يسود (اسرائيل) في الايام الأخيرة حاله من القلق والتخوف الكبير في اعقاب اعلان اوباما نيته تعيين السناتور الجمهوري السابق لمنصب وزارة الدفاع الأميركية خلفا للحالي جون بانيتا. هذا القلق يجد له مساحات كبيره في الاعلام (الإسرائيلي) المقروء والمرئي.
ويترافق ذلك مع تصريحات واقوال لبعض السياسيين (الاسرائيليين) الذين يعربون عن قلقهم من مستقبل العلاقات مع وزارة الدفاع الأميركية, "لكن اسرائيل الرسمية، حكومة ووزراء يلوذون بالصمت مفضلين عدم الحديث خوفا من عاقبة الامر"، سيما بعد تجربتهم في دعمهم الصريح للمرشح الجمهوري ميت رومني , مكتفين بممارسة الضغوط السرية بواسطة "اللوبي اليهودي" وعبر اصدقاؤهم في مجلسي النواب والشيوخ.
وإن اضطروا للحديث يؤكدون أن رومني صديق لـ (إسرائيل) وسيكون وفيأ للعلاقة الاستراتيجية التي تأخذ المصالح الأمنية لإسرائيل على محمل الجدية "حسب دانى ايلون" نائب وزير الخارجية.
حجم المخاوف (الإسرائيلية) من تعيين هيغل كبيره تصل حد الفزع وحد اعتبار تعيينه يأتي في سياق معاقبة نتنياهو.
يقول بلوتسكر كاتب في صحيفة "يديعوت" بمقال حمل عنوان عقاب أوباما :"إن التعيين عباره عن الوجبة المُرة التي اعدها اوباما لنتنياهو, وهو الكابوس الذى لا سواه عند حكومة اليمين التي ستتشكل".
وربط الكاتب تأثير التعيين بطبيعة الحكومة اليمينية التي ستتشكل وكأنه يقول للجمهور احذروا من حكومة يمين في ظل ترؤس هيغل لوزارة الدفاع الاميركية.
رؤوفين ريبلين رئيس "الكنيست" المنحلة يقول إن "نظرة هيغل للسياسة الخارجية لا بد ان تكون مبعث قلق لإسرائيل لكن يجب ان لا تخيفها".
بينما بوعز بسموت من صحيفة "اسرائيل اليوم"، يصف شخصية هيغل بأنه "مثالي في زمن مثالي لا توجد فيه حروب", وفى محاولة لتقليل حجم تأثيره على وزارة الدفاع، يقول" إن ما تأمله اسرائيل هو ان يهتم اصدقاؤها الكثيرون في وزارة الدفاع بإعادة الوزير الى النهج القويم"
من هيغل؟
سناتور جمهوري سابق من نبراسكا ذو افكار اصيلة كما يقول اوباما, خدم في الجيش الامريكي وشارك في حرب فيتنام كقائد لفرقة مشاه وخرج منها مصدوما من هول ما شاهده من فظائع الحرب.
ويبدو ان سنيين خدمته في فيتنام رسخت في وعيه نفوره من الحروب، ويعتبر الحرب الملاذ الاخير الذى يمكن اللجوء اليه عند الاضطرار.
يقول عنه اوباما في هذا الصدد "جئتكم برجل عاش الحرب فقد كان في الوحل وعاش فيه وقد جاء من هنالك"، وهو مثل اوباما عارض الحرب على العراق بل وتجول معه في جولات في العراق وافغانستان ويبدو انهما هناك اتفقا على سحب الجيش الاميركي من افغانستان.
أما على المستوى السياسي فله موقف شديد الانتقاد من اللوبي اليهودي حيث يقول في كتابه "امريكا الفصل التالي": "انا سناتور امريكيا ولست سناتورا اسرائيليا واللوبى اليهودى يخيف الكثيرون هنا ".
ويعتبر محافظا اصيلا يضيق ذرعا بان تملي (اسرائيل) على امريكا بواسطة جماعات الضغط اليهودية سياستها في الشرق الاوسط , وهو على خلاف التيار المركزي في امريكا يطلق على الايباك اسم اللوبي اليهودي، ولا يستخدم كلمة لوبي اسرائيلي، وهذا يثير حساسية اليهود لان القانون الامريكي يسمح بوجود لوبيات للتضامن مع دول اخرى من منطلق المواطنة الامريكية.
لكن كلمة لوبي يهودي تعنى ان اليهود يتضامنون مع (اسرائيل) كونهم يهود امريكان يتماثلون الهوية مع اليهود، أي انهم قومية في امريكا تنتمى لدوله أخرى.
وفى عام 2004 عارض فرض عقوبات اقتصاديه على ايران وليبيا، وكان سابقا قد عارض الحرب على العراق، ويعتبر الصراع العربي الاسرائيلي اساس عدم الاستقرار في المنطقة , ويطالب بمحاورة ايران في محاوله منه لاستقطابها عبر اشراكها في دور أمنى شرق اوسطي كما رفض التوقيع على وثيقه تطالب الاتحاد الاوروبي بإدراج تنظيم حزب الله على قائمة الارهاب وكذلك طالب بمحاورة حماس, أي انه على مستوى السياسة الخارجية يبدو معتدلا ينفر من الحروب، يقدم الحوار ويرى من خلاله سبل لتعظيم مصالح امريكا وتحسين صورتها، ولا يضع العلاقة مع اسرائيل على حساب العلاقة بالدول العربية .
لكن الهجوم الاوسع والاكثر فظاعة على هيغل يأتي من حزبه الجمهوري , فعلى الرغم من انتمائه للحزب الجمهوري وتمثيله للحزب في مجلس الشيوخ في دورتين عن ولاية نبراسكا الا ان الحزب الجمهوري يمارس ضغوطا كبيره على اوباما لإفشال التعيين ومن المتوقع ان يخضع هيغل لاستجواب كبير وضغط واضح اثناء استجوابه امام لجنة التعيينات.
استخدم الجمهوريون مجموعه كبيره من الشخصيات الاهم في حزبهم لمهاجمة هيغل بقيادة جون مكين المنافس الاسبق على رئاسة البيت الابيض فأقاموا بحملة تشهير كبيره به اعتمدت بشكل اساسي على موقفة من (اسرائيل) وركزت الضوء على مجموعه من تصريحاته ونشاطاته السابقة التي يبدو منها كأنه معاد لإسرائيل, مما اضطر هيغل واوباما معه لإرسال رسائل للوبي اليهودي تجدد التأكيد على عمق العلاقة معها.