتضح لباراك لاحقاً صعوبة الأمر وأنه لن يحقق شيئاً ذا قيمة في الانتخابات المقبلة.
ويقول الشيخ خليل لـ "الرسالة نت"، إن وزير الحرب برّر سبب انسحابه من الحياة السياسية بأنها لم تحقق له شيئاً على المستوى الشخصي وهو ما لم يكن متوقع منه.
ويضيف: "الاعلان عن الاستقالة هو إعلان عن فشله الاستمرار في الحياة السياسية"، لافتاً إلى أن باراك حاول أن يحقق لنفسه موقعاً ملائماً ليدخل بقوة الانتخابات المقبلة ولكنه لم يحقق ذلك رغم شعبيته التي ارتفعت قليلاً في السنوات الأخيرة.
ويشير الشيخ خليل، إلى أن وزير الحرب حاول أن يحصن نفسه بالتحالف مع حزب الليكود ولكنه فشل في تحقيق مبتغاه ما دفعه لليأس من الحياة السياسية وإعلانه اعتزالها.
ويرجع الشيخ خليل سبب الاستقالة بشكل جزئي، إلى الفشل الذي لحق بجيش باراك في الحرب الأخيرة على غزة.
وبين أن فشله في تحقيق الأهداف المنتظرة من الجمهور "الإسرائيلي" وعدم حصوله على المقابل المناسب من الحرب دفعه إلى مثل هذه الخطوة.
تراجع "اليمين"
المحلل السياسي حسن عبدو، عدّ أن الهزيمة التي منيت بها "إسرائيل" هي الدافع الأساسي وراء استقالة باراك، مشيراً إلى أن "عامود السحاب" كشفت عن ضعف بنيوي في الحكومة والجيش "الإسرائيلي".
ويرى عبدو أن "إسرائيل" ستدخل أزمة تاريخية ناجمة عن آثار الحرب، لما لحقها من فشل لم يكن متوقع على أسوأ التقديرات "الإسرائيلية".
ويؤكد أن استقالة باراك هي أول دفع الثمن لهذه الحرب الفاشلة، مبيناً أنه من المتوقع اخضاع باراك إلى التحقيق والمحاكمة لفشله.
ويقول عبدو، إن حظوظ باراك كانت ضعيفة جداً في الانتخابات، والحرب على غزة كانت فرصته الأخيرة للعودة بقوة، لافتاً إلى أنه غير مستَغرب من تقديم باراك استقالته واعتزال الحياة السياسية وفق إعلانه.
وتوقع عبدو أن يشهد اليمين "الإسرائيلي" بأكمله تصدعاً وبداية تراجع في الحياة السياسية، لأنه قاد أفضل الحروب في تاريخ "إسرائيل".
ويضيف: "استقالة باراك لن تؤثر على نتنياهو أو ليبرمان في الوقت الحالي، ولكن تأثيرها سيكون واضحاً في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة".