قائمة الموقع

مقال: عن استئناف المفاوضات والأوهام المتجددة..!

2012-12-17T07:09:52+02:00
نواف الزرو

يبدو أن هناك اتفاقاً أو تنسيقاً ما، على ترتيب لاستئناف المفاوضات السياسية في عمان في شباط القادم بعد الانتخابات (الإسرائيلية)، فما الذي جدّ يا ترى حتى تتجدد الانتخابات...؟ هل تعهدت (إسرائيل) مثلاً بأن تتزحزح عن ثوابتها ولاءاتها...؟ هل تعهد نتنياهو مثلاً، الذي من المرجح حسب التقديرات (الإسرائيلية)، أن يعود رئيساً للحكومة (الإسرائيلية) مرة ثالثة، بالاعتراف بالحقوق الفلسطينية وفي مقدمتها عدم اجتياح مناطق السلطة الفلسطينية...؟ هل سيقبل نتنياهو أصلاً بالانسحاب الكامل، كي تقام الدولة الفلسطينية...؟ هل سينسحب من القدس...؟ هل سيفكك المستعمرات في نهاية الأمر...؟ هل سيوقف الاستيطان...؟ جملة كبيرة من الأسئلة الكبيرة، التي في الحقيقة لا نحتاج إلى إجابات عليها، فكل الأمور الواضحة، والأدبيات والسياسات والبرامج والمواقف واللاءات والنوايا والاستعدادات (الإسرائيلية) واضحة تماماً، فليس هناك من أفق أبداً في أن تفكك (إسرائيل) مستعمرة واحدة، أو أن تحرك جندياً واحداً عن نهر الأردن، فلماذا إذا استئناف المفاوضات من أجل المفاوضات...؟ فكل العملية هدر للوقت والزمن والجهد، وتكريس للاستيطان والاحتلال.

ففي الاستيطان على سبيل المثال، بات العالم كله تقريبا يجمع على مطلب "وقف الاستيطان اليهودي-وليس تفكيكه، مقابل تطبيع عربي كامل"، ولكن رغم ذلك فإن (إسرائيل) لا تزال ترفض بالإجماع مثل هذا الموقف، بل أصبحت تطالب الفلسطينيين والعرب بالعري الكامل...!

الصراع الحقيقي الجاري على أرض فلسطين ليس حول "وقف أو تجميد الاستيطان"، فالاستيطان بكامله غير شرعي وغير قانوني، وهو اعتداء على المواثيق والقرارات الأممية، وعلى الوجود والحقوق العربية الفلسطينية برمتها...!

أعلنت القيادة الفلسطينية أنها سوف تستأنف المفاوضات من موقف مختلف بعد الاعتراف بفلسطين "دولة غير عضو"، غير أن (إسرائيل) لا تعتقد ذلك، بل تصر القيادة (الإسرائيلية) على أن هذا الاعتراف لن يغير شيئا على الأرض، ونحن نعتقد أنه حتى لو لبّى الفلسطينيون شروط نتنياهو وباراك وليبرمان وغيرهم، المتعلقة بالدولة الفلسطينية المحجمة والمجردة والمقطعة الأوصال، والتي ليس هناك من أفق حقيقي لها، وحتى لو اعترفوا بـــ(إسرائيل) دولة الشعب اليهودي"، وحتى لو لبّى العرب شروط (إسرائيل) ومطالبها المتعلقة بالتطبيع الشامل مقابل توقف أو تجميد الاستيطان، فإن(إسرائيل) لن تلتزم بالمطالب الفلسطينية العربية الدولية، ليس فقط المتعلقة بالانسحاب من الأراضي المحتلة ومنها القدس، وإقامة الدولة الفلسطينية، بل حتى بوقف الاستيطان إلا إعلامياً-استهلاكياً تضليلياً، بهدف كسب الوقت وبناء المزيد والمزيد من حقائق الأمر الواقع الاستيطاني، ذلك أن الاستيطان هو العمود الفقري للمشروع الصهيوني برمته، فإذا انكسر الاستيطان ينكسر المشروع الصهيوني..!

إلى ذلك، أعلن نتنياهو أمام سفراء 27 دولة أوروبية قائلاً: (الإسرائيليون) غير مستعدين لأن يكونوا أضحوكة، توجد شروط لتجميد المستوطنات، (إسرائيليون) كثيرون مستعدون لتقديم تنازلات كثيرة للفلسطينيين، لكن شيئا واحدا هم غير مستعدين له: أن يكونوا أضحوكة، وعليه إذا كان أحد يريد أن أجمد المستوطنات، فإني أتوقع من الفلسطينيين أن يعطوا المقابل".

فماذا يريد نتنياهو من الفلسطينيين والعرب بالمقابل؟

وليس ذلك فحسب، فقد كان نتنياهو أعلن: أريد أن أقول من هنا من على منصة الكنيست لكل شعب (إسرائيل)، أن الليكود يسعى لتحقيق السلام، لكن التاريخ أثبت، أن السلام يتحقق انطلاقاً من القوة وليس من الضعف، ووفقا لقراءة صحيحة للواقع"، ويذهب نتنياهو أوضح من ذلك ليؤكد "أن لا بديل عن استمرار السيطرة (الإسرائيلية) على الضفة الغربية"، ونقلت إذاعة الجيش (الإسرائيلي) عن نتنياهو قوله: "لا أحد ولا حتى أبو مازن يستطيع القيام بعملنا، إذا ما خرج جيشنا من المنطقة فإن "حماس" وإيران ستدخلان إليها".

وتحدى نتنياهو العالم العربي، قائلاً:" لن تستطيعوا هزيمتنا طالما بقينا فوق جبال الضفة الغربية، ونحن يجب علينا أن لا ننسحب من هضبة الجولان بل علينا البقاء فيها".

ولا ينفرد نتنياهو وحده في هذه المواقف والرؤى الجدارية الجابوتنسكية، بل ينضم إليه سابقون وراهنون ولاحقون كثيرون من أقطاب (إسرائيل).

كان المحلل (الإسرائيلي) "الوف بن" قد أطلق على السلام الذي تريده (إسرائيل) اسم "السلام المسلح" على الطريقة الجابوتنسكية والبن غوريونية والشاميرية والرابينية والباراكية والنتنياهوية...

والسلام الذي يريدونه يقوم على أساس "اختفاء الطرف الآخر الفلسطيني سياسيا وحقوقيا" كما يؤكد الكاتب والباحث (الإسرائيلي) ميرون بنفنستي، وبعد "أن يتم تفكيك البنى التحتية للإرهاب الفلسطيني.. واستكمال بناء الجدار" الذي أخذ يفرخ عشرات الجدران الأخرى..، لكن الأهم والأخطر، بعد أن يعلم الفلسطينيون والعرب أطفالهم وأجيالهم على روح ومعاني الصهيونية...!

ولذلك، بدل هدر الوقت وهو ثمين جداً ولا يعوض أبداً، و(إسرائيل) تعمل على كسب الوقت بالمقابل، من أجل إقامة المزيد والمزيد من حقائق الأمر الواقع، من الأجدى البحث عن خيارات أخرى غير المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة، التي لا تعني لنتنياهو سوى كسب الوقت وتكريس ما هو قائم والعمل على تهويد ما تبقى...!

صحيفة العرب اليوم الأردنية

اخبار ذات صلة